السودان يوقع على .. سيداو بقلم نوري حمدون

السودان يوقع على .. سيداو بقلم نوري حمدون


06-26-2018, 02:27 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1530019673&rn=0


Post: #1
Title: السودان يوقع على .. سيداو بقلم نوري حمدون
Author: نوري حمدون
Date: 06-26-2018, 02:27 PM

02:27 PM June, 26 2018

سودانيز اون لاين
نوري حمدون-الابيض-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


= يثور جدل حميد هذه الايام حول صحة توقيع السودان على اتفاقية سيداو . و سيداو (CEDAW) هي اتفاقية نابعة من الامم المتحدة تهدف للحد من التمييز ضد المرأة في كافة المجالات مثل العمل و الدراسة و الزواج و الرياضة . تضم الاتفاقية ثلاثين بندا الكثير منها ليس محل خلاف . و لكن الدول الاسلامية كانت دائما تقوم بالتوقيع على الاتفاقية مع التحفظ على بعض البنود التي ترى انها مخالفة لتعاليم الاسلام الراسخة . و في اعتقادي ان السودان محق في اتجاهه للتوقيع حتى و لو فعل ذلك بدون تحفظ و في ما يلي توضيح هذا الرأي .
= في اعتقادي ان التحفظ على بعض بنود اتفاقية سيداو ينم عن عدم انتباه للمقصود من الاتفاقية من ناحية و من النصوص الاسلامية التي يتم الاحتجاج بها ضد الاتفاقية من ناحية أخرى . و عموما نحن نعتقد ان الاتفاقيات الدولية لا شأن لها بالشرائع الدينية التي تخاطب دائما الشخص المؤمن بها و الذي دائما أيضا يقوم بتقييد نفسه بها بمحض اختياره . فالحداثة تنظر الى الدين على انه امر شخصي يفرضه الشخص على نفسه . بينما الاتفاقيات الدولية تتحدث عن ضوابط المعاملات بين الناس كافة الذين يجب ان توضح لهم حقوقهم و واجباتهم بشكل مباشر و جلي . و لهذا تتحدث الاتفاقيات عن ميادين للمعاملات مثل الميدان الاقتصادي او الاجتماعي او القانوني لعلمها ان الميدان الشخصي و الذي يقع فيه الدين لا شأن لها به . ابرز تحفظات الدول الاسلامية على الاتفاقية يتعلق أحدها بقسمة الميراث بين الرجل و المرأة و يتعلق الآخر بكون شهاد المرأة على النصف من الرجل . و لنا في هاتين المسألتين وجهتا نظر .
= في اعتقادي ان الشهادة في المحكمة ليست من الحقوق في شئ . فالانسان لا يطلب الشهادة و لا يشترط كيفية معينة لشهادته . فالشخص اذا ادلى بشهادته فقد ادي ما عليه من امر الشهادة تماما كالآخرين . و اما كون هذه الشهادة شهادة كاملة او نصف شهادة فهذا من عمل القاضي في ما يتعلق بتقييمه للشهادة . فالقاضي دائما ما يقوم بتقييم الشهادات .. و من نتائج تقييمه انه يعتبر احدي الشهادات اقوي من الاخري .. و يطلب شهادة رجلين او امرأتين او رجل و امرأتين .. و يقبل شهادة ما و يرفض اخري جملة و تفصيلا .. يفعل كل ذلك في شهادات النساء و الرجال على السواء . و في كل الاحوال فقد تمتع كل شاهد بحقه في اسماع شهادته بنفس الضوابط و الشروط مثل ان يؤدي القسم او ان ياخذ تعويضا ماليا نظير اضاعته لزمن ما او مصلحة ما . الاتفاقية تتحدث عن المعاملات او الممارسات التي تضيع الحقوق بناء على التمييز بين الرجل و المرأة و لا تتحدث عن تقييم هذه المعاملات او تلك الممارسات . ففي حين تعطي الاتفاقية المرأة الحق في تقلد أي وظيفة فانها لا تعتبر تقييم أداء المرأة لتلك الوظيفة انتقاص لحقها باي نحو من الانحاء . فعندما تفشل المرأة في أداء وظيفة ما و تبعد من هذه الوظيفة لا يجب ان يقال انها قد حرمت من حقها في تقلد تلك الوظيفة تحيزا