قلتُ لعلّها... بقلم عبد الحفيظ مريود

قلتُ لعلّها... بقلم عبد الحفيظ مريود


04-18-2018, 06:11 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1524071489&rn=1


Post: #1
Title: قلتُ لعلّها... بقلم عبد الحفيظ مريود
Author: عبد الحفيظ مريود
Date: 04-18-2018, 06:11 PM
Parent: #0

06:11 PM April, 18 2018

سودانيز اون لاين
عبد الحفيظ مريود-السعودية
مكتبتى
رابط مختصر

رؤيا


يصادف الخميس، غداً، الذكرى السبعين لاستقلال دولة إسرائيل. وهو احتفال ضخمٌ، كما تفرحُ كلُّ الدّول بذكرى "استقلالها". غرّد بنيامين نتينياهو، على حسابه مفعماً فرَحاً بدائرة الإعجاب والتقدير المتّسعة يوماً بعد يوم، التي يبديها العالم بدولة إسرائيل. لكنّ سروره بالغ بالدائرة ذاتها التي تتوسّع في العالم العربي. وهي ليست المرّة الأولى التي تفضحُ فيها إسرائيل علاقاتها المتحسّنة كلّ يوم مع العالم العربي، والتي ينبغي أنْ تكون محلّ حفاوة وفرح بالنسبة لها، لكونها العدوّ التقليدي الذي نجحتْ – طوال 70 عاماً – في تطويعه وقلع أنيابه وربّما تركيعه. وهي عمليّة دؤوبة ظلّ يتعهّدها درساً عميقاً للتعقيدات النفسيّة، الدّينيّة، الاجتماعيّة، السياسيّة، الفكريّة والثقافيّة للدرجة التي جعلته يشيرُ مجرّد إشارةٍ فيفهم "العدوّ" ما يريدُ، ويعمل على تطبيقه دون نقاش ودون تردّد، بل – ربّما للأسف – ممتنّاً.
حقَّ لإسرائيل أنْ تدخل عامها السبعين محتفلةً باتّساع دائرة "الأصدقاء" في العالم العربي والإسلامي بشكلٍ يبشّر بمستقبلٍ ناصع لوجودها بينهم. لكنْ ألا يقتضي ذلك نظراً في المحيط العام هذا، الذي يجعلُ العالم متغيّراً إلى هذه الدّرجة، ما عدا مما بدا؟
أمس الأوّل أغلقت الإمارات العربيّة المتّحدة مستشفًى كبيراً في مقديشو العاصمة. المستشفى كان يستقبلُ 300 حالة يوميّاً. بنته الإمارات وتشغّله وتديره لصالح الأخوّة العربيّة والحفاظ على الصّف العربي الإسلامي. لكنْ لماذا قرّرتِ الإمارات إغلاق مستشفاها الذي كانت تبرّعتْ به؟ ثمّة مياهٌ عكرة تجري بين البلدين. الصّومال تريدُ أنْ ترفع رأسها قليلاً. وذلك حقٌّ طبيعي لا ينبغي أنْ يزعج أحداً، إلاّ إذا كان هذا الأحد يسعى إلى تأبيد واستدامة حالة العوز والاحتياج المستمر والرضوخ للإملاءات التي يطلبها "الخيّرون" من إخواننا. رفعةُ رأس الصومال جعلته يفكّر فيما إذا كان ما تطلبه الإمارات مقابلاً لحفنة المساعدات التي تقدّمها ممكناً أم لا؟ منطقيّاً أم لا؟ يحفظ سيادتها أم لا؟ وهو شيء أغضب الإمارات فبدأتْ لعباً خشناً في سبيل تركيع الصّومال وتعريفها بقدرها. صحيح أنّ الوفد الصّومالي الآن في أبي ظبي للمباحثات الثنائيّة لتصفية الخلافات والمسائل العالقة، لكنّ الوضع لن يذهب بعيداً، لا سيّما وأنّ هناك صحوة تتعلّق بالكرامة ووعي بالسيادة والحدود المتعارف عليها في لعبة السياسة والأخلاق، والمباحثات تظلّ رهينة بهذا التمسّك الصّومالي بما يعتقده صالحاً له، وللقرن الإفريقي.
كانت الإمارات قد قالت بوضوح كافٍ خطّتها عن "طريق النّور". لم تتوارَ أو تلجأ إلى لغة أدبيّة مجنّحة. قالت إنّ الاستراتيجيّة هي أنْ يتمّ إبعاد/إضعاف/تحجيم/تدمير إيران لأنّها العدوّ. ولا يمكن أنْ يتمّ ذلك إلاّ في وجود تقارب وحلف وعلاقات مميّزة مع إسرائيل. قد ينظر البعض إلى ذلك على أنّه مجرّد أوهام. غير أنّه حقائق صادمة. التعامل معها ينبغي أنْ يتمّ بدقّة شديدة.
مدير المخابرات الأمريكيّة السابق يعترف بأنّ للإمارات خبرةً ودوراً بارزاً في "محاربة الإسلام المتطرّف". الإسلام الذي لا يلبّي الطموحات التي تتطلّع إليها. تدفع أموالاً، تدرّب قواتٍ وجيوشاً، تشرف على تنفيذ عمليات استئصال دقيقة للأورام المتمثّلة في الإسلام المتطرّف. التقارير الأوربيّة والأمريكيّة تزعم أنّ للإمارات دوراً بارزاً في الحرب على الجماعات المتطرّفة في مالي. لكنّ حتّى لا تنزعج مرّةً أخرى موّلت عمليات الإبادة والتنكيل التي قامت بها المليشيات المسيحيّة ضدّ مسلمي إفريقيا الوسطى، قبل أعوام. ثمّة اعترافات من بعض قادة المليشيات المسيحيّة بلّقيهم أموالاً للقيام بهذه المهام. لا بأس بقليلٍ من الشّك المنطقي فيما يتّصل بالمعلومات هذه، لكنْ لا غرض أوربي تخدمه هذه المعلومات لأنّها صُدِّرتْ لجهاتٍ أوربيّة.
ستعمل الإمارات على الضغط المستمر على مصر، حتّى لا تتهاون في أمر الإخوان المسلمين، سواءً محاكمات عادلة، أو عفو وسماح للجماعة بمزاولة نشاطٍ دعوي، على الأقل. ذات الأمر سيجري في ليبيا. سيعود سيف الإسلام القذافي مخلباً للخليج في معادلاتٍ جديدة يجري رسمها وفقاً لمراكز بحثيّة ومخابراتيّة عتيدة. لن تخدم إلاّ هدفاً واحداً هو :أمن وسلامة إسرائيل وقيادة القطيع للمبايعة والمباركة.
ستحتفل إسرائيل بعيدها السبعين وهي تمسح على كرشها، متبسّمةً، شاكرة لأنعم التخطيط عليها. وسيكون ذلك الاحتفال احتفالاً مختلفاً، فالجماعة على الأبواب، خانعين مثل أحصنة حسرتْ حرباً لم تخضها.
نشر فى صحبفة الاخبار