ملاحظة حول الاستخدام الخاطئ للغة السياسية. بقلم د.أمل الكردفاني

ملاحظة حول الاستخدام الخاطئ للغة السياسية. بقلم د.أمل الكردفاني


07-23-2018, 05:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1532365050&rn=0


Post: #1
Title: ملاحظة حول الاستخدام الخاطئ للغة السياسية. بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 07-23-2018, 05:57 PM

05:57 PM July, 23 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





ملاحظة يجب تنبيه المناهضين للنظام عليها في خطاباتهم السياسية:
اي جملة يجب ان توضع تحت التدقيق ، ليس لغويا فهذا غير مهم ، لكن من حيث المعنى ، واقصد بالمعنى ثلاثة انواع:
- المعنى المباشر.
- المعنى السياسي.
- المعنى النفسي.
عندما تتحدث مثلا عن قوات الدعم السريع يجب ان تستخدم كلمات محددة:
فيمتنع منعا باتا قول (قال الناطق باسم قوات الدعم السريع).
بل يجب استبدالها بكلمة مليشيات.
كلمة مليشيات لديها ثلاث معاني:
- معنى مباشر وهو عبارة عن مجموعة مسلحة.
-معنى سياسي يعني عدم الاعتراف بتبعيتها للقوات المسلحة.
- معنى نفسي يوحي لدى القارئ بالفوضى وعدم الخضوع للقانون.
هكذا يكون الخطاب المقاوم للانظمة ، فهو خطاب مدروس جدا ومحدد ودقيق ، سواء من ناحية كونه معبرا عن توجهاتنا او رفضنا او حتى استقطاب الجماهير.
بعض الحركات المسلحة منذ نشأتها وحتى اليوم لا زالت تستخدم كلمات منفرة تعكس جهالة كبيرة بأهمية اللغة. فلا يمكن مثلا أن تستخدم كلمة (جلابة) على النظام. فهذه الكلمة فوق انها غير دقيقة فلها انعكاسات سالبة جدا ، فهي من ناحية تتجاهل باقي القوى المهمشة في المجتمع ، وتمنح ثقل جهوي واثني للنظام ، وتستعدي فئات أخرى من الشعب. وتنقل الصراع من كونه صراع حق وباطل بين نظام منبوذ الى صراع عرقي وهذا يعني وضع الآخرين المختلفين عنك جميعا في خانة العدو مما يصب في مصلحة النظام ويقوض اي رغبة في التعاضد معك في اتجاه دعم قضيتك كجزء من قضايا قومية عادلة.
استخدام المفردة في علم السياسة مهم جدا ، فمثلا لا يمكن ان يقوم اي مسؤول امريكي بقول هذه الجملة:(ندعو الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني لوقف القتال).
فهذه الجملة توحي بأن اسرائيل هي التي بادرت بالقتال ولذلك فإن هذا المسؤول وهو في اقصى درجات العدالة سيقول:(ندعو الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لوقف القتال).
ربما قلة من المسؤولين والمعارضين السياسيين يهتمون بتدقيق خطابهم السياسي ، وهذا دور المثقفين لتوجيه العقل الجماهيري الى الاتجاه المرغوب. فلنلاحظ مثلا ان الجماهير المصرية المناوئة للسيسي لا تستخدم كلمة الرئيس السيسي أبدا ، كلمة الرئيس تعتبر اعتراف ضمني منهم برئاسته وهذا يوحي بمنحه مشروعية ولو أدبية.
منذ ان تم انقلاب 1989 ظلت القوى السياسية تنجرف مع النظام عند استخدامها للمفردات ، فهي اولا تسمي البشير بالرئيس ، حتى نال بذلك شرعية ادبية ، وظلت تستخدم كلمة حزب للتعبير عن المجموعة السلطوية للإسلامويين وهذا مضر جدا ؛ فقد أدى هذا اولا الى رسوخ فكرة ان الفئة السلطوية هذه لديها حزب حقيقي (كجزء من منظومة ديموقراطية) وهذا غير صحيح. ومن ناحية ثانية ادى هذا الاستخدام الى اخفاء التيار العقائدي المكون لهذا الجسم وهو تيار الاسلامويين.
وكان من الواجب دائما على المعارضين ان يستخدموا مفردة الاسلامويين ، بحيث يؤدي ذلك عدة خدمات سياسية من أهمها:
- عزل الحركة الاسلامية شعبيا.
- تركيز العدو في فئة محددة.
- عدم تبعيض المسؤولية السياسية.
- عدم الاعتراف بهذه الفئة كعنصر داخل البناء الديموقراطي.
- احداث نفور جماهيري من هذه الفئة.
- عدم منح اي فرد منضو داخل عباءة هذه الفئة فرصة الافلات من المحاسبة والعقاب مستقبلا.
- محاصرة هذه الفئة بحيث لا تستطيع ان تتغافل عن الماضي.
- التصاق جرائم هذه الفئة بها الى الابد.
- امكانية عزلها سياسيا مستقبلا.
ان الاستخدام الخاطئ للغة يؤدي الى شربكة كافة الخيوط في اللعبة السياسية مما يؤدي الى عدم وضوح رؤية المواطن وعدم قدرته على التمييز بين الحق والباطل حين يختلط الحابل بالنابل ، وهكذا يضحى المواطن خاضعا لجهالته واعزلا عن اتخاذ قرار حاسم تجاه ميوله ورغباته السياسية.