التحدِّيات القانونِيَّة فى جرِيمَةِ أغتِيالِ جَمَال خَاشُقجِى بقلم عبد العزيز عثمان سام

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 05:22 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-07-2018, 07:14 PM

عبد العزيز عثمان سام
<aعبد العزيز عثمان سام
تاريخ التسجيل: 11-01-2013
مجموع المشاركات: 245

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التحدِّيات القانونِيَّة فى جرِيمَةِ أغتِيالِ جَمَال خَاشُقجِى بقلم عبد العزيز عثمان سام

    06:14 PM November, 07 2018

    سودانيز اون لاين
    عبد العزيز عثمان سام-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    ما زالت جريمة إغتيال الكاتب الصحفى جمال خاشقجى بتلكِ البشاعة وتقطيع جُثْمَآنِه بمُنشَار وإخفَاءِه وتبْدِيدِه تَحْتَلُّ صَدَارة الأحداث التى وَقَعَت فى العالمِ أجْمَع وظَلَّ يشغِلُ الجميع ويحْتَلُّ وقتهم فى مُتابعَةِ أحداثِها وسيناريوهاتها التى تمتدُّ وتزِيد كبُقعَةِ زَيتٍ فى مُسَطَّحٍ مَائِى.
    وتستمِرُّ التحَدِّيَات القانونية لِمَا بعد الإنتهاء من التحرِّيات وجمعِ البيِّنات بما فى ذلك جُثَّةِ المرحُوم ومكانِ أخْفَاءِه، وهل قامَ الجُنَاةُ بترحِيلِها إلى السعودية؟.
    بعد إكْمَال الجوَآنِب الإجرآئِية من تحَرِّى وتحقِيق وتكوين قضِيَّةِ إدِّعَاء مُتكَآمِلَة ستنْشَأ تحدِّيَات كبيرة ومُعقَّدة ليست أقلَّ من التحدِّياتِ التى وآكَبتِ المرحلة الآوْلَى منذ دخول القتِيل القنصلية السعودية وقتلِه غدْرَاً مع سَبْقِ الإصرَارِ والترَصُّد، وتقطِيع جسده وإخفاءه مع غياب تام لسلطَةِ الدولة التُركِيَّة المُضِيفة للقنصُلِيَّةِ مسرَحِ الجرِيمة رغم تبلِيغِها بآكِرَاً بدخول القتيلِ إلى القنصليةِ وعدم خرُوجِه منها. نعَمْ تمَّ تبليغ السُلطات التُركيَّة فى وقتٍ مُنَاسِب كان كفِيلاً للقيَامِ بفعِلٍ إيَجابى لمنعِ وقُوعِ الجريمة، وبأسْوَأ تقدير منعِ التمثيلِ بجُثمَآنِه وتقطيعِه وتبدِيدِه، وعلى أدنَى حَد منعِ إفْلِاتِ الجُنَاةِ من التوقيف، وتحرِيز مسرَحِ الجرِيمَة وضبطِ الأدِلَّةِ الجنائية والجُنَاة والشهود الذين كانوا فى المُتناولِ من الهروب من تُركيا إلى السعودية.
    التحدِّيَات القانونية التى تُوَآجِه قضية إغتيال جمال خاشقى فى مرآحِل لآحِقة، الآتِى:
    1. المحكمة المُختَصَّة والقانون وآجِب التطبِيق:
    من نافِلةِ القول أنَّ المحكمةَ المُختصَّة بمحاكمَةِ جريمة إغتيال جمال خاشُقجى دآخل القنصلية السعودية فى إستانبول هى المحكَمَة الجنائية التُركِيَّة المُختَصَّة التى وقعَتَ الجريمة فى دَآئرَةِ إختِصَاصِها وأمام قاضِيها الطبيعى. وربَّما رأى رئيس القضاء التركى إنشاء محكمة كُبرَى خَاصَّة لمُحاكمتها لأهمِيَّتِها وتشَعُّبِ العناصِرِ المشَارِكةِ فيها، ولكُونِ الجريمة وقعَت دآخِل قنصلية دولة أجنبِيَّة وما يقتضِى ذلك من ضُلوعِ أشخاص دبلوماسيين يتطلَّبُ مُخاطبَة دُوَلِهم لإسْقَاطِ حصَانَاتهم لتقدِيمِهم للمُحَاكمةَ أمام المَحَاكِم الوطنية المُخـتَصَّة. هذا هو الأمر الطبيعى لو أنَّ الأمُورَ سارَت بسَلاسَة، وأنَّ الجًنَاةَ تعامَلُوا مع الأمر دون تصمِيم مُسْبَق على تعْقَيدِه وتدْوِيلِه، وخلقِ وِآقِع دولِى مُعقَّد كالذى هو مِآثِل اليوم.
