مفاسد فرعية .. !! بقلم هيثم الفضل

06:49 AM July, 31 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة
-
على خلفية العنوان الرئيسي لصحيفتنا الغراء الجريدة يوم أمس الإثنين والمُتعلِّق بالكشف عن تعيين أبناء نافذين في الدولة بهيئة المواصفات والمقاييس ، آثرت أن ألفت إنتباه القاريء إلى أن آفة الفساد من هول إتساع حجمها بمعناها التقليدي المُتمثِّل في التعدي على المال العام ، ربما أنستنا أو جعلتنا إجبارياً نتجاهل الفرعيات الملازمة لها ، فآلة الفساد في سودان المؤتمر الوطني إنفلت عيارها وأصبحت تعمل في شتى الإتجاهات ، فبخلاف العب من خزائن الدولة لأولئك الذين أصبحوا بلا ضمير ولا ذمة ، هناك من يُعمِل (الثقافة) العامة لفلسفة الفساد والتغوُّل على الحقوق بتجاوز القوانين واللوائح في مجالات شتى ، ومن أهمها إقرارمنظومات الخدمة المدنية وهيئات الدولة ومؤسساتها بمبدأ التوظيف والتكليف بالكفاءة والأولوية والتأهيل والمنافسة الشريفة ، ولكن هيهات في عهد الفساد المستشري هذا أن ينجو مبدأ أخلاقي وقيَّمي من براثن الفساد والمفسدين ، ومن ضمن المواجع والجراحات التي يعانيها هذا الشعب المغلوب على أمره ، زيادةً على ما يتحمَّله من صعوبات معيشيه ، هو فقدان المستحقين من أبنائه وخصوصاً الشباب من الخريجين المنتمين إلى طائفة الغُبش والذين يُطلق عليهم بلغة اليوم (خالي ضهر) ، وهم أولئك الذين يهيمون في هجير البطالة الحرَّاق بلا أمل ، بينما يتقاسم النافذون في الدولة (كعكة) الوظائف ، خصوصاً تلك المرموقة وذات العوائد المجزية ، كما يتقاسمون غيرها من الخيرات الوافية لهذه الأرض الطيبة ، ونحن من حيث المنظور السياسي الواقعي الذي إستنه حزب المؤتمر الوطني عبر فقه التمكين لا نستغرب أبداً أن يجنح أولئك النافذون من باب قناعتهم بأنهم أنفسهم لا يستحقون ما يتولَّونه من مناصب وما يتمتَّعون به من نفوذٍ وجاه ، لذلك كان من الطبيعي أن (تُفرِّخ) هذه العُقدة المتأصلة في دواخلهم شعوراً دائماً بالدونية وعدم الإستحقاق ، مما يدفعهم لتوريط غيرهم من الأقربين والمعارف والمحظيين في مغبة الخطيئة المتمثِّلة في أخذ ما لا تستحق وما ليس لك ، والتغوُّل على حق غيرك لمجرَّد أنه بلا سند ولا مساند ، هكذا يتفرَّع الفساد الرئيسي والمركزي إلى مفاسد فرعية تجُر المنظومة الإدارية والقانونية واللائحية إلى مغبة ظلم الناس وسلبهم حقوقهم وخصوصاً المُستضعفين منهم ، في الوقت الذي يُقاتل فيه الآباء والأمهات ويستميتون من أجل تعليم أبنائهم وتأهيلهم في هذه البلاد التي أصبح فيها التعليم سلعةً للإتجار وليست آلةً للإعمار ، ليتفاجأوا عند تخريج أبنائهم ومهما كانت معدلات تفوقهم وتميَّزهم بأن مصيرهم الشارع العريض ، واللا أمل على الإطلاق في حصولهم على وظيفة مُجدية ، ثم من بعد ذلك نطرح التساؤل المشروع : إلى أين سيودي الضياع وقلة الحيلة بالشباب السوداني ؟ الذي لا تلتفت حكومته المُترفة إلى حاجته للتوظيف ، الإجابه أنه بلا شك ذاهب إلى عالم من الغياهب المستقبلية والمخاطر الأخلاقية والسلوكية التي لن تنتج للمجتمع والدولة سوى المزيد من الإتساع في دائرة إنتشار المخدرات ، وتطور وإزدياد حركة الجريمة ، والمزيد من معدلات الفاقد التربوي الإجمالي ، أقول للذين يقودون الحملة المزعومة ضد الفساد ، لا (تقزِّموا) مفهوم الفساد في مجرَّد فكرة إختلاس النافذين وتغوَّلهم على المال العام ، فهناك مفاسد فرعية أخرى خسائرها غير مرئية على المدى القريب ، ولكنكم سترونها عما قريب في مؤشرات القُعود بهذه الأمة التي يوماً ما كانت وثَّابه وناهضة .