ضدها . فالفرصة قد اتيحت لها على قدم المساواة مع الرجل . و كان يتوجب عليها اثبات قدرتها على أدائها . و انه لامر طبيعي و منطقي اذا نجحت المرأة ان نقول انها نجحت و اذا فشلت انها فشلت . و هذا القول او ذاك انما هو نوع من انواع التقييم . و كذلك في الشهادة .. للمرأة الحق في الشهادة تماما مثل الرجل .. و اما تقييم هذه الشهادة فلا ينتقص من حق المراة في الشهادة شيئا . و في راينا ان الاسلام قد اعطى المرأة و الرجل نفس الفرص في الشهادة و هو ما تطالب به سيداو.
= و في اعتقادي ان حالة عدم تساوي المرأة مع الرجل في الميراث بالطريقة الاسلامية تبدو كامر مثير للانزعاج حيث ان الاتفاقية لا تنظم حقوق المرأة المسلمة فقط و لكنها تنظم حقوق نساء العالم كافة بغض النظر عن معتقداتهن او معتقدات الرجال . و من أرادت ان تتنازل عن حقها تغليبا منها لموقف ديني فهي حرة في اختيارها و لا تثريب عليها او على أي جهة أخري كالقوانين المعمول بها في البلد . و يحب في هذه الحالة ان تكون القوانين المعمول بها في البلد بشأن الميراث متوافقة مع اتفاقية سيداو . و في هذه الحالة يكون اختيار المرأة (س) العدول عنها اختيار شخصي حر . بينما يحفظ القانون حق المرأة (ص) التي ارادت المساواة في الميراث . و غالبا ما تكون المرأة الاولى مسلمة بينما تكون الأخرى غير مسلمة . و امر الاختيار هنا أشبه باختيار المسلم عدم استلام الفائدة لقرض قرضه لاخيه اذا كان من رأيه انه من الربا . الواقع ان سيداو لا تفرض نفسها على المؤمنين الذين أرادوا التخلي عن حقوقهم لاسباب دينية . و لكنها بذات المستوى توفر للمطالبين بحقهم عبر المساواة ان يحصلوا علي تلك الحقوق . اما بالنسبة للبعد الفقهي لمسألة الميراث فقد ثبت ان قسمة الميراث بالتراضي لا تشكل مخالفة للشريعة الاسىلامية . جاء في " الموسوعة الفقهية " :
" أَمَّا قِسْمَةُ التَّرَاضِي : فَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِفَاءُ الضَّرَرِ ، بَل الرِّضَا بِهِ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِ ، وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ ، حَتَّى لَوْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ ضَارَّةً بِجَمِيعِ الشُّرَكَاءِ لَكِنَّهُمْ رَضَوْا بِهَا فَهَذَا شَأْنُهُمْ وَحْدَهُمْ ؛ لأِنَّ الْحَقَّ لَهُمْ لاَ يَعْدُوهُمْ ، وَهُمْ أَدْرَى بِحَاجَاتِهِمْ ، فَلاَ يَكُونُ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْهَا وَقَدْ رَضُوا بِضَرَرِ أَنْفُسِهِمْ " انتهى . فاذا تراضي الاخوان مع اخواتهن على قسمة التركة بالتساوي فان ذلك جائز . قسمة التراضي لا تعد مخالفة للتعليمات القرآنية . و كذلك التراضي على سيداو . و الجدير بذكره ان معظم حالات الميراث في الاسلام تعطي المراة نصيبا مساويا للرجل و بعضها تعطيها نصيبا أكبر من نصيب الرجل بينما البعض الاخر يجعلها ترث هي و لا يرث هو . فعلينا ان ننتبه الى ان اتفاقيات الحداثة تتحدث عن الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و الوظيفية و القانونية و غيرها و لا شأن لها بالميادين الدينية التي تقع في منطقة الخصوصية للانسان رجلا كان او امرأة . كما علينا ان ننتبه الى ان التشريعات الدينية لا يفرضها الآخرون على الفرد و لا يفرضها الفرد على الاخرين .. انما يفرضها الفرد على نفسه .
السودان يوقع على .. سيداو
بقلم / نوري حمدون