Post: #1
Title: الملل !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 10-30-2018, 02:10 PM
02:10 PM October, 30 2018 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر *كتبت كلمة عن الملل قبل فترة..
*فلما احتجت إليها اليوم فوجئت باختفائها في ظروف غامضة..
*أو ربما في ظروف مملة... إذ آثرت التلاشي مللاً..
*وفيلسوف كتب مرةً خاطرة عن الملل... قال فيها إنه يشعر بروحه تتلاشى..
*وأنيس منصور وصفه بنمل يدب على الجسد... فيشله..
*والأصح إنه يدب على المخ - وفيه - أولاً فيشله... فيؤدي ذلك إلى شلل الجسد..
*وهو شلل يعني هنا انعدام إحساس المرء بأعضائه... فالحياة..
*أو شعوره بظلمات فراغ... بعضها فوق بعض... لو أخرج يد (أملٍ) لم يكد يراها..
*والملل قد يكون جماعياً أحياناً... لا فردياً فقط..
*وذلك حين يسرى شعور الملل الحاد بين أفراد شعب بحاله... جراء أوضاعٍ ما..
*وعندها قد تنفجر الأوضاع هذه... كسراً للملل..
*فتنكسر دول وحكومات وحضارات... ولا أدري لم أغفل ابن خلدون هذا العامل..
*فهو أيضاً يؤدي إلى انهيار دول... وإن بدت قوية ظاهرياً..
*فالملل الجمعي مؤشر إلى وجود علة سياسية لا ينتبه لها الحاكمون... وبطائنهم..
*ويمكن تشبيهه - سياسياً - بدائرة (فراغ) شعبي كبيرة..
*دائرة مفرغة من كل شيء ؛ الأمل... الطموح... السعادة... الأطايب... والرضا..
*وتقابلها دائرة (امتلاء) رسمي صغيرة ؛ بالقيادات...والطيبات..
*وعندما تبلغ الدائرة الأولى ذروتها قد تنفجر في وجه الثانية... ونكتفي بمثالين:
*الثورة الفرنسية... والثورة البلشفية في روسيا..
*ففي هاتين الدولتين ضاقت الدائرة الثانية على فئة بعينها... واُتخمت بها امتلاءً..
*واتسعت الأولى على الشعب... واُفرغت منهم مللاً..
*فما عاد أفراد الشعب يحسون بالحياة...ولا بالأمل...ولا بأنفسهم...ولا بعقولهم..
*وتحت تأثير عدم الإحساس بالعقول هذا حدث الـ(لا منطق)..
*فتم إزهاق أرواح حتى أطفال الذين كانوا يملؤون الدائرة الرسمية... وتمتلئ بهم..
*تمتلئ شهوات بطونهم... وفروجهم... وسلطاتهم ؛ ولا تشبع..
*وعلى الصعيد الفردي قد تتجاوز دائرة الملل حدود الشلل فتنفجر في وجه صاحبها..
*فينفجر في أقرب وجوه تحيط به... كيفما اتفق..
*وأذكر أن أستاذنا لعلم النفس كان قد لاحظ في زميل لنا ما رصده بحكم تخصصه..
*فناداه في مكتبه وسأله : هل تشعر بالملل يا ابني؟..
*فأجاب الزميل فوراً : نعم... ثم شرح له أسباب ملله هذا بالتفصيل (الممل)..
*وتتلخص في التضييق الشديد الذي تمارسه عليه الأسرة..
*لا تلعب مع هذا... لا تتحدث مع هذه... لا تجئ إلى هنا... لا تذهب إلى هناك..
*كورة لا... سينما لا... روايات لا... رحلات لا ؛ كله لا في لا..
*فبدأ يشعر بالملل من وجوه بعينها تحيط به في جميع الأوقات... عدا أوقات الدراسة..
*فطلب منه الأستاذ إحضار ولي أمره... وانكسرت دائرة الملل..
*فالتضييق... مع القهر... مع تكرار الوجوه... من مسببات الشعور بالملل..
*وكذلك الكتابة عن الملل من أول وجديد !!!.
assayha
|
|