و... فارَق !! بقلم صلاح الدين عووضة

و... فارَق !! بقلم صلاح الدين عووضة


10-19-2018, 06:00 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1539968400&rn=0


Post: #1
Title: و... فارَق !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 10-19-2018, 06:00 PM

06:00 PM October, 19 2018

سودانيز اون لاين
صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


طباعة
Share|

23 زائر 19-10-2018 admin
*كان سكوناً عجيباً في تلكم الليلة..

*وذلك قبل سنوات عديدة خلت... وكان يوم تهيؤ لرمضان..

*كنا أربعة في مقتبل الصبا ؛ ونتعاطى مُقبِّلات أحلامٍ مشروعة زاداً لمقبل الأيام..

* أنا... وهشام... ومعتصم... ومجنون (ليلاه) صلاح..

*ومعتصم هو بطل كلمتنا هذه... وأمسيتنا تلك..

*كان في رقة نسيم الليلة المذكورة ؛ أدباً... ولطفاً... وتهذيباً... وأناقةً..

*بيت أهله انتبذ مكاناً قصياً من بين بيوت الحي..

*واتخذ من دونها حجاباً نباتياً... كثيفاً..

*وعند خروجنا من داره - ليلاً - أبت دماثة خلقه إلا أن يرافقنا حيناً..

*وتطاول ذلك الحين بتطاول الشارع المحاط بالأشجار..

*كنا نمشي الهوينى ؛ والدرب - بفعل سحر الليل - يطول... وتطول أشجاره..

*وتطول أيضاً أشباحه ؛ حتى لتكاد تعانق ظلمة السماء..

*وافترع أحدنا - فجأة - فكرةً شرخت مرآة الصمت... وتماهت ورهبة ذياك المساء..

*ومن غيره - معتصم - صاحب الخواطر الفجائية المجنونة ؟..

*وهي أن يُغني كلٌّ منا أغنية لمن يحب من المطربين..

*وفي مصادفة غريبة كان هو - وشخصي - عاشقين لمطرب واحد ؛ أحمد المصطفى..

*وتمنَّعت بادئ الأمر... ثم أذعنت تحت وطأة إلحاحه..

*فقد كنت - وما زلت - ذا صوت تنفر منه الحمير... عند التغنِّي..

*وترنمت بمقاطع من أغنية (في سكون الليل)..

*فإذا بصوتي - ويا سبحان الله - ينطلق شجياً لأول - وآخر - مرة في حياتي..

*وربما كان لحنَ وداعٍ ينبعث من مكامن غيبية بداخلي..

*ولدهشتي أبصرت - في ضوء فانوس شارع ناعس - دمعاً يترقرق بعينيه الحزينتين..

*فصمتُّ ؛ وذاب صمتي في سكون الليل... والمكان..

*لم نكن نسمع - لبرهة من الزمان - سوى حفيف الشجر... على إيقاع نسيم متثاقل..

*ثم انفلت من حصار الصمت صوتٌ يترنم بأغنية (فارِق لا تلم)..

*كانت من بين كل روائع (العميد) الأغنية الأثيرة لدى معتصم..

*وطفق يردد مقدمتها مراراً (فارق لا تلم... أنا أهوى الألم)..

*وبعد أن بلغنا سدرة منتهى سكتنا - وفي نفس كلٍّ منا شيءٌ من حتى - افترقنا..

*وما كان في نفس صلاح محض ترف قياساً للذي بنفس معتصم..

*فالأول يحلم بليلاه المتمنِّعة عليه... والثاني يحلم بتغيير متمنِّع على الشعب..

*و(فارقنا) معتصم - بعد أيام - إلى موسكو... حيث يدرس..

*ومرت أيام وليالٍ... وكرَّ علينا ليلٌ ونهار... وحدث التغيير... وزالت (مايو)..

*وسكر معتصم بخمر الفرح الحلال من بعد المقبِّلات المشروعة..

*ولم يحتمل قلبه الرقيق تحمُّل (وطأة) السعادة..

*ومشى مشواره الأخير في سكة الحياة عند أوان مشوارنا المسائي ذاك نفسه..

*وفي سكون الليل..... فارَق !!!.




assayha