    فما الذى حدثَ وجعَلَ الأمر مُعقَّدَاً فى انتِظارِ فَكِّ طلآسِم الإختصاص التى تشَابَكَت والقانون وَآجِب التطبِيق الذى تلآطَمَ أمْوَاجُه؟.
    الذى حدث، أنَّ الجريمَةَ أكتملَ إرتكابِها دَآخِل قنصُلِيَّة السعودية فى إستانبول، وبعد قتلِ الضحيَّة قامَ الجُنَاةُ بتقطِيعِ جُثَّتهِ وتبدِيدِها وإخْفَاءِها، وإمتنعُوا عنِ الكشفِ عن مكَانِها حتَّى الآن. وأنَّ الجُنَاةَ تمَكَّنُوا من الهرَبِ من تركيا إلى السعودية من حيثُ أتُوا فورَ إتْمَآمِهم إرتكاب الجريمة كما هو مخطط لها. وحكومة دولة تركيا وإدِّعَاءِها العَام المُختَص بلا مُنَازِع بالبحثِ والتحرِّى وضبطِ وإحضَارِ الجُنَاة وتوقِيفِهم وتقدِيمِهم للمُحَاكَمةِ أمام القضاء التُركِى بالقانونِ الجنائى التركى وإجراءاته أصبح لا يعرف شيئاً عن مكانِ الجُنَاةِ ولا الجُثَّة إلَّا من التسرِيباتِ التى تصدرُ من سُلطَاتِ السعودية من وقتٍ لأخر بتضَارُبٍ لا مثيلَ له.
    تقدَّم الإدعاء العام التركى للسُلطاتِ السعودية بطلبٍ لتسليمِها الجُنَاة الذين حضرُوا إلى تركيا وإرتكبُوا الجريمة ثُمَّ لاذُوا بالفرَارِ إلى السعودية، ولكنَّ السلطات السعودية "المُدَّعِى العام"ردَّ بلا تردُّد أنَّ السعودية لن تُسلِّمْ الجُنَاة وأنَّهم موقوفون لديها على ذُمَّةِ القضِيَّة، وأنَّهم سيُحاكمُون أمام القضاء السعودِى. وهنا نشأ تنازُع إختِصَاص بوضُوح ويتبعَهُ بالضرُورَة تحديدِ القانون وَآجِب التطبِيق، أو، أىِّ قانون سيُطبِّقه القضاءُ السعودِى على الجرآئم التى أرتكبت فى حقِّ جمال خاشقجى؟ ولمْ يرِدْ حتَّى الآن ما يفيدُ بأنَّ بين البلدين، تركيا والسعودية، اتِّفاق سآبِق لتبادُلِ المُجرِمين أو أىِّ من أشكَالِ التعاوُنِ القضَائِى. وفى ظلِّ هذا الوآقع المَآثِل عظُمَتِ الحَاجة إلى الفصلِ فى مسألتىِّ الإختصاص أو المحكمة المختصة بالنظَرِ فى قضية جمال جاشقى، والقانون وَآجِب التطْبِيق.
