الإسلامِيُّون والعَسْكَر

الإسلامِيُّون والعَسْكَر


07-21-2018, 11:44 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1532213088&rn=0


Post: #1
Title: الإسلامِيُّون والعَسْكَر
Author: علي تولي
Date: 07-21-2018, 11:44 PM

11:44 PM July, 21 2018 سودانيز اون لاين
علي تولي-USA
مكتبتى
رابط مختصر(الإسلامِيُّون والعَسْكَر)
علي أحمد تولي--- فينيكس أريزونا
بات المسرحُ السياسيُّ السوداني محفوفاً بعواملَ تدفعه إلى تغييرٍ مجهولِ النتائج، فالأمرُ في الحلِّ والعقد قد انفلت عن أيدي السلطةِ وصارت بوصلة القيادة تتنازعها أهواءُ السياسة الخارجية ولم تكن هذه محض صدفة بل أتت عبر تراكمات ولدتها السياسة الانتهازية بل وسياسة الاصطياد في الماء العكر، والتي نشأت منذ مجيءِ العسكر المدفوعين بتنظيم الاسلاميين تحت طغيان عرَّابه الترابي؛ فكانت سُبَّةُ الأخوانِ المسلمينَ كبيرةً بوجودهم النشاز في المنطقة بما كانوا يغلون فيه ويولغون من الشعارات المرفوعة بكل فظاظة؛ ممَّا حدَا بالمجتمع الدولي أن يرعوي للخطر القادم من مجاهل إفريقيا في تأليبِ الصراع ضد السلطات القائمة في دول الجوار وتمديد الخسة الاستخبارية إلى أبعد مدى بتبنِّيه لقضايا الغير في المنطقة، وكان لتأجيج الصراع في غرب السودان أبلغ الأثر في انتباه المجتمع الدولي وحقوق الإنسان أن تُحبِّر ملفاتها ضد البشير ومعاونيه ممن يحضونه ويقفون خلفه مساندةً على ارتكاب أفظع الجرائم الإنسانية في حق المواطنين بجنوب السودان قبل الانفصال ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وجعل السودان مسرحاً لاستعداء بني جلدته على بعضهم في شرق السودان أيضاً؛ فكثر التقتيل والتدمير وتبع ذلك تجييش الاقتصاد بشكل صارخ لم يعد معه التفكير في صنع تنمية؛ بل العكس فهي ما كانت إلا ايهاماً من قِبَل بعضِ عرَّابي النظام في إطلاق مُسميَّات الخطط الاقتصادية والنفرة الزراعية والاستثمار والتنمية المستدامة... وما إلى ذلك. وكانت الصورة تذهب إلى أبعد من هذا في تدمير البنية التحتية على نحو سافر وعلني، ابتدأَ بإحالات الصالح العام وكانت نتائجه المحتومة في تغييب أسس إدارة شؤون البلاد فغابت عن الوجود الكثير من موارد الدولة الرئيسية لغياب الضبط والربط الإداري.أما الآن فقد رفع الستار لنرى فصلاً جديداً عن تطورات الأجندة الخارجية في تحريك السياسة السودانية فاقدة الاستقلال والكرامة، وعلى نفسها جنت براقش بفعل الاستجداء الرخيص والذي انتهى ببيع الجيش السوداني وزجه في حرب ليس للسودان ناقةٌ فيها ولا جملٌ، والسودان المستضعفُ؛ خاصة بعد أن تقطعت أوصاله بانفصال الجنوب الذي يمثل بداية الاستضعاف الحقيقي تحت سلطة منفصمة في وجودها الاعتباري أمام الأمة المحكومة قسراً بالتنكيل والتجويع والإرهاق بالجبايات والخراج، وأجندة سلب الحق الخاص والعام للمواطن، صارَ الارتماء بكاملِ جسدِ السيادةِ في أحضانِ الإغراءاتِ الرخيصة ليُستباحَ في دهاليزِ الملوك والأمراء والرؤساء، ليقدم أبناءَه في فخّ خَنَا السياساتِ النفعيَّة لتخدمَ بيوتاتِ وعائلاتِ سادةِ الحكم لتلك الدول والتي لا يهم الشعب وجودها أو غيابها كثيراً؛ فجسد السياسة الرخيص غدا كجسد المُومسات في أحضان العابرين الجرئين في مواخير الخنا السياسية، فبعد أن لاذ بالشبق الفارسي دهراً من الزمان، استهوى جسد السياسة دون قوَّاد أو قوَّادة غمزات الخليج، ووسائد تركيا وروسيا القصيَّة فلم يكن عصياً أن ينال الأتراك والروس وطراً من استباحية جسد السيادة السودانية المبتذل، كل هذا الانحطاط في درك الصغار وبيع الكرامة وخلع بردة العزة لم يكن إلا فراراً من القضية الجنائية، حتّى باتَ الأمرُ يُشكِّلُ اِنعزالاً وكشفاً للمخبوء عن الكيد في النحور، وهذا ما ستسفر عنه مُقبلات الشهور، انفلتت أزمَّةُ امتلاكِ القرار السياديِّ حين عمل الملوك والرؤساء على الدَّفع العكسي لجسدِ السياسةِ الموبوءِ إلى الوراء بعد أن عافوا الارتماء ولم يعد ما كان يتزيِّن من مَحاسنَ إغرائية تزيد من مقابل ذلك في حفنة المال المبذولة مقابل العملية المبتذلة، أما الآن لقد كشفت زيارة السيسي بوضوحٍ فاضح ما احتمالاتِ التغيير مجهولِ الملامح، ومن سيكون الخاسرُ بعدَ خسرانِ الشعبِ السوداني في فقدانِ السياسةِ التي تليقُ به وبأرضِهِ المستباحة بأيدي فاقِدي الكرامةِ، والنخوةِ والمصداقيَّةِ في القول والفعل، وحتى في النيَّات الحسنة، نعم جاء السيسي المعروف بسياسته السافرة ضد الاخوان في مصر، والمرفوض بكل غلٍّ وكراهيةٍ من الأخوان المسلمين بالسودان، ترى ما هي ردود أفعال الاخوان في السودان، وما هي تحسُّباتهم في نتائج الزيارة، و من المعرف سلفاً أن السيسي تهمُّه في المقامِ الأوَّل مصلحةُ بلادِهِ وهذا ما يُحسَدُ عليه في قادة مصر ومدى حرصهم على استراتيجية سياساتهم في المنطقة، وحرصهم على مصلحة مصر أولاً، فهُم وسطيون في سياساتهم لا إلى أقصى اليمين ولا إلى أقصى اليسار ولو أنهم عسكريون في الغالب فهم يتيحون حريَّةَ نسبيَّة، لتسيير معالمِ الرضى النسبي في نفوس شعبهم عن وجودهم، أما نحن أمام الحكم الديناصوري، ذي الثلاثة عقود، وخطتنا من الويلات والبلاءات أمام مصالحهم الشخصية ونهب ثروات البلاد بكل تبلُّد وعنجهية، حباً في التملُّك وامتلاكِ المالِ العام ونهبِهِ عنوَةً واقتداراً. نعم جاء السيسي بعد تقلُبَاتِ أهواءِ جسدِ السيادة في بذله لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء من دول الخليج وقد كان سخاؤهم للسيسي وللأردن عطاءً غير مجذوذ بعكس ما لدى بائع جيشه بثمن بخس دراهم يعدها الأحداث الصغار، وبما أن السيسي تهمه مصلحة مصر، فتتبادر إلى الأذهان ملفّات حوضِ النهضة الاثيوبي وحلايب وشلاتين وتأمين حدود بلاده شرقاً وجنوباً وغرباً، وبالفعل سبقت هذه الزيارة أحداث مهمة دعت لهذه التوطئة السيسيَّة للسعي إلى أهدافه الاستراتيجية: التقارب بين الفرقاء في اريتريا واثيوبيا، واتجاه اثيوبيا الحتمي إلى شواطئ اريتريا كمنافذ تجارية عبر القلزم، وما أكد عليه الرئيس الاثيوبي أبو أحمد بتعهده للسيسي بأن حصة مياه السد لن تنتقص شيئاً ولا يجرؤ على المساس بها، وأما قراءات تغيير السياسة بخارطة طريق جديدة في السياسة السودانية خاصة بعد أن غيَّر البشير ميوله وهواه الأخواني القديم بهوى عسكري تابع أيضاً مجرجراً أذيال الخيبة في الاستقلال السيادي بالتقرُّب من الروسيين زُلفا والبحث إلى منافذ لكسبِ إرضاءِ المجتمعِ الدَّوليِّ بعد تلك الشعارات والنفخ الأرعن بأنَّ أمريكيا روسيا قد دَنا عذابُها عليَّ إن لاقيتها ضِرابها وما إلى ذلك، وغاب الاخوان بكل أجندتهم المضادة تماماً لتنمية السودان وحلول المشكل الاقتصادي وبعدم إثبات حقوق المواطن والمواطنة وعدم الحفاظ على الهوية السودانية، مما شكل الشخصية السيكوباتية لأصحاب السيادة ومن شايعهم في خلق آلية الحفاظ على بقاء هذا النظام قسراً طيلة الثلاثة عقود العجفاء، نعم أمام صمت هؤلاء وحراك ماء بِركة السيادة بحجارة مصرية تركية خليجية روسية، بات المواطن أشد ذهولاً أمام خلو البلاد من السيولة التي سعى الاخوان بسحب مدَّخراتهم الضخمة بتضخُّمِ هذه العملة إلى مصارفَ خارجيَّة أضحت جراءَها البنوكُ خاليَةَ الوفاضِ بل فهي في درجة من الحرج المُمِضِّ تتحفظ في إعلان افلاسها الكائن حقيقة الآن، أجل غدا بالفعل صراعاً بين العسكر والكيزان وهذا ما ستسفر عنه مقبلات الأيام.