صرخة لاجئ (2) بقلم الطيب محمد جاده

صرخة لاجئ (2) بقلم الطيب محمد جاده


05-22-2018, 06:07 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1527008848&rn=1


Post: #1
Title: صرخة لاجئ (2) بقلم الطيب محمد جاده
Author: الطيب محمد جاده
Date: 05-22-2018, 06:07 PM
Parent: #0

06:07 PM May, 22 2018

سودانيز اون لاين
الطيب محمد جاده-فرنسا باريس
مكتبتى
رابط مختصر



قصص ومغامرات كثيرة خاضها حالمون بالهجرة غير الشرعية بعضها كان مثيراً وغريباً والبعض الآخر صادماً بعد أن تنتهي بمأساة ، وأصبح المغامر مجرد رقم في لائحة الذين غادروا الحياة وهم يبحثون عن الحلم الأوروبي ، لكن الثابت أن كل الرحلات التي تتكلل بالنجاح وتصل إلى ما كانت ترنو إليه لا تخلو من المعاناة والمخاطر ويصبح الموت والهلاك أقرب إليك من النجاة ومعانقة الحلم ، كقصة محمد أحمد الذي قاربت رحلته إلى الثلاثة أشهر عنوانها الخوف والجوع متكبداً المعاناة في الصحارى وتربص المليشيات المسلحة، في كل من: دارفور وليبيا، ومكتوياً بحرارة (الحناكر) في شواطئ الموانئ الليبية، ومتطياً قوارب الموت المتهالكة، ومعاناة المهاجرين في الجزر الإيطالية، تحمَّلهم للجوع لأربعة أيام . يقول محمد احمد أنه اتخذ قرار الهجرة بسبب الخلاف الفكري والسياسي والبطالة وشظف العيش . وهذا الحلم يراود معظم الشباب السوداني مهما كان وضعه سواءً أكان طالباً أو موظفاً أو عاطلاً ، فصعوبة ظروف العيش وتفاقم البطالة فرض عليهم البحث عن فرص حياة أفضل وتحقيق العيش الكريم لهم ولأسرهم التي عانت من الحروب والظروف الاقتصادية حتى ولو كانت الهجرة غير الشرعية تهدد حياتهم مع العلم إنهم يفضِّلونها على البقاء في السودان ، فيرسمون في أذهانهم بأن الهجرة إلى أوروبا طريقاً مفروشاً بالورود وهنالك حيث دولة الرفاه الاجتماعي وحقوق الإنسان فينظرون خلسة إلى التهديدات والمخاطر التي تعترض هذا الطريق ويمضون في طريقهم . محمد أحمد فضّل أن يكون غذاءً للأسماك في عرض البحر، بدلاً عن المأساة في السودان ، حيث يقول محمد احمد ليس الفقر وحده هو الذي يحرِّك الشباب للتوجه إلى أوروبا بالرغم من أنه متداخل مع بقية العوامل ، فالشعور بالاضطهاد السياسي يدفع بالبعض للهجرة . محمد احمد الذي تخرَّج من كلية القانون جامعة النيلين ، دفعته عدة عوامل للهجرة خارج البلاد رغم معرفته المسبقة بخطورة الخطوة ، إلا أنه ينظر إليها بأنها أرحم من الأوضاع الاقتصادية المتردية والحروبات التي مزقت منطقته التي لم تجف فيها دموع الثكلى واليتامى والأرامل بعد إضافة إلى شعوره بالاضطهاد السياسي من قبل النظام . بدأ محمد احمد رحلته في منتصف شهر ابريل عن طريق مدينة نيالا ومروراً بصحراء كري ومناجم الذهب التي تقع بين دولتَيْ تشاد وليبيا مستصحباً حالات الخوف اللا إرادية من المليشيات الليبية ومعاناة المهاجرين في بيوت الأشباح التي يخزَّن فيها المهاجرين كالسلع للتصدير إلى أوروبا في الحناكر ، وشرود الذهن لحظات الضياع في البحر الأبيض المتوسط وكبكبة التسرع أثناء الإنقاذ والشعور بالغثيان جراء دوار البحر في ذلك المركب المطاطي المتهالك، ويطلق عليها قوارب الموت ومعاناتهم في جزيرة ساردينا الإيطالية، إذ أنها تمثل منجم جحيم للمهاجرين والذهاب بالأقدام حتى دخول مدينة نيس الفرنسية ما يقارب 4 أيام، دون مأكل أو مشرب، وكذلك الأوضاع المأساوية . عندما تطالعون قصة هذا الشاب التي تخللتها المعاناة والخوف من شبح الموت والهلاك المتربصان بهم منذ الخروج حتى الوصول إلى فرنسا قد تدرك جيداً بأن الأوضاع التي يعيشها ملايين من الشباب العاطلون أو العاملون دون أن يلبي المرتب الزهيد تطلعاتهم ويطمحون إلى تحسُّن وضعهم ووضع حد لحياة الكفاف وشظف العيش يفضِّلون أن يواجهوا هذه المخاطر بصدر رحب ولا يستطيعون مواجهة الفقر والعوز في بلادهم التي دأبت على إبعاد الكفاءات وهدر الطاقات بصورة مستمرة منذ أن استولت هذه العصابة على السلطة . فاصل ونواصل .

الطيب محمد جاده