    ولا توجد صعوبة فى تقريرِ أنَّ المحكمة المُختصَّة هى المَحْكَمة التُركِيَّة التى وقعَت الجريمة فى دآئرَةِ إختصَاصِها، وأنَّ القانونَ وآجِبِ التطبيق هو القانون الجنائى التُركِى وإجراءاته وقوَآعِد إثباته. ولكن التحدِّى هو وآقعُ الحَال الذى نشأ عن هُرُوبِ الجُنَاةِ إلى بلدِهم السعودية التى أتوا منها ثمَّ قفلُوا عآئِدين إليها فورَ إتمَامِ مُهِمَّتِهم، مِمَّا عقَّدَ الأمر وخلَقَ وَآقِعاً يحتَاجُ لمُعَالجَة. والمعالجة تتِمُّ بإحدَى أمْرَين:
    الأوَّل: بالتوآفقِ والترآضِى بين الدولتين، تركيا والسعودية، يقضِى بتسلِيمِ تُركيا الجُنَاةِ الـ(15) الذين دخلوا تركيا ونفَّذو الجريمة ثمَّ عادُوا أدْرَآجِهم إلى السعودية، وهذه المُقاربة رغم أنَّها الأعْدَل والأنسب إلَّا أنَّها نظرِيَّة بعِيدَة المَنَال فى ظلِّ الظروفِ الرآهِنة، والتباعُدِ الوَآضِح فى وُجهَاتِ نظَرِ الدولَتين.
    الثانى: بتدخُّل من مجلسِ الأمن بالأممِ المتَّحِدة فهى مُختصَّة بحفظِ السِلْمِ والأمْنِ الدَولِيِّين. وبإعتِبارِ أنَّ قيامَ السعودية بعمليَّةِ قتلِ جمال خاشُقجى دآخِل قنصليتها فى تركيا تُعتبر إنتِهَاكاً صَآرِخاً لنوَآمِيس الشرْعِيَّةِ الدولية Normative Values”" وتهدِّدُ السِلم والأمن الدوليين وتختصُّ بحفظِهما مجلس الأمن بالأممِ المتَّحِدة، وتأسيساً على ذلك يقرِّر مجلس الأمن التدخُّل ويُصدِر قرارات لوضعِ حَدٍّ للإفلاتِ من العِقابِ Impunity وتقرِّر إحدَ أمرين وِفق مُقْتَضى الحال:
    1. أمَّا أن تصدرَ أمراً يقضِى بأن تُسلِّمَ السعودية الجنَاة الـ(15) لدولة تركيا لمُحَاكمتِهم هناك لأنَّهم باشرُوا قتلِ جمال خاشُقجى وقطَّعوا وبدَّدُوا جُثَّته دآخل قنصلية السعودية بإستانبول- تركيا، بإعتبَارِ تُركيا الدولة التى أُرتُكِبت الجريمة فى أرضِها. على أن يُكِلِّفَ مجلس الأمن لجنة قانونية Legal Panel للمتابعة وتقديم العون الفنى ورفع تقارير للمجلس لتميكِينِه من المُتَابعَةِ حتَّى إكتِمَالِ المُحَاكمَة بصِفةٍ نِهَائِيَّة، وهذه المُقَارَبة تنسَجِمُ مع المَجْرَى العادِى للأمُورِ وهى أقربُ للتقوَى، ويمنعُ التمآدِى فى الإثْمِ والعُدْوَانِ، ويضعُ حَدَّاً للإفلاتِ من العِقابِ، ويردِمُ الفجوة السَحِيقةِ فى العمل الدبلوماسى التى أحدَثَتها عمليَّةِ إغتيال جمال خاشُقجى دآخل قنصلية السعودية فى أرضِ تُركِيا. ورُبَّمَا أعادَت بعض الثِقة بسفاراتِ وقنآصِل الدول لجِهّةِ كونِها عادت مَقار آمِنَة يجوزُ للنَّاسِ إرتِيادِها بسَلام.
