التخلص من البؤس و التعاسة و الشقاء بقلم نوري حمدون

التخلص من البؤس و التعاسة و الشقاء بقلم نوري حمدون


06-28-2018, 03:36 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1530196590&rn=1


Post: #1
Title: التخلص من البؤس و التعاسة و الشقاء بقلم نوري حمدون
Author: نوري حمدون
Date: 06-28-2018, 03:36 PM
Parent: #0

03:36 PM June, 28 2018

سودانيز اون لاين
نوري حمدون-الابيض-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


= أجل .. الحياة تقاس بعمقها . اذ ليس صحيحا ان الذي يبقى على قيد الحياة لفترة أطول هو صاحب الحياة الافضل . و ربما يظن بعض الناس ان الاغنياء دائما يمارسون الحياة بشكل اعمق من الفقراء . و لكن الحقيقة ان الجميع يحتاجون و يقدرون على ممارسة الحياة بشكل عميق . فليس صحيحا ان العظماء في تاريخ البشرية هم المشاهير المائة او المائتان وان حياتهم باستمرار افضل من حياة البسطاء المغمورين الذين دائما تسميهم كتب التاريخ الشعب او العامة او الرعية أو السواد الاعظم من الناس . ان عدد العظماء ليس مشتملا فقط على هؤلاء المشاهير . انه اكبر مما كنا نظن و اكبر من قدرتنا على التخيل و يتسع لعدد كبير من اولئك البسطاء المغمورين . ممارسة الحياة بعمق تعني التخطيط لتلك الحياة لتحديد ما يمكن انجازه وفقا للظروف المتاحة . التخطيط هو كلمة السر التي تجعل الحياة عميقة و عظيمة في نفس الوقت . التخطيط معناه وضع الاولويات الذي يعني ببساطة ترتيب الاهداف حسب معدل اهميتها زائدا الحاحيتها . فالاكل مهم و الشرب كذلك . و لكن التنفس مهم و ملح في نفس الوقت . غياب الاولويات و الاهداف يجعل الانسان يفقد البوصلة و يغرق في بحر البؤس و التعاسة و الشقاء . الاهداف تتطلب ان نؤدي لها بعض الاعمال لتحقيقها . فتحسين الحياة عموما يعني ان نكد و نكدح . و النجاح في الجامعة مثلا يعني ان نذاكر و نجتهد . يجب ان نحسن ربط الاعمال التي نقوم بها بالاهداف لان ذلك مدعاة لان ينشط الانسان لاعماله و لا يشعر بالملل او التعب معها . ان ينشط الانسان للحياة لدرجة وضع الاهداف و تحديد الاولويات و ربط الاعمال بالاهداف يسمى أيضا الايجابية . و تحتاج الايجابية للقيام بعمل آخر بنفس الدرجة من الكفاءة و النشاط هو التخلص من المشاعر السالبة مثل الاحباط و الاكتئاب و الحزن و الياس و الغضب و التوتر و القلق و الخوف و هلمجرا . التخلص من المشاعر السالبة يتم بفهم اسباب وجودها و العمل على اطفاء جذوتها او ابقائها عند حدودها الدنيا الطبيعية . و أكبر العوامل المساعدة على التخلص من المشاعر السالبة هو عامل تحديد الاهداف و وضوحها . و الايجابية بحاجة الى ان نقوم بشئ آخر مكافئ في الاهمية للتخلص من المشاعر السالبة . تحتاج الايجابية الى التحفيز عموما و التحفيز الذاتي خصوصا . و لحسن الحظ اقوى تحفيز ذاتي ياتي دائما من عامل تحديد الاهداف و وضوحها . و سنفهم قوة تاثير الاهداف كمحفز عندما نعرف ان الاهداف ليست شيئا آخر سوى الاحلام التي ننسجها و الامنيات التي نتطلع اليها . و الاحلام هي الشئ المهم في تعميق الحياة و جلب النجاح و السعادة . و هي التي تحدد عظمة الاعمال التي نقوم بها . و لحسن الحظ الاحلام لا تباع ولا تشترى و لا نذهب اليها و لا نتعب لها . كل ذلك لانها موجودة في دماغ كل انسان و تتكون هناك فيما يعرف بالخيال الذي هو أصل الابداع .. ابداع الحياة . و لهذا السبب قلنا ان تعميق الحياة يستوي فيه الاغنياء و الفقراء .. لان المال قد خرج من المعادلة . و ينتج عن كل ذلك انك:
1- اذا احسنت الحلم خلقت لنفسك التحفيز اللازم و وضعت لحياتك الاهداف الواضحة .
2- و اذا أحسنت وضع الاولويات لاهدافك الواضحة ستتخلص بسهولة شديدة من المشاعر السالبة .
3- و اذا أحسنت ربط الاعمال بالاهداف يرتفع معدل الايجابية لديك .
4- و اذا أحسنت تفعيل الايجابية المتكونة لديك ستحسن التعامل مع سبعة من قوي الطبيعة التي لا قدرة للانسان على الفكاك منها : التعب و النوم و الجوع و العطش و الاخراج و المرض و التكاثر. و حسن التعامل مع هذه القوى الطبيعية للحياة يتمثل في تفعيل قاعدة (لا ضرر و لا ضرار) و قاعدة (خير الامور اوسطها) و قاعدة (قوة في غير افراط و لين في غير تفريط) و ذلك حتى لا نقع فريسة لها . فالاستسلام للتعب و النوم يورث الانسان الكسل . و الاستسلام للجوع و العطش يورث الانسان الكفر بالقيم المجتمعية . و الاستسلام للاخراج و المرض و التكاثر يجعل الانسان كالبهيمة ليس لها هدف سوى ان تضع نفسها في مهب الريح .
ليس صحيحا اننا نناطح الطبيعة او نعمل لننتصر عليها . فليس ثمة انسان في الدنيا قادر على مناطحة قوى الطبيعة أو الانتصار عليها . و في نهاية المطاف ليس في الدنيا شئ أقوى من الطبيعة . ما يجب ان نفعله هو التمسك بقيم الحياة الفاضلة مثل التعايش و البساطة و المرونة .. و السلام و التناغم و السكينة . ان أفضل شئ تفعله الشجرة هو ان تغرس جذورها بعمق الى الاسفل لترفع فروعها بعظمة الى الاعلى بينما تسقط اوراقها تباعا الى الارض لترد اليها بعض الجميل .
في التنمية البشرية
بقلم / نوري حمدون