بطلان الزام الموثقين بالشيكات المصرفية بقلم د.أمل الكردفاني

بطلان الزام الموثقين بالشيكات المصرفية بقلم د.أمل الكردفاني


11-06-2018, 07:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1541529269&rn=0


Post: #1
Title: بطلان الزام الموثقين بالشيكات المصرفية بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 11-06-2018, 07:34 PM

06:34 PM November, 06 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






أوردت في مقال سابق مشكلة تصريحات القضاء التي تخلط ما هو سياسي بما هو قضائي وتنزع عن القضاء الحيدة المفترضة فيه والتي هي مناط لجوء أصحاب الحقوق آليه لانتزاع حقوقهم بالقانون. فإذا كان القضاء قد تحول لساعد أيمن للجهاز التنفيذي فتلك هي الطامة الكبرى ولكن حتى تحوله هذا يتم بالمخالفة للقانون.

🔹إشكاليات قانونية تعترض القرار القضائي:

لن استطرد في جانب سياسي أو مماحكة على هذا الأساس ؛ ولكني سأدلف مباشرة إلى أسباب بطلان هذا القرار ، وقبل ذلك سأضع نقاط النزاع الأساسية حول هذه القضية:
(1) رفض القضاء للعملة النقدية كأداة للوفاء.
(2) اعتبار الشيكات أداة الوفاء الوحيدة.

وبدون فلسفة فهذا القرار (الذي صدر من القضاء): قد خالف القانون بكل وضوح وبدون أي حاجة لجدل فقهي.
فقانون بنك السودان المركزي لسنة 2002 والمعدل حتى 2012 قد نصت مواده على الآتي:
المادة (25) فقرة (1): تكون أوراق النقد التي يصدرها البنك (بنك السودان المركزي) أو يعيد إصدارها عملة قانونية مبرئة للذمة في جمهورية السودان.

المادة (25) فقرة (3): تكون للبنك المركزي السلطة بعد الإعلان في الجريدة الرسمية أن يسحب من التداول أيا من الأوراق النقدية أو النقود المعدنية مقابل دفع قيمتها الإسمية وأي أوراق نقد أو نقود معدنية صدر بشأنها ذلك الإعلان يبطل اعتبارها عملة قانونية عند انقضاء مدة ذلك الإعلان.

المادة (21) من ذات القانون:
للبنك المركزي دون سواه الحق في إصدار العملة ولا يجوز لأي شخص أن يصدر أوراق عملة أو أوراق نقد أو نقود معدنية أو أي مستندات يرى البنك إمكان تداولها كعملة قانونية.

عرفت المادة (4) الجنيه بأنه:
(يقصد به وحدة العملة في السودان وفق أحكام المادة 19).

🔹مخالفات الأمر القضائي للقانون:

1- قام القضاء بالاعتداء على سلطات البنك المركزي ، حين أنكر اعتبار العملة النقدية غير مبرئة للذمة. فهذا اختصاص أصيل للبنك المركزي وحده.

2- خالف الأمر قاعدة قانونية واضحة وهي اعتبار الجنيه مبرئا للذمة وأداة وفاء . ووفقا لذلك فنحن أمام قرار قضائي وقاعدة قانونية صادرة من البرلمان. فأيهما سنطبق؟ لا شك أنه ووفقا لتدرج مصادر التشريع فالقانون الصادر عن البرلمان هو الأولى بالتطبيق ويكون أمر القضاء مخالفا للقانون وليس له أي أثر قانوني.

3- يعتبر أمر القضاء انكارا للقانون البرلماني وعدم اعتداد به وهذا ليس فقط بغير مسوغ قانوني ولا تفويض قانوني وإنما فوق هذا فهو عدوان على خالص اختصاصات السلطة التشريعية.

4- قرار القضاء يفضي الى انكار قانونية العملة التي استمدتها هذه الأخيرة من القانون ويستبدلها بالشيك وهكذا حول القضاء الشيك إلى عملة نقدية بديلة وهذا مخالف لنص المادة الحادية والعشرين من القانون المشار اليه أعلاه.

5- لو افترضنا جدلا ابطال قانونية العملة الوطنية وافترضنا صلاحية القضاء في القيام بهذا الابطال فإن هذا القرار لم يمتثل لشروط المادة 25 فقرة 3 والتي الزمت حتى بنك السودان المركزي ذو الاختصاص الأوحد بالابطال ؛ الزمته بالاعلان عن ابطال قانونية العملة لفترة من الوقت تسمح للناس بالحصول على القيمة الاسمية لها فأين الاعلان وأين القيمة الاسمية.

رفض القضاء للعملة الوطنية سابقة خطيرة جدا ؛ فالقضاء كأحد سلطات الدولة الثلاث الرئيسية لا ينتهك القانون فقط بل يرسي سابقة خطيرة وهي أنه ينكر قانونية العملة الوطنية.

ولنتخيل أن كل مؤسسات الدولة انكرت قانونية العملة بدون صدور قرار ابطال لها من البنك المركزي فماذا يعني هذا؟
يعني أن المواطنين أيضا يمكنهم ايقاف كل تعاملاتهم بالعملة الوطنية. وهذا بالضرورة يعني انهيار العمليات التجارية وتداول السلع والخدمات.
ويرسي القضاء سابقة خطيرة وهي اعدام قانونية عملة لا زالت حية. بالمخالفة للقانون والدستور قبل كل شيء.
وبعيدا عن أي جانب سياسي ؛ يرتكز بطلان قرار القضاء على الآتي:
أولا: انتهاكه للدستور: حيث انتهك الفصل بين السلطات الثلاثة ، وأعتدى على صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ثانيا: انكر القضاء القانون الذي اعتبر العملة الوطنية مبرئة للذمة وأداة وفاء.

ثالثا: وضع القضاء الشيكات موضع النقود كأداة وفاء وحيدة ، وهكذا تحولت الشيكات إلى نقود بديلة وهذا مخالف للقانون.

رابعا: تدخل القضاء في مسألة لا تعنيه واعتدى على صلاحيات غيره ، وتحول الى بنك مركزي وسلطة تشريعية ، وتدخل في حريات الافراد.
ولهذا فلا مندوحة من القول بعدم دستورية هذا الأمر القضائي وبطلانه قانونا.
وشكرا.