    2. بعد الحصول على موَافقة تركيا والتنازل عن حقِّها الطبيعى فى مُحاكَمةِ جريمَة وقعت فى أرضِها، أن يُصْدِرَ مجلس الأمن بالأمم المتَّحِدَة قراراً بإحالة قضية إغتيال جمال خاشُقجى لمحكمة جنائية دولية، وفى ذلك يتخَيَّر مجلس الأمن بين خيارين وِفق مُقتَضى الحَال:
    الأوَّل: أن يُقرِّرَ المجلس أنَّ القانون الوآجب التطبيق هو القانون الجنائى والإجرائى التركى، قانون الدولة التى وقعت فيها الجريمة، وفى هذه الحالة يُقرِّر مجلس الأمن تشكيل محكمة خاصَّة من قُضاة وإدعاء عام مُستقِلين ومحايدين من دُول ليس من بينِها السعودية وتركيا أو من يوالُونهُما، لضمَانِ النزَاهة والحِياد والمِهَنِيَّةِ التامَّة. وفى هذه الحالة تُسلِّم دولتى تُركيا والسعودية المُتهمِين والشُهود والأدِّلة المادية وبيَّناتِ الإدِّعَاء والقرَآئن، وكلِّ مُتعَلِّقات هذه الجريمة للمحكمَةِ الخَاصَّة وتساعِدها فى فهمِ كيفية الحصول عليها، ويُكوِّن الإدِّعَاء فى الدولتينِ أجسام مساعدة للإدِّعَاءِ العامِ المحكمة الجنائية الخاصَّة التى من حقِّ إدعاءِها العام إجراءِ المزِيد من التحريِّات والتحقيقات قبل بداية المحَاكَمَة.
    ملحُوظة: فى هذه الحالة، عملِيَّاً ينقلبُ عناصِرُ الإدِّعَاءِ العام فى دولتى تركيا والسعودية إلى شُهودِ إتِّهام ودِفَاع لتقدِيم البيِّنات والأدِلَّة والشهود لإثبات أو نفِى الجريمة.
    2. سيناريو الإحَالة للمحكمَةِ الجِنَائية الدولية بلاهاى- هولندا:
    قد يُقرِّر مجلس الأمن، لأسبابٍ تقتضِيها طبيعة الجريمة والجُرْأة البَالِغَة فى التخطيط لها وتنفيذِها بوآسِطة عناصر دولة أجنبية دآخل مقرِّ قُنصُليتها بأرضِ دولة أخرى مع سبقِ الإصرارِ والترصُّدِ، والبشاعة التى أُرتُكِبت بها الجريمة وما تلاها من تقطيع جُثَّةِ الضحِيَّةِ وتعبِئتِها وتبدِيدِها بحِرَفِيَّة عَالِية.
    فيقرِّر مجلس الأمن أن القوانينَ السَآرِية فى جمهورية تركيا وإختِبَاءِ السعودية التى إرْتَكَبَت الجريمة دآخِل قنصليتها بحصَانَاتٍ دبلُوماسية لا يمكن أن تُبَرِّرَ لإرتكاب جرآئم دآخل سفارات وقناصِلِ الدول، ولإستِحَالة التوَافُق بين الدولتين والتعاون فيما بينهما لإجراء محاكمة عآدِلة فى أىِّ من الدولتين: تركيا لأنَّ السعودية لن تَرضْ بتسلِيمِها المُتَّهمِين، والسعودية لأنَّها ليست الأرض التى أُرتُكِبت فيها الجريمة، وليس لها القدرة ولا الرَغبَة فى محاكمَةِ الجُنَاة الذين أرتكَبُوا الجريمَةَ لحِسَابِها.
    لذلك رُبَّمَا يرَى مجلسُ الأمن أنَّ من الأوْفَقِ إحَالَةِ قضية أغتيال جمال خاشقجى للإدِّعَاءِ بالمحكمة الجنايئة الدولية بلاهاى- هولندا "لنفسِ أسبَابِ إحَالة الوضع فى إقليم دارفور إعتباراً من يوليو 2002م إلى المُدَّعِى بالمحكَمَةِ الجنائية الدولية بمُوجِبِ القرار1593 لسنة 2005م بتاريخ 31 مارس 2005م". وفى هذه الحالة ينهضُ الإدِّعاء العَام بالمحكمة الجنائية الدولية بمباشرَةِ الإدِّعاء وجمْعِ البَيِّنات فى القضِيَّةِ وتحْرِيزِها ونقلِها إلى لاهاى- هولندا وِفق الإجراءات المعلومة التى تثاقَفَ عليها النَّاسُ خلال العِقد والنِصف المآضِيِّين. وأنا أفضِّلُ هذا الخِيَار منْعَاً للتلْبِيسِ والشَكِّ والمُحَاجَجَة دونَ سَبَب.
