التناقض بين السلطة والثقافة . . ! بقلم الطيب الزين

التناقض بين السلطة والثقافة . . ! بقلم الطيب الزين


06-17-2018, 01:19 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1529194795&rn=0


Post: #1
Title: التناقض بين السلطة والثقافة . . ! بقلم الطيب الزين
Author: الطيب الزين
Date: 06-17-2018, 01:19 AM

01:19 AM June, 16 2018

سودانيز اون لاين
الطيب الزين-السويد
مكتبتى
رابط مختصر



الأطروحة الفلسفية الأساسية عند فوكو، هي أطروحة الصراع والتضاد بين المعرفة والسلطة. فالطرفان يشكلان جانب تضاد وصراع تاريخي.
فبعد كتاب الكلمات والأشياء أصدر فوكو كتابه النظري الهام " اركيولوجيا المعرفة" ثم بعده بسنوات كتابه" المراقبة والعقاب" ولادة السجن الذي يشكل أحد أهم الكتب الثلاثة التي أصدرها فوكو خلال سيرته الفلسفية، إضافة إلى تاريخ الجنون والكلمات والأشياء . ومن يقرأ هذا الكتاب حتماً سيلحظ أن ثمة تشابه بين البيئة التي كتب عنها فوكو والبيئة والظروف التي يعيشها الشعب السوداني الآن، في ظل حكم هذا النظام الذي أوصل الأوضاع العامة درجة من السوء والتردي، جعلت أعداداً كبيرة من الشعب تعاني من حالات نفسية متزايدة، مما يحتم على أخصائي علم النفس ، إفراد دراسات ترصد هذه الظواهر، وتحلل اسبابها وابعادها ومضاعفاتها على المجتمع والاسر السودانية.
لست إختصاصيا في مجال علم النفس، لكن إستطيع أن أقول: بلا تردد إنه الفقر اللعين . . ! الذي وجد الظروف المؤاتية لينخر ويتمدد وتتسع دائرته في حياة المجتمع السوداني الذي وجد نفسه واقعاً تحت وطأة نظام استبدادي لمدة تجازوت الربع قرن، تسانده وتدعمه مجموعات انتهازية فاسدة لا تتورع من السطو على المال العام بكل الوسائل والحجج والذرائع، على حساب الاغلبية من الشعب السوداني . . !
في كتاب" المراقبة والعقاب" يقوم فوكو بتفكيك ديناميات السلطة وجدلية عملها القمعي وعلاقتها بالفاسدين في المجتمع، موظفاً المعرفة كأداة نقد وتفنيد، تقف ضد البناء الكتلوي للسلطة وأدواتها وأساليبها . يبدأ فوكو مشروعه التطبيقي الجديد بدراسة السجن وطريقة نشوئه كمكان للحجز والعزل والعقاب. اذ يبدأ فوكو كتابه بوثيقة تاريخية تصور عملية إعدام علني لأحد الأشخاص في القرن الثامن عشر. إقترن الإعدام بعمليات تعذيب تنتهي بقتل المحكوم أمام الجمهور في ميدان عام من ميادين المدينة.
كما يرصد نشوء وتطور السجن في أوروبا وفي الغرب عامة ومفهوم السلطة وتطورها وآلياتها الداخليّة. وينقد مفككاً كل المفاهيم السابقة التي جاء بها الليبراليون أو الماركسيون لأجل تحليل بنية السلطة ووضع مفهوم خاص بها.
كما أن السلطة مهما أدعت بأنها تُمارس القانون والقضاء وأن القضاء فوق كل شيء، فإنها في حقيقة الأمر تُمارس نفسها وكأنها فوق القضاء، إذ يقول فوكو، أن السلطة تضطلع بإشاعة النظام والإنضباط داخل أدق مستويات الحقل الإجتماعي شاهدة بذلك على إستقلالها الكبير عن الجهاز القضائي.
وفي هذا السياق أيضاً يرى فوكو أن المفهوم الشرعي وبالنسبة للسلطة ليس أفضل وأصح من المفهوم القمعي، أجل هما مفهوم واحد للسلطة مع فرق بسيط هو القانون يبدو في أحدها تأثر خارجي للرغبات بينما يبدو شرط داخلي لها في الثاني.
إن السلطة مهما كانت إيديولوجيتها، حتى ( داخل النظام الليبرالي الذي يعالجها ضمنه فوكو وفي نموذجه الغربي) تبقى سلطة إستبدادية وقمعية على كافة مستوياتها وفي ممارساتها وحركيتها الداخلية.
لذلك تبقى سائدة هي ولا تشكل أية معارضة لها تهديداً لقوامها سوى الثقافة والمعرفة.
فإن محتوى التاريخ قد قام على جدلية الصراع بين السلطة والمعرفة، فالمعرفة هي الأساس الوحيد الذي يمكن له أن يكشف حقيقة السلطة ويعريها.
الطيب الزين