تحسين معايش الناس بالصدمة بقلم د. عمر بادي

تحسين معايش الناس بالصدمة بقلم د. عمر بادي


09-23-2018, 11:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1537740604&rn=1


Post: #1
Title: تحسين معايش الناس بالصدمة بقلم د. عمر بادي
Author: د. عمر بادي
Date: 09-23-2018, 11:10 PM
Parent: #0

11:10 PM September, 23 2018

سودانيز اون لاين
د. عمر بادي-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


عمود : محور اللقيا
كمدخل أردد على لسان المواطنين المغلوب أمرهم بيت الشاعرالطغرائي : ( أعلل النفس بالآمال أرقبها ..... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل ) .
دعونا نغوص في متاهات التصريحات الكثيرة المتواترة هذه الأيام و نحاول سبر غور ما وراء سعي رئيس الوزراء معتز موسى لعمل خطة إعافية Recovery plan للنهوض بالإقتصاد السوداني من وهدته التي لازمته لعقود مضت و أودت بالبلاد إلى تضخم و غلاء وصلت نسبته الى 66% معظمه خلال هذا العام و أنه سوف يعتمد على العلاج بالصدمة Shock therapy من أجل تحسين معايش الناس ! و قد نفى السيد معتز موسى في تصريح لاحق أن يكون يقصد تطبيق نظرية الصدمة للإقتصادي الأمريكي ميلتون فريدمان المعروفة بتحيزها للحكومات ضد الشعوب كما حدث في تشيلي و العراق و قد وقف ضدها الكثير من الكتاب المتابعين . يقول السيد معتز موسى أن المقصود هو القيام بعلاج جذري لمشاكل الإقتصاد السوداني بعد أن تتم السيطرة على التضخم و شح الوقود و الخبز و إرتفاع سعر الصرف . هذه أنباء يحفها التفاؤل و حقا هي في مصلحة المواطن و لكنني أحس كما يحس غيري أن وراء الأكمة ما وراءها و أن المواطن لن يهنأ بطول سلامة عندما ترفع الحكومة الدعم المتبقي عن الوقود و تعيد هيكلة الخدمة المدنية فيفقد الكثيرون وظائفهم ليس للصالح العام و إنما لإلغاء الوظيفة و بذلك يزداد عدد المتعطلين ! لقد عمل السيد معتز موسى لمدة معتبرة من حياته العملية في هيئة تنفيذ السدود في مشروع سد مروي , و لذلك فقد أحسست بتطبيقه لنظام إدارة المشاريع في حساب خطة عمله بالأيام و الساعات و أن خطته تتطلب التخطيط و المتابعة و الحزم و المحاسبة .
لي تجربة طويلة في العمل في المشاريع و إن كانت تجربتي في محطات توليد الكهرباء لكن الأسس المشتركة كثيرة في كل المشاريع و لذلك فقد فهمت جيدا ما أتى به السيد معتز موسى و ما وراء ذلك . العمل في المشاريع من أصعب الأعمال لأنه مرتبط بأقل سقف زمني و مالي يحدده و يتنافس عليه المقاولون أثناء تقديمهم لعروضهم بناء على المواصفات و الشروط التي يطرحها المالك للمقاولين , لذلك فإن المقاول الذي يتم إحتياره يضع خطة إنشائية للمشروع منذ إستلام الأرض و إلى تسليم المشروع مكتملا بعد إنتهاء فترته التجريبية . هذه الخطة الإنشائية تقسم السقف الزمني للمشروع إلى أيام و ساعات عمل و غالبا تحسب ساعات العمل ب 10 ساعات في اليوم بحساب ساعتين أجر إضافي يوميا , و هنا أرى أن السيد معتز موسى قد حسب سقفه الزمني ب 400 يوم و ب 3000 ساعة عمل تقريبا حتى نهاية التكليف في عام 2020 و هذا يعني أن ساعات العمل 8 ساعات يوميا . معظم المشاريع تعمل بنظام معلومات إدارة المشاريع PMIS و لضبط الجودة تكون المتابعة اللصيقة من المستشارين و المالك و يكون في ذلك الحزم مطلوبا و محاسبة المقاول على أي تجاوزات في العمل أو تأخير عن جدول العمل و من هنا يتم إرغام المقاول على تنفيذ الخطط الإسعافية و الإعافية أحيانا بزيادة العاملين أو زيادة ساعات العمل أو العمل بمناوبتين ( ورديتين ) و أحيانا تتم المحاسبة بالخصم المالي من المقاول .