    وفى حالِ الإحَالةِ للمحكمة الجنائية الدولية يستطيعُ الإدعاء فى وقتٍ وجيز تحْرِيزِ البيِّنَات فى تركيا والمُطَالبَةِ بتسلِيمِ الجُنَاةِ من السعودية، وإكمَال بقِيَّة الإجراءات ويمكِنُها البدْءِ فى المحَاكمة فى أو قبلِ فبراير 2019م.
    والمِيزِة فى إختصَاصِ المحكمة الجنائية الدولية أنَّ إختصاصَها مُكمِّل لإختصَاصِ القضاء الوطنى للدولَةِ "إختِصَاص تكْمِيلِى Complementary Jurisdiction" ومُقتضى ذلك أنَّ إختصاص محكمة الجِنايات الدولية يبدَأ من حيث إنتهى عمل الإدِّعَاء العام لجمهورية تركيا ويكَمِّلُه. وأنَّ المحكمة الجنائية الدولية ستُطبِّق قوَآنِين تركيا الجنائية والإجرائية على الجريمَةِ وتُطبِّق "نظام روما 2002م" وحيث لا توجد نصوص فى القوَآنِين التُركِيَّة لتغطِيَةِ بعض الوقَآئع لسَدِّ الثُغرَات فيما لا نصَّ فيه فى القانون التركى. وهذا هو معنَى ومِيزَة "الإختصَاص التكْمِيلِى" الذى ينعقِدُ للمحْكمَةِ الجِنَائِيَّةِ الدولية.
    ويميِّز المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك المحاكم الجنائية الدولية الخاصة، أنَّها تمنَعُ تمَامَاً الإفلات من العِقاب، بمعنى لا أحدَ يستطيعُ عبور النهر إلى الشاطئِ الآخر ويخرجُ لِسَانَه للضحِيَّةِ يقُول له نجُوت. فالكُلّ تنالَهم يَدُ العدَالة. كما تنمَازُ المحكمة الجنائية الدولية بأنَّ الجرآئِمَ عندها لا تسقطُ بالتقَادُمِ، وأهمَّ ميزَآتِها أنَّ مجلس الأمن بالأمم المُتَّحِدة هى صَآحِبة الوِلاية الشرعية فى الجناياتِ التى تُحَالُ إليها، فلا أولياء دَم المَجْنِى عليهم ولا أُسَرِهم وعَشِيرتِهم ولا دُوَلِهم يستطِيعون التنازُل عنها مع الجُنَاةِ، لأنَّها جرآئم ضِدَّ الإنسانية جَمْعَاء على الشِيُوعِ ويجب أن يُقَامَ فيها العدل وبالقِسطاطِ المُستقِيم.
    3. مخاطر الترَآخِى فى البحثِ عن المُحرِّضِين على إرتِكابِ هذه الجريمة:
    كلُّ ما جاء أعلاه هو رأس جبل جليد هذه الجريمة، ويكشِفُ عن جُزءٍ يسِير من حقيقتها الفظِيعَة. يغَطِّى فقط مشهد الجُنَاة الـ(15) الذين ذهبُوا من السعوديةِ إلى تركيا ونفّذوا جريمة إغتيال الصحفى جمال خاشُقجى دآخل قنصُلية السعودية بمدينة إستانبول وتصرَّفوا فى جُثمانِه بِمَا أُمرَهم به الذى أمرَهم بإرتكابِ الجريمة.
    أمَّا "المُحرِّضين" أصحابُ المصلحة الحقيقِيَّة فى إرتكابِ هذه الجريمة فما زالُوا فى مَأمَن. أولئك الذين أمرُوا بإرتكابها من أعلَى هرمِ السُلطة فى السعودية حتَّى آخر مسؤول فى الأجهزةِ الأمنية مِمَّن جهَّز وأمرَ الجُنَاة الـ(15) بالسفرِ إلى إستانبول لتنفيذ الجريمة. والكِبار الذين أمرُوا بها، وخطَّطوا لها، وموَّلُوها فى كلِّ مرَآحِلها أولئك هُمْ المُحرِّضُون لإرتكابِ هذه الجريمة.
