صُنع في التوهان .. !! - - بقلم هيثم الفضل

صُنع في التوهان .. !! - - بقلم هيثم الفضل


05-31-2018, 06:10 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1527743401&rn=0


Post: #1
Title: صُنع في التوهان .. !! - - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 05-31-2018, 06:10 AM

06:10 AM May, 31 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر


سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة

قبل إسبوعين أعلن وزير الدولة بوزارة الصناعة إنطلاق فعاليات معرض (صُنع في السودان) بأرض المعارض ببُري ، وأكبر دليل على ما وصل إليه سوء حال الصناعة السودانية ، وكذلك حال المواطن السوداني المُنهك بمرارات اللهث المُضني وراء الضروريات ، أن الدراسات الإحصائية التي أُجريت لأول إسبوع منذ إفتتاح المعرض أسفرت عن (تكالُب) محموم لأرتال المواطنين المسحوقين على ما يتم عرضه في قطاع الصناعات الغذائية من زيت طعام وسُكر ومواد غذائية أخرى لأجل العروض المُخفَّضة في أسعارها والتي وصلت في بعض الأحيان إلى 30 % من القيمة الأساسية لأسعارها في السوق ، وهذا يُعطي دليلاً واضحاً على أن الهدف الأساسي من إقامة المعرض قد تبدَّل من إعتباره تظاهره تساعد على عرض إمكانيات الصناعة السودانية وما وصلت إليه من تطورات وما تستهدفه من طموحات بالإضافة إلى الترويج لمنتجاتها من حيث الكم والكيف ، إلى مجرَّد نافذة بيع مُخفَّض يقصدها الجمهور ولا يلتفت إليها القطاع التجاري والإستثماري ، وبلغ عدد المصانع المشاركة 193مصنعاً تعمل في مجال التصنيع الغذائي و48مصنعاً تعمل في قطاع الصناعات الهندسية ، للحقيقة فإن ما أصاب القطاع الصناعي السوداني من إنتكاسات مريرة لا يؤهله لإقامة مثل هذه المعارض والتي لا أجد لها أهمية داعمة لهذا القطاع غير مجرد إستفادة النافذين في هذه الوزارة الحيوية من البهرجة الإعلامية والمزيد من الخوض في مستنقع (الجعجعة) التي لا نرى لها طحيناً ، منذ أن أثبتت الوقائع أن حكومة المؤتمر الوطني ليس لها أيي مخططات جادة ومُثمرة قادرة على قيادة حركة الإقتصاد السوداني ومعه القطاع الصناعي إلى برالأمان ، وكثيرٌ من النافذين وأصحاب القرار في وزارة الصناعة يحلو لهم في المنابر الإعلامية ترديد جملة (تحويل السودان إلى دولة صناعية) ، والواقع يؤكد أن الإخفاقات التي تم جنيها من سوء التخطيط وتفشي الفساد الإداري والمالي في المؤسسات الداعمة لحركة التنمية الصناعية دائماً ما كانت تقود الصناعة في السودان إلى دركٍ مظلم ، بل وبالتأكيد قد هدمت كل ما تم إنجازه في عهود سابقة بالرغم من قصوره وعِلاته ومحدوديته ، مما جعل الصناعات السودانية تضمحل وتتركَّز في دائرة الصناعات الغذائية والتي هي أيضاً تعمل بشق الأنفس في ظل السياسات الحكومية الصابة جميعها ضد فكرة (تشجيع الصناعات المحلية وحمايتها من المنافسة الخارجية) ، كما أن آفة التمكين السياسي تبعتها آفة أخرى هي آفة التمكين الإقتصادي والتفضيلي والذي حصر فرص النمو والتطوير والتوسع لمؤسسات صناعية بعينها لا يخفى إنتماءها للقطاع الإقتصادي للحركة الإسلامية على المستوى المؤسسي والفردي ، فعدم الولاء ومجرد الوقوف في الحياد يُعتبر أقصر طريق لتعثر المؤسسات الصناعية في ظل الأجواء الصفوية والفسادية التي تسود حالة الحراك الإقتصادي عموماً في السودان ، كيف للصناعة أن تنمو وتتطوَّر في بلاد تعاني طاقاتها البشرية حالة من الفقر المدقع والعوز وقلة الحيلة أمام المرض والتعليم والتدريب وإكتساب المهارات ، كيف لها ذلك ومركباتها ومولَّداتها الكهربائية تصطف ليلاً بنهار أمام محطات الوقود ، وكيف لها ذلك والدولة لا تلتزم بضمانات إستمرارية الإمداد الكهربائي والمائي للمصانع ، هذا فضلاً عن إرتفاع القيَّم الضريبية والجمركية المتعدِّدة و(الحظر المُستتر) وغير المُعلن للإستيراد من قِبل بنك السودان وتأثير ذلك على توفُّر المواد الخام وقطع الغيار ، أما آخر الوقائع الماثلة الآن لآخر المشكلات التي يمكن أن يواجهها قطاع المصانع الصغيرة ، هو إنفجار الأنبوب الرئيسي للصرف الصحي بمنطقة الصناعات ببحري منذ ثلاثة أشهر تقريباً ، مما أدى بكل بساطة إلى توقف المئات من المصانع عن العمل وإضطرار بعضها رغم إرتفاع التكلفة إلى شفط مخلفاتها المائية والكيميائية بالتناكر ، بالله عليكم هل هذه الأوضاع المذرية والمُخجلة إذا فرضنا توفر فضيلة الحياء لدى المسئولين من الصناعة في السودان تسمح من الناحية النفسية والأخلاقية بإقامة معرض تحت مُسمى (صنع في السودان) .. شعارات فارغة.