تبعية وضحالة في الفكر: شعارات ومسميات الأندية الرياضية كأنموذج -2 بقلم أ.د. محمد الامين حامد

تبعية وضحالة في الفكر: شعارات ومسميات الأندية الرياضية كأنموذج -2 بقلم أ.د. محمد الامين حامد


04-25-2018, 09:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1524689462&rn=1


Post: #1
Title: تبعية وضحالة في الفكر: شعارات ومسميات الأندية الرياضية كأنموذج -2 بقلم أ.د. محمد الامين حامد
Author: محمد الأمين حامد
Date: 04-25-2018, 09:51 PM
Parent: #0

09:51 PM April, 25 2018

سودانيز اون لاين
محمد الأمين حامد-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر


من سلسلة: تشوهات في الفكر والممارسة في مناحي المجتمع والصحة والبيئة
"اختلطت الامور على أجيالنا المعاصرة بين ثقافة مكتسبة- سلبية في غالبها- وموروث شعبي (كابر عن كابر) مثير للإعجاب، إذ أننا أودعنا تراث الأجداد سلة المهملات جهلاً بقيمته وتشبثنا بالحداثة تهوراً وراء بريقها وجاذبيتها، فلا هنئنا بتلك ولا نعمنا بهذه".
تناولنا في الحلقة السابقة مسميات بعض الأندية الرياضية التي امتازت بالأصالة مثل التاكا والتريعة والشرطة والوادي والنهضة والجبل والدفاع وجزيرة الفيل ودهاشم والموردة والنسور وأم بدة والنيل وهلمجرا ... نواصل في هذه الحلقة تميز عدد من الاندية السودانية – كتعبير عن السطحية- بمسميات وشعارات تحمل صورة لهلال أبيض اللون بخلفية زرقاء أو نجمة صفراء بخلفية حمراء. هذه الصورة تتكرة تقريباً بنفس المنوال لأكثر من خمسين نادي تحمل مسميات المريخ أو الهلال. إنها تبعية مفرطة تعكس الافلاس وإنعدام الفنيات والجماليات في تصميم الشِعار.
لننظر لبعض شعارات (Slogans, Logos) الأندية الأجنبية والمحلية. نلاحظ الفوارق الكبيرة في الفنيات والمحتوى مثلاً: نادي مالاقا الاسباني، نادي الثيران الحمراء لايبزج الألماني، نادي فاسكو دا غاما البرازيلي ونادي كراسنودار الروسي. نستثني من ذلك بعض الاندية السودانية مثل الاهلي شندي وأهلي مدني والخرطوم الوطني وغيرهم ممن تميزوا بشعارات راقية وجميلة تسر الناظرين وتجبرهم على احترامها.


نادي أهلي مدني السوداني نانادي مالاقا الاسباني نادي الثيران الحمراء لايبزج الألماني نادي فاسكو دا غاما البرازيلي نادي كراسنودارالروسي
في هذه الامثلة نلاحظ التفرد وجمال التصيم وأناقته وقوة الألوان وثراء المحتوى من تاريخ ومخلوقات خرافية ورموز دينية أوبيئة وخلافه. بينما في هذه الامثلة (أندية رياضية هلالية): نادي الهلال بورتسودان، نادي الهلال كادقلي، نادي الهلال الفاشر، نادي الهلال الابيض و نادي الهلال امدرمان ) نلاحظ غياب الفكرة والتفرد، ضحالة المحتوى والتقليد وسطحية الالوان وفقرها. يسرى الحال على شعار المنتخب الوطني لكرة القدم، فلم نلاحظ طيلة مشاهدتنا للفريق سوى قمصان حمرا أو بيضاء، مع أن ألوان العلم الوطني تحمل الوان جميلة كلأخضر والاسود - تحتاج لفنيات في التصميم لتصنع التفرد والجمال. كانت قمصان الفريق القومي في السابق متميزة ومعروفة قمصان بيضاء يتوسطها عرضاً وفي الوسط علم الاستقلال ذو الألوان الجميلة (أزرق أصفر وفي الاسفل أخضر)، وهي التي نال بها السودان شرف البطولة الافريقية للمنتخبات عام 1970م.

