Post: #1
Title: (روح) حسين !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 07-06-2018, 02:22 PM
Parent: #0
02:22 PM July, 06 2018 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر *كانت ليلةً هي الأطول في حياتي..
*والأسوأ... والأبرد... والأغرب... والأشد إخافةً ؛ كذلك..
*كان بردها - في ذلكم الوقت من شهر كياه - لا يحتمل ؛ رغم الأغطية الصوفية..
*وكنت أقضي جانباً من دراستي الابتدائية هناك... في البلد..
*لم أنم - تلكم الليلة - حتى لحظة تنبيه مؤذن الجامع لصلاة الفجر..
*والريح ذات العواء المرعب لم تتوقف إلا في اللحظة ذاتها... أيضاً..
*وفوق رعب زئير الريح كان هنالك شيءٌ أشد إرعاباً..
*وأصل الحكاية أن من بين زملائي في الفصل توأمان ؛ حسن وحسين..
*حسين كان مصاباً بشلل الأطفال... حسبما سمعت..
*وساعده الأيمن الناحل اُمتص منه ماء الحياة... فبدا كالعرجون القديم..
*أما اليد - بأصابعها الرفيعة - فأشبه بمخالب طائر نافق..
*وهي أكثر ما كان يشد انتباهي من بين عجائب المدرسة كلها...وما أكثرها..
*ومنها أن عقوبة الجلد في فصل الشتاء لها طقوسها..
*فهي لا تستهدف إلا اليد ؛ ظاهرها بالمسطرة... وباطنها بفرع شجرة أعجف..
*ومنها جلب البطيخ والشمام من السوق نهار الخميس..
*ثم التهامهما بشراهة في المدرسة ؛ ولا أدري لم الخميس بالذات... ولم أسأل..
*ومنها تخصيص حصة صباحية لرياضة كرة القدم..
*فإذا بدأت حصص الدروس سال العرق - مع الحبر - على الكراسات..
*وكانت إدارة المدرسة تتكفل بإفطار التلاميذ بواسطة متعهد..
*كل خمسة منهم يتحلقون حول صحن كبير... فيمتلئ الحوش بالمتحلقين والصحون..
*وحسبته سوء حظ - وقتها - حين وجدت حسيناً في حلقتنا..
*أو بالأحرى هو الذي وجدني ضمن حلقته ؛ فهو الأقدم... وأنا (عابر فصول)..
*فما كنت أستسيغ الأكل لشيء في نفسي (العوَّافة)...آنذاك..
*ثم توفي حسين هذا فجأة ؛ مع مقدم شهر كياه... أو كياح كما ينطقه البعض..
*فبكته المدرسة... وأشجارها... وأحبارها... وعصافيرها.... وأنا..
*أنبني ضميري جداً... ثم جاء الليل بزمهريره - وزمجرته - فضاعف أحزاني..
*فمن أساطير منطقتنا أن عويل ريح كياه ما هي إلا روح ميت..
*ولم يمت يومها سوى حسين ؛ فهي - إذاً - روحه... وهي غاضبة مني ولا شك..
*فقد كانت نظراته تفضح إحساسه بشعوري المفضوح نحوه..
*وتفتأ الريح تعوي... وتصرخ... وتزمجر... ولا تبرح محيط منزلنا ؛ هكذا ظننت..
*بل وظننت أنني سمعت اسمي مراراً... كلما صفقت الريح شيئا..
*وحين طفق المؤذن ينبه لصلاة الصبح سكتت الريح فجأة... وسكنت (الروح)..
*أو لعلها سكنت بعد أن (سكت) عنها الغضب تجاهي..
*واستمدت روحي أنا من سوء الحظ ذاك حسن حظ بتعلم الدرس باكراً..
*درس عدم التأفف من أي (روح)...هي من (روح) الله..
*وشكراً (روح حسين !!!).
assayha
|
|