الهدوء الذي يسبق العاصفة..!! بقلم عبدالباقي الظافر

الهدوء الذي يسبق العاصفة..!! بقلم عبدالباقي الظافر


05-10-2018, 02:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1525957889&rn=1


Post: #1
Title: الهدوء الذي يسبق العاصفة..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 05-10-2018, 02:11 PM
Parent: #0

02:11 PM May, 10 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


كانت الصفوف المحتشدة بالخرطوم قد أغلقت كل الشوارع المؤدية لمنزل والي الخرطوم.. وحسب مصدر صحفي حضر الوالي بصحبة أفراد أسرته ..بكل هدوء أفسحت الجماهير الطريق أمام عربة الوالي ذات الدفع الرباعي..المظهر الذي يبدو حضاريًا يكشف عن عمق الأزمة السودانية.. حالة الصمت المريب والرضا بالمقسوم تفسر تعامل الشعب السوداني مع أزمة الوقود..لكن في الجانب الآخر كانت الحكومة أيضًا تعمل على كسب ناس العاصمة الذين وحدهم بيدهم مفاتيح التغيير.
خلال الأزمة الأخيرة كانت إستراتيجية الحكومة تمضي في اتجاه التوزيع غير العادل للحصص الشحيحة من الوقود..فقد استأثرت الخرطوم بنصيب الأسد ..لهذا اضطر سكان الولايات المجاورة للنزوح للخرطوم والإقامة في صفوف الوقود الطويلة.. وحسب مصدر مطلع أن هؤلاء النازحين كانوا يضطرون لإعادة تفريغ حظوظهم السعيدة من النفط في أوعية خارجية ثم العودة مجددًا لذات صف الانتظار..تقوم الفكرة على العودة الظافرة بأكبر كمية من الوقود إلى مضارب الأهل في الولايات .
تلك السياسة غير المتوازنة في توزيع الألم ألقت بظلال سالبة على قطاعات منتجة وحيوية..شُح الجازولين كان تأثيره سالبًا على الاستعدادات على العروة الصيفية..بل قد يمتد الأثر حتى موسم الأمطار حيث هنالك ترتيبات مبكرة تتعلق بتجهيز الأرض..بشكل عام وفق هذه المعادلة الظالمة سترتفع تكاليف الإنتاج بالقدر الذي يؤدي لتكبد الخسائر أو حتى العزوف عن الزراعة باعتبارها مهنة تنتهي بالإفلاس أو حتى دخول السجون..امتدت الآثار الكارثية للثروة الحيوانية التي نفقت عطشًا بسبب توقف مضخات المياه في المناطق البعيدة عن مجاري الأنهار.
القطاع الآخر الأكثر تأثرًا هو قطاع التعدين..مئات الآلاف من المواطنين اضطرت الحكومة لنجدتهم من الموت عطشًا..هؤلاء المنتشرون في فيافي البلاد وجبالها لن يكون بوسعهم التنقيب وهم عطشى..بل أن جل الآليات المتخصصة في التنقيب تعمل بالجازولين المعدوم..هنا لن تجد الحكومة سلعة مهمة ومصدرًا أساسيًا لاستجلاب العملات الصعبة..وهنا نكون كمن قتل جوعًا الدجاجة البياضة .
في تقديري أن الأزمة لم تكن في تلك الصفوف الممتدة في آفاق الخرطوم والمدن الكبيرة ..بل ستكون هنالك في القطاعات المنتجة من الأغلبية الصامتة التي تسكن الريف..ومن أهم نتائج هذه الأزمة أن الحكومة باتت تدمن سياسية دعم المستهلكين ..ليس على مستوى تركيز الخدمات الأساسية في الخرطوم فحسب..بل تعدى ذلك إلى التحيّز لأهل الحضر في توزيع الوقود في وقت الأزمات.
بصراحة..سياسة الانحياز للمركز لا تنطوي على تعالٍ طبقي أو حتى تهميش سياسي..بل فيها كثير من الخوف من جماهير المدن..في قلب كل مسؤول كبير سؤال كيف صبر الناس على نظام فشل حتى في إدارة أزمة تسوية الصفوف بعدالة..لكن دائمًا ما يعقب الهدوء الحذر انفجار عاصف جدًا كما علمنا التاريخ.



assayha