نادي الهلال – بورتسودان نادي الهلال – كادقلي نادي الهلال -الفاشر نادي الهلال – الابيض نادي الهلال -امدرمان

مشهد (1) شبابيك وطاقات: في زيارة لأحد المعارف لنبارك لهم إكتمال البيت الجديد وقبل أن نبدي ملاحظاتنا ونطلق المجاملات بجمال المبنى "نفاقاً"، بادرنا الاخ فخري بأنه إستعجل في رسم خريطة المنزل من غرفتين وبرندة، حيث وضع الشبابيك تفتح شرقا وغرباً وهذا الوضع لا يسمح بإنسياب الهواء وإنما يُدخِل الشمس "الغير مرحب بها في صيف السودان" وهو وضع مقلوب. لا يتكرر هذا المشهد كثيراً، الناس منذ الأزل تعرف هذه الاشياء البيئية البسيطة. فقد شيدوا البيوت من القش أو الطين وعملوا لها "الطاقات" بتعطيش القاف، ومارسوا الاعمال صباحاً أو بعد الظهر تجنبأ حرارة الشمس التي هي تعلو رووسنا بقليل.
***
مشكلة فخري في وضع الشباك "المقلوب" هي مشكلة ليست مشكلته لوحده بل هي مشكلة أمة لا تجيد التخطيط (planning) (إن وجد) ولا تجيد المثابرة (meticulousness) والأجتهاد والاصرار لاستكمال واستدامة ما تم تخطيطه. أمة تقرأ وتبحث وتزخر مكتباتها ورفوفها بالكتب والرسائل ولا تستفيد منها، وأكثر من ذلك تُخرج العلماء وتُصدرهم لدول الخليخ وأبعد من ذلك حتى كندا واستراليا.
"في وطني ..."تباع الكتب على الأرصفة .. محملة بالأغبرة والأتربة وعبق رائحة دخان السيارات
وتباع الأحذية في محلات معطرة ومكيفة .. وتمسح كل يوم، ﺳــﻼﻡٌ ﻋﻠﻴــﻚِ ﺃﻣــﺔ ﺇﻗـﺮﺃ ". كاتب شامي مجهول!
لقد اختلطت الامور على أجيالنا الحالية، فلا هي حياة الاجداد من القش والطين والنقاء والنزاهة ورثنا - ولا نحن من الماكولات العضوية وأقتصاد المعرفة وتقانة الاجهزة تزودنا! الآباء لم يرتكبوا أخطاء مثل العشوائية في السكن ولا حتى في "تشتيت الكرة". لم يقطنوا أو يشيدوا المباني على مجرى المياه أو قفل مجرى المياه "بالزلط" وتحت إشراف هندسي.
فخري الذي فتح الشباك شرقاً يدري إتجاه الرياح (جنوبية غربية رطبة وشمالية شرقية جافة) كما تعَلمَ ذلك في المدرسة لكنه لو رفع قطعة قماش أو ورقة للأعلى لعرف إتجاه الريح؟ تظل المدرسة عديمة الجدوى وتظل فقط منابر لمحو الامية غير مساهمة في تطبيقات الحياة وفي صحة البيئة واستدامة الانتاج الصديق للبيئة. فخري افضل من من وفد "أديس ابابا الحكومي" الذي وقَع ومضي على وثائق ترسيم الحدود عام 2015م لياتي للخرطوم وبعد استقبال حافل يكتشف أنه مضى "ساكِت" وكان يتعين عليهم ألا يمضوا لو أنهم "ذاكروا كويس".
***

أ.د. محمد الامين حامد [email protected]