| 
 | Post: #1 Title: سواد !! بقلم صلاح الدين عووضة
 Author: صلاح الدين عووضة
 Date: 05-23-2018, 02:11 PM
 
 
 02:11 PM May, 23 2018 سودانيز اون لاينصلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان
 مكتبتى
 رابط مختصر
 *لرمضان خواطر طفولية تعلق بالذاكرة..
 
 *ولأديبنا عبد الله الطيب خاطرة من هذه الشاكلة... لم أقرأها إلا البارحة..
 
 *سطرها بأسلوبه السهل... الممتع... السلس... المباشر..
 
 *وفقرة فيها أعدت قراءتها مرتين... وهي عن كبرياء السودانيين إبان الاستعمار..
 
 *قال إن المستعمر أيقن أنهم ذوو استعصاء على الذل والمهانة..
 
 *ولهذا السبب - يقول - ربما عجلوا برحيلهم (الهادئ)..
 
 *ولكن جاء من بعدهم من عمل على إذلال أهل السودان - وإهانتهم - بالقوة..
 
 *أو بالأصح؛ من بعد الحكومة الوطنية الأولى... المنتخبة..
 
 *والمقصود هنا - بالتأكيد - الأنظمة العسكرية... إذن لماذا لم يسمها؟!..
 
 *لأنه كتب خاطرته هذه في (ظل) نظام عسكري... ولا شك..
 
 *فهي أنظمة ذات (ظل أسود طويل)... بطول سنوات وكستنا منذ الاستقلال..
 
 *وخاطرة ذات (سواد) هي بعض ذكريات طفولتي الرمضانية..
 
 *أبطالها تيس أسود... وقط أسود... وقرد لونه الداكن جداً أقرب إلى السواد..
 
 *أما التيس الذي يخرج علينا من (العدم) فكتبت عنه من قبل..
 
 *وما كانت عقولنا الغضة تؤهلنا لفهم الذي يهمهم به الكبار لنا...تحذيراً..
 
 *وأما القط الأسود فهو لم يكن يموء... وإنما يتكلم..
 
 *وكان موعد ظهوره هو أوان ظهور التيس نفسه... عند ذهاب الكبار إلى التراويح..
 
 *ولم يكن كلامه مفهوماً لنا بالطبع... ولكنه كلامٌ على أية حال..
 
 *ويظل (يرطن) وهو يجوس خلال بيوت الحي... من أعلى حائط إلى آخر..
 
 *والنساء يستعذن منه إلى أن يختفي... ونحن نضحك..
 
 *وما كان اختفاؤه يحدث إلا حين يزداد الليل سواداً... ويصير في سواد لونه..
 
 *وأما القرد فلم يكن يقل غموضاً عن أصحابه... ودارهم..
 
 *كان منزلاً يقع شمال غرب الاستراحة... طوبه البني المحروق يميل للسواد..
 
 *ولون القرد العجيب في لون هذا الطوب ذاته... تقريباً..
 
 *بل كان عجيباً جداً؛ لا نراه إلا عقب الإفطار... مثل التيس والقط تماماً..
 
 *ثم يفعل أشياء لا تقل عن أشيائهما عجباً... ومنها (التمايل)..
 
 *وربما كان أصحابه الغامضون مدمنين للرقص... فما كنا نعرف عنهم الكثير..
 
 *كانوا شديدي بياض البشرة؛ لا يداخلون الجيران... ولا يداخلوهم..
 
 *ويظل يقوم بهذه الحركات المضحكة إلى أن يلحق به صبي من أهل البيت فيأخذه..
 
 *أما الحياة السياسية فكانت مجللة بالسواد... هي الأخرى..
 
 *كان الخوف يحاصر الكبار..... فلا يتكلمون فيها إلا همساً..
 
 *مثلما تحاصرنا نحن الصغار تلكم المخلوقات السوداء...ويحاصرنا خوفنا منها..
 
 *وتلتقط آذاننا - من بين ما تلقط - أحاديث تزيدنا خوفا..
 
 *هذا اعتقلوه... وذاك عذبوه... وتلك رمَّلوها... وأولئك فصلوهم..
 
 *وكلُّ جماعةٍ مؤتلفة تخشى جماعةً مضيَّفة... خشية أن يكون من بينهم (عسس)..
 
 *وقالها عبد الله الطيب ؛ المستعمر لم يذل السودانيين..
 
 *وإنما أذلَّهم من جاء بعدهم... من بني جنسهم..
 
 *وجعل حياتهم (سواداً !!!).
 
 
 
 assayha
 | 
 |