لا لا لا .. الرجل عاقل، بل عاقل جدا. ولكن خرفان العالم، خاصة الثالث، لم يفهموا الهدف المبطن من تصرفاته التي تبدو شاذة. لا يفهم تصرفاته إلا المتخصصون في الاقتصاد الدولي، وقطعا أشخاص على وزن فلادمير بوتين وحكومته. ولا شك أيضا أن الصينيين يفهمون حركات ترامب، ويتغابون، وقد تقتلهم القهقة حتى تهتز كروشهم ويفهمون كل تصرفات ترامب ومغازيها، صغيرها وكبيرها. كيف نفسر تصرفات ترامب؟ القضية بسيطة جدا، وقد لا تخطر على بالك. تخيل رجلا ثريا محسنا لديه "ماكينة طباعة للنقود"، وكان ينفق أموالا طائلة بلا حساب على "الجميع" خاصة على من هم في رعايته لسنوات طويلة، ثم أدرك أو تيقن فجأة أنه أفلس، رغم أنه ما زال يمتلك "ماكينة الطباعة للنقود"، ولكنه لن يستطيع طباعة المزيد من النقود أو الصرف على "الجميع" كما في السابق، أمام الرجل خياران، إما أن يعلن عجزه وفشله وإفلاسه – وهي فضيحة ما بعدها فضيحة، أو أن يختلق المشاكل والفرقعات اللفظية ويوزع الإتهامات على جميع المتلقين السابقين لإحسانه حتى يبرر عدم الدفع مقارنة بالماضي. وهكذا يحفظ ماء وجهه، ويظل محتفظا بأبهة وجاه الكبار الأثرياء. أختارت الولايات المتحدة الخيار الثاني، أي التملص من الإلتزامات المالية الدولية السابقة بألفاظ مختلفة غير مباشرة فهي لن تقول للأوروبيين (أنا أفلست!!) بل تقول لهم (على الآخرين أن يدفعوا مقابل خدمة حمايتنا لهم بمظلتنا العسكرية النووية!!) وبينما ترامب يستفز حلفاءه الأوروبيين، ويسيء إليهم، ويتفه قدرات حلف الناتو لحثهم على الدفع، لا يتورع في ابتزاز دول الخليج ماليا بتعبيرات صريحة فجة – فهو لا يقول للخلايجة انقذوا دولارنا يا دول الخليج، بل يقول لهم بصفاقة نادرة (ادفعوا لنا مقابل حمايتنا لعروشكم!!) ولم الخيار الثاني؟ فبعد أن فشل باراك أوباما في تطبيق العديد من الوسائل العلاجية كي ينقذ عملة الدولار منها تأسيس مجموعة G20 على سبيل المثال لا الحصر، وفشله في أن يقلل من المهددات أي المنغصات للدولار مثل إزدياد معدل الركود التجاري العالمي المطرد، وفشله في تحجيم الصعود الإقتصادي الآسيوي المتسارع، وأخيرا وليس آخر.. فشله في تقسيم الشرق الاوسط إلى كانتونات بسيناريو ثورة الربيع العربي (الهدف من السيناريو السيطرة على بترول وكاز العرب لتغطية الدولار للأبد!!). وبالمجموع، إضافة لقاصمة الظهر: لم تستطع إدارة أوباما فرملة نشوء العملة الدولية الجديدة للبريكس: الرينمينبي!! فبعد أن فشل أوباما فشلا ذريعا، لم يعد في يد يهود الولايات المتحدة علاج فوري للدولار في طور الإحتضار الإكلينيكي السريري سوى الإتيان برجل أعمال على وزن ترامب وصفاته، يفهم في العمق أزمة الدولار الوجودية، ويجيد التمثيل والديماجوجية. إذن الرجل، أي ترامب، غير مجنون البتة!! إنه رجل الدولة العميقة، وما توهم الواهمون أن هنالك خلافا بينه وبين الدولة العميقة إلا بسبب معاركه الجانبية مع النيويورك تايمز، والواشنطون بوست..والميديا عموما الخ، لأن هاتين الصحيفتين وغيرهما تمتان بصلة بشكل أو بآخر للدولة العميقة. وهي معارك لفظية مفتعلة من جانب ترامب، وهي أفضل ما توهم المراقبين بأن ترامب في تضاد مع الدولة العميقة. هكذا يخدعون الشعب الامريكي والعالم... إنهم شعب الخزر!! شوقي إبراهيم عثمان [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
شوقي إبراهيم عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست