مات أبي ولم يدر أنه يتصف بهذه الصفة العظيمة بقلم جعفر خضر

مات أبي ولم يدر أنه يتصف بهذه الصفة العظيمة بقلم جعفر خضر


04-12-2018, 00:15 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1523488528&rn=0


Post: #1
Title: مات أبي ولم يدر أنه يتصف بهذه الصفة العظيمة بقلم جعفر خضر
Author: جعفر خضر
Date: 04-12-2018, 00:15 AM

00:15 AM April, 11 2018

سودانيز اون لاين
جعفر خضر -
مكتبتى
رابط مختصر





في مثل هذا اليوم من قبل اثنتي عشر عاما (11/4/2006) انتقل أبي رحمة الله عليه إلى الرفيق الأعلى . توفي بالخرطوم التي جاءها مستشفيا ، لتلحق به أمي بعد أكثر من عشرة أعوام مستشفية بذات المكان ، وينضم إليهما قبل أيام العم خلف الله في الخرطوم نفسها ، فأضحت الخرطوم بحق "مقبرة الأسرة" .

نحن مدعوون لذكر محاسن موتانا ، ولكن ينبغي ألا نضخم تلك المحاسن أو نختلقها ، ويمكننا أن نغض الطرف عن العيوب ولكن لا يمكننا أن نمحوها . كان أبي ـ رحمة الله عليه ـ من نوعية الآباء الذين يسهل التعامل معهم ، لم يعاقبنا في طفولتنا سوى مرات قليلة جدا .

رغم أن تعليمه اقتصر على الخلوة إلا أنه حرص على تعليمنا حرصا شديدا . رياضيا كنا هو وأنا متوافقين إذ كان مريخابيا أيضا ، لذلك كان غريمي في الجدالات الرياضية هو أخي الأكبر جمال .

لكننا كنا أبي وأنا مختلفين سياسيا ، فقد كانت الفكرة الجوهرية الراسخة عند أبي أنه ضد الطائفية وأحزابها ، رغم أنه ترعرع في قرية البركل حيث الولاء التقليدي للختمية . الفكرة الجوهرية الثانية عند أبي أنه كان معجبا بالعساكر ، فقد أعجب بـ جمال عبد الناصر إعجابا شديدا لدرجة أنه أسمى ابنه البكر "جمال" تيمنا بعبد الناصر ، رغم أنه لم يكن قوميا عربيا . ولما تمت ولادتي في أبريل 1970 بعد نحو 11 شهرا من ثورة مايو ، أسماني "جعفر" تيمنا بجعفر نميري ، رغم أنه لم يكن يساريا . وعندما بدأ يتشكل وعيي الشخصي وجدت نفسي ضد جعفر نميري وانقلابه . وأظن أن ولاء أبي لنميري قد تقلص مع مرور السنوات .

وقد كان بيتنا يعج بالتباين السياسي غير الحاد ، ففي انتخابات 1986 صوتت أمي لصالح الحزب الاتحادي الديمقراطي ربما تأثرا بأعمامها الذين عادوا للحزب الاتحادي بعد أن توحد وكانوا قد تمردوا عليه مناصرين للأزهري ، كانت أمي أقرب إلى أعمامها من أبيها الذي أفنى عمره منظما في الحزب الشيوعي ثم الحزب الشيوعي القيادة الثورية . وصوت أخي جمال لحزب الأمة ربما معجبا بالسيد الصادق المهدي وقتذاك . أما أبي فقد صوت للجبهة الإسلامية القومية ، إذ أن رفضه للحزبين الكبيرين كان بائنا بينونة كبرى . وقد كنت أنا أقل من سن التصويت بعامين . ولم يكن أي من أفراد أسرتنا الصغيرة منظما سياسيا .

ولما حدث إنقلاب الإنقاذ أيده أبي ، إذ ظل يرى أن مخرج السودان من أزماته في أن يحكمه عسكري ود حلال ، وقد شهدت مرحلة ما بعد الإنقاذ نقاشات حامية وغلاطات كثيرة بيننا . ولم نكن دوما صائبين ، مثلا كنا نكذب الإنقاذ بأنها ستستخرج البترول وكان يرى أنها ستفعل وقد كان الحق معه . وقد تقلص تأييده لعمر البشير مع مرور الزمن .

كان الوالد خضر يعمل تاجرا بحي ديم النور بمدينة القضارف الذي يحظى بتنوع إثني فريد قل أن تجد له نظيرا ، والذي يجدر به أن يعتبر ليس سودانا مصغرا فحسب بل أفريقيا مصغرة، كان دكانه في المنطقة المقابلة لكلية التربية الحالية قبل تخطيط الحي ، ثم انتقل بعد التخطيط إلى منزلنا الحالي ، كما كان يعمل مزارعا صغيرا بمنطقة القدمبلية التي له فيها مائتان من الأفدنة ، قبل أن يهجر الزراعة ثم يهجر التجارة في أخريات عمره .

إن الميزة التي مات أبي دون أن يُدرك أنه تميز بها طوال حياته هي: أنه كان عديم العنصرية! إذ أنه لم ينتقص من قدر قبيلة قط ، لا جهرة على الملأ ، ولا أسر لنا بها في ونساتنا ، ولا أفلتت منه في غلاطاتنا الكثيرة . وإنني لم أنتبه إلى هذه الميزة عند أبي خريج الخلوة إلا مؤخرا عندم انتشرت هذه الأمراض عند الشباب وخريجي الجامعات حتى أصبح البعض يظن بالناس الظنون .

اللهم أنت تعلم أن أبي لم يكن ينتقص من قدر أحد من خلقك فبهذه وجاه سيدنا محمد أرحمه وأدخله الجنة دون حساب ولا سابق عذاب .


Post: #2
Title: Re: مات أبي ولم يدر أنه يتصف بهذه الصفة العظيم
Author: محمد أحمد الريح
Date: 04-12-2018, 03:08 AM
Parent: #1


نسأل الله الكريم الرحمة والمغفرة لوالدك.

Post: #3
Title: Re: مات أبي ولم يدر أنه يتصف بهذه الصفة العظيم
Author: محمد احمد
Date: 04-12-2018, 03:31 PM
Parent: #1

نسأل الله لوالدكم الرحمة والمغفرة والجنة ، وهل هناك مزية أعظم من سلامة القلب وترك الخلق وشأنهم وعدم التفريق بينهم على اساس النوع واللون والجنس
اللهم أرحمه انه كان رحيم بعبادك ويخافك فيهم

Post: #4
Title: Re: مات أبي ولم يدر أنه يتصف بهذه الصفة العظيم
Author: جلالدونا
Date: 04-12-2018, 07:19 PM
Parent: #3

رحم الله الوالد و الوالده و امواتنا و سائر موتى المسلمين
و جعل مثواهم الجنة مع الابرار و الصديقين