50 عاماً على ميلاد أبادماك: ياي بلدينا وكلنا أخوان بقلم عبد الله علي إبراهيم

50 عاماً على ميلاد أبادماك: ياي بلدينا وكلنا أخوان بقلم عبد الله علي إبراهيم


12-11-2018, 03:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1544494998&rn=0


Post: #1
Title: 50 عاماً على ميلاد أبادماك: ياي بلدينا وكلنا أخوان بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 12-11-2018, 03:23 AM

02:23 AM December, 10 2018

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر



(بحلول الفاتح من يناير 2019 يكون قد مر نصف قرن على تأسيس تجمع الكتاب والفنانين التقدميين (أبادماك). وأكتب اليوم عن زمالة إبداعية نشأت بين تجمعنا وفرقة جاز موسيقي الرجاف لشباب جنوبي بقيادة الموسيقار إسماعيل واني. انضمت الفرقة لتجمعنا محتفظة بشخصيتها. وكانت ضمن قافلتنا الثقافية التي طافت بقرى ومدن الجزيرة في أغسطس 1969. وهذه حكاية عن ذيول لهذه العلاقة كنت فيها ضيفاً عام 1980 على إسماعيل وفرقته في مدينة ياي التي انتقلوا إليها من الخرطوم بعد اتفاقية أديس أبابا في 1972.
ياي 1980: إسماعيل واني والطالبان المسيحيون

نعي السيد كال عبد الله البدوي الفنان الشيخ القارئ يوسف فتاكي علي باب زميلتنا آمال عباس (2 إبريل 2004). ويوسف فنان يذكر له الناس "ياي بليدنا وكلنا إخوان". وأنا قارئ متيم قديم بالأستاذ كمال لكتاباته في جريدة الأيام منذ الستينات عن الجنوب عن خبرة غراء فيه، وولع شقي به. وكنت ذكرت قبل أيام زيارتي لياي في يوليو 1980 ضمن مشروع المسح اللغوي الذي رتبه معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم وأشرف عليه الصديق الدكتور عشاري أحمد محمود. وقد أسعدني الزمان بلقاء المرحوم يوسف فتاكي. وصحبني في الزيارة إسماعيل واني وزميله ساترينو. وكنت أقمت خلال الأسبوع الذي قضيته في ياي ضيفاً علي واني وأسرته.

ولعشرتي مع واني قصة استعدتها في مناسبة المناقشة التي علي صفحات "سوانيزأونلاين" علي الإنترنت لتاريخ وخبرة تجمع الكتاب والفنانين التقدميين (أبادماك) (1996-1971) الذي توليت سكرتاريته بين 1969 و1971. وبالطبع كان من بين المحاورين بعض مثقفي "الفتاشة". والفتاشة لمن لا يعرف آلة أسطوانية من المعدن يطعن بها التاجر شوال العيش فيتجارى شيء منه من الشوال عبر الفتاشة الي يده ليفحصه ويتأكد من نظافته قبل أن يشتريه. ومثقفو الفتاشة (وهي آلة حدباء مغرضة جداً لا زينة لها ولا رونق) كلما جاءت سيرة منظمة من السودان القديم سألوك: "وأين منزلة الجنوبيين فيها؟" ولم يكن السؤال في هذه المناسبة موفقاً. فقد كان بأبادماك فرقة موسيقية كاملة من شباب الجنوبيين اسمها "الرجاف" بقيادة واني. ولم يكن السؤال موفقاً من جهة اخري. فقد كنا في أبادماك أمميين: شيوعيين قبل. وكنا سعداء بالرجاف بسبب أن اعضاءها من شباب العمال في الشركات والمصانع في الخرطوم. وكانت حقيقة انهم جنوبيون مجرد هوادة أو تمر هبوب أو هبباي يسارية. وبعد تضعضع أبادماك واتفاقية الجنوب 1972 هاجرت الرجاف الي جوبا ثم الي ياي التي هي بلدة كل أبناء الفرقة. وأذكر منهم ساترينوالذي كان ينقل الفرقة بعربة الشركة التي عمل بها في سوق الخرطوم. وأفتتح واني نادياً ليلياً في ياي.

كانت ياي في غاية التوتر الثقافي. فقد إنتشرت فيها حركة مسيحية "طالبانية" قادمة من يوغندا. ولو أذكر كان اسمها البروكل أو البراكيلا. وكانت بمثابة شرطة اخلاقية دينية لهجر الرجز. ويبدو أنها مما يسفر عنه الدين فيما يظنه انحلالا وسفهاً حل بين العباد. وقد كانت الحركة تبشيرية بالطبع. فقد قيل إنهم قصدوا حجر كايو الذي يقدسه الناس الذين على العقيدة الدينية التقليدية. وقد طردهم المؤمنون بحجر كايو. وعلق لي أحد معتنقي البروكل أن كلمة الله لا تنتصر إلا بالتعب. وسمعت عن شباب أنصار السنة يهاجمون قبة الفكي أب نيران في كرقس الرباطاب في منتصف الثمانيات حتى هشهم منه رجل ذو عزيمة. وقال لهم: "لقد تربى أبواتكم من صحن السنسنة الذي يأتي به الناس زوارة للفكي. شبعتوا ياأولاد . . . ونطيتوا من البحر".

وكانت ياي من الجهة الأخرى سادرة في طربها المعتاد حول نادي الرجاف الذي يستورد بيرته عظيمة الحجم من الكونغو. وقد رأيت هذا التوتر يأخذ بخناق عائلة واني نفسه. فقد اعتنقت زوجه وبناته البروكل بينما كان هو رأس هوس المدينة ومغنيها الماجن أو الواعظ. وكان لأسرته دينها وله دين. وكانت له اغنية جديدة اسمها "ليه انت تبكي؟" أخذت بألباب الناس. وهي في أصلها العربي:

ليه انت تبكي؟

براك غيرت حبي

وعملت قصة مع صديقي

ليه تاني ترجع؟

ومنو عملت شنو؟

ما لقيتو كلو سوا سوا

ما فيش أي فرق

ما في أي فرق

والله ما في فرق

أبداً ما في فرق

وليه إنت تبكي؟

معليش انا ما بلومك

عشان دي مش منك

دا من قلب الجدادة العندك

كلو يوم بقنب سخن سخن

إلا يكمل البيت دا كلو

وليه انت تبكي.

أنا ما ديرك تاني

أنا خليتك ليهو

أنا ما دايرك تاني.

وغداً اتحدث عن لقائي بالمرحوم يوسف فتاكي بياي.

أبادماك.jpg