    ولذلك، المُحرِّضين على إرتكابِ هذه الجريمة يمكن رَسْمِهم فى شكلِ "هَرَمْ"، المُحرَّض الأوَّل يجلِسُ فى رأسِ الهَرَم، وهو شخصٌ وآحِد، فينزِّل تحرِيضه إلى مُحرَّضٍ ثانٍ أدنى منه درجة فى سُلَّمِ هَرَمِ الدولةِ، ويُنَزِّل هذا بدورهِ التحريض إلى محرِّضٍ ثالث تابِع له أقربُ لإصْدَارِ الأوامِر للجُناةِ المنفِّذين الـ(15). وللوصُولِ إلى المُحرِّضِ بأعلى السِلِّم يجِبُ السير من أسْفل إلى أعلَى. من الجُنَاة الذين نفَّذُوا الجريمة إلى المُحرِّضِ الذى أصدرَ لهم الأوآمِر بالتحرُّكِ إلى إستانبول لتنفيذِ الجريمة. وهذا المُحرِّض الذى أصدرَ الأوَآمِر للجُنَاة سيقُود إلى المُحرِّض الأعْلَى منه درجة وهكذا Snow Ball Paradigm حتَّى الوصُول إلى المُحرِّضِ الأوَّل حرَّضَ على قتلِ جمال خاشُقجى وتقطِيع جُثُّتِه وتبديدِها.
    والآن، السيناريو الظاهِر للعَيَانِ هو التضْحِية بالجُنَاةِ الذين نفَّذوا الجريمة وكذلك بعض المُحرِّضين أسْفَلِ السلِّم لحِمَاية المُحرِّضين الأعلى درجة فى قِمَّةِ جبلِ السُلطَة. والمحَرِّضِين الكِبَار فى القمَّة قد قرَّرُوا الحَدَّ الذين يجِب أن يقفَ عنده كشف المُحرِّضين فأحالوهم للصآلِح العام وكشفُوا عن أسمَاءِهم وموَآقِعهم التنفيذية فى الدولة، ثُمَّ أضَاءُوا الضوء الأحمر، قِفْ، الطريق مقفول.
    فى جريمَةِ إغتِيال جمال خاشُقجى رسالة السعودية وعَرْضِها للحَلِّ وآضِح: قدِّمُوا قُربَاناً فى حدودِ (18) رجلاً، هُمْ: "فِرقة الموت" المكَوَّنةِ من(15) شخص الذين سافروا لإستانبول ونفَّذُوا الجريمة كآمِلة ثُمَّ عادُوا سآلِمين إلى السعودية. وثلاثة آخرين هُمْ الذين أعلنت عنهم السعودية بأنَّهم الذين حرَّضُوا وأشرَفُوا على التنفِيذِ، وهم عسيرى وقحطانى والقنصُل الذى أُرتُكِبت الجريمة دآخِل مكتَبِه ثُمَّ تسَتَّرَ عليها حتَّى عادَ إلى السعودية فى حوالى 18 أكتوبر 2018م.
    أين يكْمنُ الخَطر؟:
    مَكْمَن الخطر إذا أصرَّت تُركيا على رفضِ العرضِ السعودى الذى قدَّمهُ المُدَّعِى السعودى فى إستانبول بالعملِ سوِيَّاً لوأدِ هذه القضية، بدون الإعتراف الكآمل بإرتكابِها، وبدون الكشفِ عن مكانِ جُثمان جمال خاشُقجِى، وبدون الكشفِ عن "المُحرِّضِ الأكْبِر" على قتلِه. بمعنى، أنَّ السعودية تُفاوض تُركيا على قفلِ هذا الملف بطريقة "أدروب" فى نُكتة سودانية مشهورة لوضعِ حدٍّ لجِدَّةِ شابٍّ كان يجلِسُ بجِوَآرِه فى بَصّ سِياحى الخرطوم بورتسودان. وكان عرْض أدروب وآضح وبسِيط رغم غَرَابَتهِ :"حَبوبْتَك، تَبِيع ؟!".
    وتركيا الآن، لا حولَ لها ولا قوَّة، فقد فوَّتَت فرصة ذهبية من يدِها بعدمِ إقتِحامِها القنصُلية السعودية بإستانبول لإستنقاذ الضحيَّة المِسكين جمال خاشوقى الذى جاء إلى تركيا آمِلاً فى حِمايةِ حكومة دولة الخِلافَةِ الإسلامية لزوَّارِها، لكِنِّها تزَرَّعت بحصَانة دبلوماسية "لقنصُليةٍ" لا تسْتَحِقَّها منذُ لحظَة تحويلِ مقرِّها لجِزَارَة بشرِيَّة تقتُل وتُقطِّعِ المُعَارِضِين السِيَاسِيِّين، وتشحْنِ وتُصَدِّر جثآمِينهم.
