ولكي لا ننسى فقط.. فالشيطان الأكبر هذا.. كان هو اسم الولايات المتحدة الأمريكية.. في سجلاتنا الرسمية.. في سنوات التمكين.. وهي سنوات (الرمادة) التي وقعت فيها كل المصائب.. وكانت المعركة ضد الشيطان الأكبر مقدسة.. وحتمية على الجميع.. رغم أن من أشعلوها كانوا قلة.. إلا أن الجميع اكتوى بنارها.. ودفع ثمنها.. وتحمل تبعاتها.. والحكومة التي كانت تعتقد الولايات المتحدة أنها تعاقبها بتلك العقوبات.. كانت في الواقع تستثمر في تلك العقوبات.. فالنقص في الخدمات.. سببه العقوبات.. والنقص في الأنفس والثمرات.. سببه العقوبات.. وحتى الأخطاء والتجاوزات.. أيضاً سببها العقوبات.. وهذه صحيحة فعلاً.. فواحدة من أكبر الآثار السلبية لتلك العقوبات.. كانت ضرب جهاز الدولة في مقتل.. وفِي أخطر شرايينه.. المال العام وتداوله.. حيث تعطلت القنوات التقليدية للاستيراد على سبيل المثال.. من إجراءات مصرفية.. وتحويلات بنكية.. واعتمادات مستندية.. فظهرت الحقائب الدولارية.. والاستيراد بطرق تحايلية.. فكانت النتيجة كارثية..! ولعل أبرز مفاجآت بيان رفع العقوبات الصادر عن الإدارة الأمريكية هو الاعتراف الأمريكي المتأخر جداً.. لأول مرة بالفصل بين الحكومة وبين الدولة.. ولو أنها فعلت ذلك قبل ذلك.. لكانت قد رفعت العقوبات قبل ذلك بكثير.. ودونك مدخل البيان الذي يقول.. (قررت الولايات المتحدة اليوم إلغاء العقوبات الاقتصادية في ما يتعلق بالسودان وحكومته بموجب الأمرين التنفيذيين 13067 و13412، اعترافاً بالإجراءات الإيجابية التي اتخذتها حكومة السودان للحفاظ على وقف الأعمال العدائية في مناطق النزاع في السودان، وتحسين المساعدات الإنسانية والوصول إلى جميع مناطق السودان، والحفاظ على التعاون مع الولايات المتحدة في معالجة الصراعات الإقليمية ومهددات الإرهاب.. الخ).. ونلاحظ فقط عبارة السودان وحكومته.. فهي تعكس اعترافاً بأن العقوبات كانت مفروضة على السودان من جهة.. وعلى حكومة السودان من جهة أخرى.. أي أن واشنطن ومنذ الوهلة الأولى كانت تعلم هذه الحقيقة.. لا كما كان يظن الكثيرون منا.. وبسذاجة.. أنها لا تعلم أن العقوبات تؤثر على الشعب.. لا على الحكومة.. ولعله ولسبب من هذا.. كان مسؤولونا وساستنا وإعلاميونا.. وحتى مواطنينا.. ما التقوا أمريكياً.. إلا وراحوا يحدثون ذلك الأمريكي عن أن العقوبات تؤثر على الشعب.. لا على الحكومة.. وكان الأمريكي يكتفي بهز رأسه فقط.. والآن فقط نكتشف أن هز الرأس ذاك كان معناه (عارفين)..! ولكي ننفذ إلى عنواننا أعلاه.. فالسؤال.. هل كان رفع العقوبات غاية أم وسيلة..؟ ولعل الإجابة المنطقية الوحيدة هي.. أن رفع العقوبات هذا هو مجرد وسيلة لغاية أعظم وأجل.. وهذه الغاية هي في حدها الأدنى.. إزالة التشوهات في الاقتصاد السوداني.. وفِي حدها الأقصى.. أو قل في محصلتها النهائية.. حسن إدارة وحسن توظيف الموارد وتوجيهها لتحقيق رفاه المواطن.. وهذه مهمة جد عظيمة تحتاج ما تحتاج من عزيمة وإصرار.. وإرادة سياسية صارمة.. عالية الالتزام تجاه الوطن ومواطنيه.. والحال كذلك.. يصبح كل ما حدث حتى الآن من حراك.. وما بذل من جهد.. وتحققت من نتائج.. تصبح كلها محض جهاد أصغر.. حقق الوسيلة.. وأصبح الجميع الآن أمام تحدي الجهاد الأكبر.. الغاية الكبرى.. ويخطئ خطأ قاتلاً من يظن أن المرحلة المقبلة وتحدياتها هي مسؤولية الحكومة وحدها.. كلا بل هي مسؤولية الجميع.. صحيح ينبغي أن تلعب الحكومة دوراً محورياً.. هو دور القائد ودور الملهم ودور القدوة في عملية حسن إدارة وحسن توظيف الموارد القادمة.. ودعونا نذكر مجدداً ما ذهب إليه البيان الأمريكي في الفصل بين السودان وحكومته.. ولطالما رفعت العقوبات عن السودان وحكومته.. فمرحلة ما بعد العقوبات هي أيضاً مسؤولية السودان وحكومته..! ولنا عودة..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة