نحنُ نصنع حِيرتهم فينا .. !! - بقلم هيثم الفضل

نحنُ نصنع حِيرتهم فينا .. !! - بقلم هيثم الفضل


06-05-2018, 05:33 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1528173188&rn=0


Post: #1
Title: نحنُ نصنع حِيرتهم فينا .. !! - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 06-05-2018, 05:33 AM

05:33 AM June, 04 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر


سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة

بعض الطيبين من أبناء هذا الوطن من الغيورين على كرامتهم يعتقدون أن ما يحدث من إستهزاء وتقليل من شأن الشخصية السودانية في بعض الشاشات العربية ، هو مجرد إستكبار وصلف عربي ضد السودانيين لمجرد أنهم ليسوا عرباً خُلصاً بما تجري في عروقهم من دماء إفريقية ، ولكنهم لايدرون أنهم حين يُعملون هذا التفسير السطحي بلا شك سيقعون في مغبة (تقزيم) الفجوة أو الهوة الفارقة بيننا وبين الثقافة العربية الحديثة والتي هي في حد ذاتها ثقافة هجين ما بين عروبية لا تستحضر في طياتها إلا الشكليات الوصفية للإنسان العربي وبين ما يتم إدماجه جبراً نتاجاً للسيطرة الإعلامية الدولية من إشارات ثقافية تستوطن بلا إستئذان أعماق الثقافة العربية الأصلية ، وهذا بالضبط ما يحدث في المجتمعات العربية اليوم ، وخصوصاً الخليجيين ، فهم ليسوا في منأى عن ما يدور في العالم من صراع ثقافي وإعلامي يسميه المختصين (الإستلاب الثقافي والإنتمائي) ، لذلك تجدهم دائماً متنازعين ما بين الإعتراف بالقيَّم الضمنية التي إحترمت فيها العروبة طبائع وأعراف الغير وثقافتهم وسحناتهم وخصوصاً بعد الإسلام ، وما بين التقييم الشكلي الذي يُجسد حالة التضاد أو الإختلاف العرقي والثقافي الذي يقود إلى مزيد من المبالغة في التركيز والتمحيص حول بعض المميزات الخاصة بالشخصية السودانية ، ولما كان العمل الفني والإبداعي وخصوصاً الدراما والإستعراض المسرحي يكون في أغلب الأحيان بمثابة (المجهر المُكبر) لحالة الوصف التي تقتضيها الحبكة الدرامية خصوصاً إذا كان العمل ذو طابع كوميدي ، فمن الضرورة بمكان أن يتم إبراز أهم الصفات الإنطباعية لدى المجتمع الخليجي والعربي عموماً عن الشخصية السودانية ، وليعلم أولئك الطيبين من أهلنا الغاضبين أن الشخصية السودانية في الخليج ما زالت لهجتها العربية مثار إستغراب وتندُّر ، وأن السودانيين هناك صفتهم الأساسية الكسل وحب الإستكانة والنوم وسرعة الإنفعال ، ولكنهم في ذات الوقت أيي الخليجيين يحتفظون بدواخلهم بمساحات حب وإحترام واسعة للسودانيين ، يتم إثباتها يومياً في الواقع الفعلي لحياة الجاليات السودانيات المُقيمة هناك منذ عشرات السنين ، لذا فالأمر متعلِّق بالإختلاف الثقافي والعرقي الذي يجب أن يعترف به الطرفين حتى لا تتأجَّج نار الحساسيات والغضب كلما طفح هذا الموضوع إلى السطح ، والموضوع من وجهة نظري أعمق من مجرد الإختلاف الشكلي في اللون أو طريقة نطق الكلمات ، ولو كان كذلك لتعرَّضت الكثير من الجنسيات ذات العرق الإفريقي المتواجده في الخليج لذات الإسلوب في التناول ، أو لتعرَّض السودانيين أنفسهم لذات الأمر في دول أخرى يختلف أهلها عنهم عِرقاً وثقافةً ، كل ما في الأمر أن المشكلة الأساسية فينا نحن السودانيين ، فلو إرتفعت قناعاتنا بذواتنا من ناحية الإعتداد (بهويتنا) العرقية والثقافية الحقيقية وفصلناها عن مشاعرنا التاريخية المُتعلِّقة بالعروبة لمجرد نطقنا العربية وما تم من تداخُل تاريخي ، لإستطاع العرب أن يلِجوا إلينا من مداخل تواصلية أخرى أكثر قرباً وإتساقاً مع أمزجتنا الثقافية ، وفي المقابل إستطعنا نحن السوانيين أن نستوعب بوضوح الصورة الحقيقة التي يرانا بها إخوتنا العرب والآخرون ، نحن السودانيين مزيجٌ من نكهات ثقافية وعرقية مختلفة لا يمكن إسنادها بالمطلق للعروبة ولا للإفريقانية ، هكذا يجب أن نُقدِّم أنفسنا للآخرين .. حتى يستطيعوا أن يخرجوا من دائرة إندهاشهم وإستغرابهم مما نحن فيه من إزدواجية ثقافية نصنعها بأيدينا ونحاسب عليها الآخرين حينما يُعبِّرون عن ما يدور بخلدهم عنها بلا سوء نية .