ردا على حازم شوقي-حول الحقيقة بقلم د.أمل الكردفاني

ردا على حازم شوقي-حول الحقيقة بقلم د.أمل الكردفاني


04-21-2018, 06:20 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1524331237&rn=0


Post: #1
Title: ردا على حازم شوقي-حول الحقيقة بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 04-21-2018, 06:20 PM

06:20 PM April, 21 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر






وردني مقال مذيل باسم حازم شوقي ، وهو مقال لا بأس به حيث تناول قصة فيلم القرية التي كان الآباء فيها يخوفون أبناءهم من الخروج منها لوجود وحوش ولكن تم انتهاك هذا الخوف ليكتشف الابناء وجود عالم حديث. ثم يورد كانب المقال نقدا لخضوع المسلمين للخوف وعدم بحثهم عن الحقيقة.
مبدئيا اتفق مع المقال حول طرحه العام ، ولكنني اريد فقط ان اعقب على مسألة مهمة وهي مسألة الحقيقة.
لو نظرنا الى رأيه في أن المسلمين لا يسعون الى معرفة الحقيقة..
هذا من ناحية واقعية صحيح ... لكن من ناحية فلسفية محل نقد كبير جدا.. اولا لأنه يفترض ان هناك حقيقة. وثانيا لأنه يفترض انه يمتلك هذه الحقيقة ، وثالثا لأنه يعتقد ان الحقيقة التي يمتلكها مطلقة الصحة. وهذا في الواقع مجرد استعلاء معرفي ، فدعنا نتساءل اولا: ما هي الحقيقة؟ وهذا تساؤل ظل محل اختلافات الفلاسفة منذ افلاطون الذي جعل الحقيقة مختفية وراء عالم المثل وحتى ديكارت الذي حصرها في الشك ثم كانط وهايدجر وخلافه. في الواقع لا أحد يعرف ماهي الحقيقة . فالحقيقة شخصية جدا . فكل انسان يمتلك حقيقته الخاصة به ، فمن يعبد البقر يملك حقيقته .. ومن يعتقد في العقل كذلك... لكن لا احد منهما يستطيع ان يحظر على الاخر امتلاك حقيقته الخاصة. واذا كان الامر كذلك فالسؤال: ماذا نعني بكوننا تنويريين؟ اذا لم نكن نعني بالتنويرية استعلاءا معرفيا واعتقادا بأننا نملك الحقيقة المطلقة؟ ما اراه هو اننا فعلا لا كتنويريين ولا كعبدة اوثان ولا كمسلمين ولا كبوذيين نملك الحقيقة المطلقة ، لكن هذا لا يمنع ابدا من ان نتبع قانون الارض او الناموس البشري ، وهو ان الحقائق المختلفة لابد لها من أن تتصادم ، ولابد ان تكون هناك حقيقة منتصرة وحقائق مهزومة ، وهذا هو ما حرك التاريخ الانساني كله ، كل الحروب التي تم خوضها تمت بناء على اعتقاد بامتلاك الحقيقة والاعتقاد بأن الآخر لا يملك الحقيقة ، وأننا نملك الحق في فرض الحقيقة التي نعتقدها ، وان لنا الحق في محو حقيقة الآخر من الوجود ، الغزو اليهودي والمسيحي والاسلامي والاوروبي والامريكي كلها تطبيق عملي لهذا المفهوم . مفهوم صراع الحقائق. وعليه فالتنويري أمامه أحد خيارين: اما ان يستعمل ذات القانون لخوض صراع الحقيقةالتي يعتقدها ، او يعتقد بنسبية الحقائق وهنا عليه ان يصمت الى الابد وربما عليه ان يتقبل المصادرة على حقيقته.
لكن القضية ليست دائما بهذه السهولة ، لأن لها افرازات جد خطيرة ، على مستوى الحقوق الاخرى للانسان كالحق في الوجود نفسه ، والحق في تبني ثقافته وهويته الخاصة ومن ثم تشكيل حقيقته كما يشاء ، والحق في اعتبار حقيقته رسالة تبشيرية ، والحق في تكوين تجمعات سياسية وثقافية واجتماعية لمن يشتركون في حقيقة واحدة ، ... وغير ذلك من حقوق ، وازاء هذا فإن الصراع يأخذ منحى دمويا خالصا ، لا يمكن انكار ان الغزو والاحتلال سواء تأسس على عقيدة او آيدولوجيا قد ادى الى ابادة شعوب كاملة . دعنا ننطلق من واقعنا الاسلامي ، لقد أدت الغزوات الاسلامية الى تغييرات راديكالية جدا للشعوب التي تم غزوها ، فلننظر الى مصر مثلا والتي كانت غالبية الشعب فيها اقباطا مسيحيين لديهم لغتهم الخاصة ، لقد كان للغزو الاسلامي تأثير لا زال حتى اليوم يثير دهشة العلماء وهم يرون ان اللغة العربية والاسلام سيطرتا على الثقافة المصرية ، حاول البعض تتبع حركات الهجرة العربية الى مصر معتقدا بأن هناك هجرات ضخمة هي التي ادت الى قلب الموازين الدموغرافية في مصر ، لكن النتيجة كانت مفاجئة جدا ، فالهجرات العربية الى مصر لم تكن بالضخامة القادرة على احداث تعيير ديموغرافي بهذا الشكل الواسع ، امتدت الدهشة الى كافة ما يسمى بالدول العربية اليوم وخاصة الشام ودول المغرب العربي ، والتي تتعالى فيها اليوم اصوات المنادين بالعودة الى الاصل ونبذ ما اسموه بثقافة المحتل (الآسلام ، اللغة العربية). وفي المقابل نجد تأثير الغزو الفرنسي لأغلب دول شمال افريقيا وغربها ، بحيث اما ان هذه الدول المغزوة نسيت ثقافتها تماما او صارت مهزوزة ثقافيا ، فهل هذا التاريخ حول العالم يمثل قاعدة صراع الحقائق لدى الانسان؟ إذا كانت الاجابة بالتيجاب او بالسلب فلا يعني ذلك انها اجابة حاسمة ، فلو أن الاجابة بالسلب فلا يجوز لنا كحاملين للواء التنوير ان نفرض ما نعتبره حقيقة على الآخر المختلف بحقيقته المختلفة ، فإن المقال محل النقد يكون غير ذي جدوى ، وان كانت الاجابة بالايجاب فنحن اذن نعطي مبررات للآخر ليغزونا فارضا حقيقته. فأي الاجابتين يفضل الكاتب؟