يمثل السيد رئيس الوزراء معتز موسى في مشروعه التنفيذي لخطة الإصلاح الإقتصادي دور المالك بينما يمثل الوزراء دور المقاول و معهم مقاولي الباطن لوضع الخطط و تنفيذها تحت السقف الزمني المحدد , و لذلك فقد ورد في الأنباء أن السيد معتز موسى قد أمهل الوزراء 100 يوم لتقديم خططهم لتنفيذ الأعمال ! و قد زاد على ذلك أن التنفيذ سوف يكون شراكة بين الحكومة ( المالك و المقاولين ) و المجتمع ( المستشارين الذين يمثلهم العلماء و الخبراء و المهنيون ) . لقد حدد السيد معتز موسى عند زيارته للبنك المركزي مدة شهرين أو شهرين و نصف لحل مشكلة السيولة في البنوك و هذا ممكن , و لكنه أضاف أنه يتوقع أن يكون السودان ضمن الدول العشرين العظمى بحلول عام 2038 ( بعد 20 سنة ) ! من أجل إنجاح ذلك و إذا صدقت النوايا لا بد من تطبيق مسببات الإنجاز التي تصل بنا إلى مرحلة الإعجاز و هي كالآتي :
1 – القضاء الكامل على الفساد و محاسبة المفسدين و رد الأموال المنهوبة مع إتباع الشفافية في ذلك .
2 – وقف الحرب الأهلية و النزاعات و طرح الحلول .
3 – إفشاء السلام و الإعلاء من قدره .
4 – التوصل إلى إتفاقات وطنية تنهي الشعور بالظلم و تعزز الديموقراطية و الحرية .
5 – الإهتمام بالتنمية و إعادة المشاريع و المصانع المعطلة إلى سيرتها الأولى .
6 – الإهتمام بقطاع التعليم و منحه القدح المعلى في الميزانية .
7 – الإهتمام بالصحة العامة و بالمستشفيات الحكومية و مجانيتها .
هذه الوصفة ( الروشيتة ) قد طبقها مهاتير محمد في ماليزيا و طبقها لي كوان يو في سنغافورة و إرتقيا ببلديهما إلى مصاف الدول العظمى إقتصاديا رغما عن شح بلديهما من الموارد الطبيعية , و لذلك إذا صدقت نوايا الإنقاذيين الحاكمين في السودان ذي الموارد الطبيعية الهائلة فإن حتما سوف يكون السودان من الدول العشرين العظمى .
أخيرا أكرر و أقول : إن الحل لكل مشاكل السودان السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية يكون في العودة إلى مكون السودان القديم وهو التعايش السلمي بين العروبة و الأفريقانية و التمازج بينهما في سبيل تنمية الموارد و العيش سويا دون إكراه أو تعالٍ أو عنصرية . قبل ألف عام كانت في السودان ثلاث ممالك أفريقية في قمة التحضر , و طيلة ألف عام توافد المهاجرون العرب إلى الأراضي السودانية ناشرين رسالتهم الإسلامية و متمسكين بأنبل القيم , فكان الإحترام المتبادل هو ديدن التعامل بين العنصرين العربي و الأفريقاني مما أدى لتمازجهم و كان نتاجه نحن , و أضحت هويتنا هي السودانوية . إن العودة إلى رحاب المكون السودانوي العربي الأفريقي اللاعنصري تتطلب تغييرا جذريا في المفاهيم و في الرؤى المستحدثة و في الوجوه الكالحة التي ملها الناس !