    تركيا أتَتْها فُرصَة ذهبِيَّة لإثباتِ بطُولَة حقيقية ستغيِّر وجه التأريخ ولكنَّها خيَّبت ظنَّ الجميع وخذلتِ العدالة.
    والآن، إذا إستمَرَّت تركيا وحدَها فى الصِياحِ ضِدِّ السعودية أن سلِّمِينَى الجُنَاة وخبِّرِينى أين جُثَّة القتِيل خاشُقجى، فإنَّ العدالَةَ سوف تتسَرَّبُ من بين أيدِى الجميع، لأنَّ السعودية ستقطَعُ أىِّ عشَم للوصُولِ إلى الحقيقة وسَتقْفِل هذا الملف بعد تدوين هذه الجريمة البشعة ضدّ مجهُول. أقولُ هذا لأنَّ الرجلَ الذى يجلسُ هناك وتتجِهُ إليه كلَّ أيادى الإتِّهامِ يستطيعُ قتلِ وتقطِيع وتذوِيب وتبدِيدِ كلّ الذين يقبَعُون تحت سُلطَتِه وسَطْوَتِه، فيجْعَلُ من المُستحيلِ الوصولِ إلى المُحرِّضِ الأوَّل وِفق الوَسآئِل القانونية السَلِيمَة.
    لذلك أرى من الحِكمةِ وقفِ التنازع والتشاكُس الجارى بين تركيا والسعودية لوحدِهما. وأنْ يطلبَ الجميع من مَجلسِ الأمْنِ أن يتدخَّلَ بأعْجَلِ ما يكُون والقِيام بوآجِبه لحفظِ السِلْمِ والأمنِ الدولِيِّين، وإحالة قضِيَّة إغتيال جمال خاشُقجى دون مزِيد من إبطَاء إلى المُدَّعِى بالمحكمة الجنائية الدولية لأنَّها مُختَصَّة ولديها القُدرَة والأمكانية والسَنَد الدولى لوضْعِ حَدِّ للمزيدِ من الإفلاتِ من العقابِ فى هذه الجرِيمَةِ البشِعَة التى هزَّتِ الثِقة فى العلاقاتِ الدولِيَّةِ وهَدَّدتِ السِلمِ والأمْنِ الدوليِّين تهدِيدَاً لا مثيل له فى التاريخ الحديثِ.
    وأىِّ إدَانات وتُهَمْ على الهوَاءِ دون سُرعِة إحالة هذه القضِيِّة للمحكمة الجنائية الدولية وإسْنَادِها بقُوَّة دولية ضخمة لتحْرِيزِ الجُنَاة وحِمَايتِهم والبيِّنات والأدِلَّة الجنائية والشهود، وإكمال تحقيق سريع وشفَّاف يكشِف الجُناة الحقيقيِّين الذين أمرُوا بتنفيذِ هذه الجريمة، والقبضِ عليهم تقدِيمِهم للعدالة الجنائية الدولية لقطعِ دَآبِر الإفلاتِ من العِقاب. وكلَّ ما دون ذلك تضيِّيعٌ للوقتِ ومنح الجانى الحقيقى وقتاً سمِيناً لمُواصلةِ إخفاء آثار وأدِلَّة هذه الجريمة. وأىِّ تأخير من مجلسِ الأمنِ بمثابةِ مُشَاركة منه فى تمْكِينِ الجُنَاة الحَقِيقيِّين للإفلاتِ من العِقَابِ، وما دون سرعة إحالة القضية لمحكمة الجزاء الدولية لوَضْعِ يدِهَا عليها والسير فيها بقوَّةٍ وسرعة هو ذرٌّ للرَمَادِ فى العُيونِ، هو حَرْثٌ فى بَحَر، هو توَاطؤ مع الجَانِى الحقِيقى وتمْكِينِه للإفْلِاتِ من العِقَاب.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de