بقّارةٌ حكماء بقلم عبد الحفيظ مريود

بقّارةٌ حكماء بقلم عبد الحفيظ مريود


04-09-2018, 09:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1523307133&rn=4


Post: #1
Title: بقّارةٌ حكماء بقلم عبد الحفيظ مريود
Author: عبد الحفيظ مريود
Date: 04-09-2018, 09:52 PM
Parent: #0

09:52 PM April, 09 2018

سودانيز اون لاين
عبد الحفيظ مريود-السعودية
مكتبتى
رابط مختصر

رؤيا



لم تكنْ مجموعات الجمايكيين في إثيوبيا التي جاءت بناءً على تأسيسات الإمبراطور هايلا سيلاسي لتقتنع بأنّها قبضتِ الرّيح. فقد جرى تطويع الحلم المجيد بالوجود الإفريقي قدر الإمكان ليتلاءم مع مراراتٍ قديمة، بعضهم تلقّى جرعاته الكافية منها، وبعضُهم لم يفعل، من علقم العبوديّة. بيدَ أنّ السياق كلّه جعلهم مترعين بفكرة وحلم العودة إلى الجذور، إعادة ترميم الذات والانتماء للقارّة الأم، لنتّسق مع فكرة أنّنا – في مقابل البيض – نمتلك هويّة وتأريخاً وانتماءً نفخر به، في مقابل مجد الأبيض الرّاهن. لكنّ عثرات الواقع لم تجعل الحلمَ ممكناً. لم يستطع أيٍّ منهم أنْ يحصل على الجنسيّة أو الجواز الإثيوبي، حتّى الذين تزوَّجوا من إثيوبيات. ذلك أنّ إثيوبيا لا تمنح جنسيّتها إلاّ إذا كان أحدُ الأبوين إثيوبياً. ولأنّهم – الجمايكيين – حصيلة ثقافاتٍ غير إفريقيّة البتةَ، فقد صار عسيراً عليهم أنْ يعيشوا الحياة الإفريقيّة الإثيوبيّة، مع اعتقادهم الجازم بأنّ قداسة الإمبراطور، سليل المجد والملك السليماني، الذي تجري فيه دماء داوود عليه السلام، تجسيدٌ للرّب – تعالى – وحلولٌ لصفات القدير في نسخةٍ بشريّة أخرى.
لذلك كلّه، بقيتْ هذه المجموعة في مدينة شاشامني، في أديس أبابا، في غيرها من بلدان إثيوبيا معزولة عن المجتمع، تعيش حياةً جمايكيّة في أرضٍ إثيوبيّة. لم تستطع أنْ تكون ضمن المجتمع أو أنْ تتخلّى عن ثقافاتها، تتكلّم الأمهريّة أو الأوروميّة محتفظةً بالإنجليزيّة باللكنة الجامايكيّة، وتعلّمها للأجيال القادمة. حتّى أولئك الذين لم يتسنَّ لهم أنْ يزوروا جامايكا، يعيشون كـ"جامايكيين"، لا تربطهم روابط بالحاضنة الاجتماعيّة هذه، مجرَّد جالية في أرض الميعاد.
تتحدَّث أجيال جديدة منهم عن اضطهادِ الرّجل الأبيض، عن العبوديّة، عن الأسلاف كأنّما هو جزءٌ منهم. بينما لم يعش أحدٌ منهم ذلك. مثلما تحاول أجيالٌ جديدة من الحلفاويين أنْ يستعيدوا مرارة التهجير، والحنين إلى وادي حلفا قبل الغرق، فيما لم يكابد أحدٌ منهم ذلك، ضاربين عرض الحائط بفكرة وحقيقة أنّهم صاروا جزءاً من مجتمع شرق السّودان، في سياق حتمي لا فرار منه، وأنّ فكرة توريث الغبن والظلم والحنين فكرة داحضةٌ، غير منطقيّة، ولا تخدم هدفاً في الوقت الرّاهن. حتّى جمعيات العودة الطوعيّة التي تقوم وتقعد مطالبةً بضرورة إعادة إرجاع الحلفاويين الحاليين إلى بلدٍ لم تعد – هي نفسها – موجودة على الأرض ولا قراها التي يحنُّ إليها من عرفها وعاش فيها، وتنسّم هواءها، حتّى هذه الجمعيّات تفشل في تسويق الفكرة وإعادة عجلة التأريخ إلى الوراء، فالعودة هذه – على فرض أنّها حدثت – هي تأسيس لمكانٍ جديد، بتفاصيل جديدة، وإلفة جديدة، وليست "عودة إلى وادي حلفا وقراها"، فتلك لم تعد موجودة إلاّ في ذاكرة بعض الأشخاص.
حين تقرَّر أنْ تتخذ – لأيِّ سبب – من بلدٍ ما، وطناً لك ولأبنائك، أوربا، أمريكا، أستراليا، الخ، فأنتَ تستبدلُ مناخك وشروطك بالتّمام بالتّمام، تصير جزءًا من البلد الذي هاجرتَ إليه، أنتَ لن تحملَ السّودان – الذي تعرفه وعشته – معك بأيِّ حال، فذلك مستحيل، ابتداءً. سيكون السّودان – كصيرورة – شيئاً مختلفاً عن سودانك الذي تعرف، وبالتالي فإنّ محاولات توريث الانتماء ذاك للأجيال التي وُلِدتْ وعاشت حياتها في بلدها هي ضربٌ من العبث واللغو. وتحميل الأجيال هذه مهماتٍ جسام مثل الدّفاع عن السّودان، العمل لأجله، بذل الجهد بغرض تحسين أوضاعه، أشبه ما يكون بحال الجامايكيين أو الحلفاويين العاملين من أجل جعل الوهم حقيقةً. لن يعود جامايكيٌّ واحدٌ إلى الجذور، ولن يكون إفريقيّاً يعمل من أجل رفع الظلم والاستعباد والاضطهاد عنها، الذي أوقعه الرّجل الأبيض على أسلافه الشخصيين، كما لن يعود أيُّ حلفاويِّ إلى "وادي حلفا"، إشكيت، دبيرة، سرّة، فَرَس.
ثمّة كثيرون – خارجاً – يحرصون على ربط أبنائهم بالسّودان، فيما هم مواطنون – الأبناء – في دولة أخرى هي بلدهم، ثقافتهم، مجتمعهم. ولن تحلّ المشكلة القنوات السّودانيّة المفتوحة في البيوت على مدار اليوم، ولا الجاليات أو احتفالات الاستقلال وذكرى كرري، أكتوبر وانتفاضة أبريل. ذلك تلقيح عقيم. مثلما لن يسعفك الجلوس وراء الكيبورد ومتابعة أخبار السّودان أو تفعيل قضاياه. فالبقارة قالوا "البِشَبّحْ........بِنْشَافَنْ".
نشر فى صحيفة الاخبار

Post: #2
Title: Re: بقّارةٌ حكماء بقلم عبد الحفيظ مريود
Author: Biraima M Adam
Date: 04-10-2018, 06:15 AM
Parent: #1


Quote: فالبقارة قالوا "البِشَبّحْ........بِنْشَافَنْ".


ما تتمها يا أخي .. مالك لاوذت منها .. !!

بريمة

Post: #3
Title: Re: بقّارةٌ حكماء بقلم عبد الحفيظ مريود
Author: بقارى
Date: 04-10-2018, 02:12 PM
Parent: #2


يا بريمه
ضع الكلمه الصحيحه فى المكان الشاغر
1 - بلابيطو
2- قلقاتو
3- قنانيطو
وشكرا

Post: #4
Title: Re: بقّارةٌ حكماء بقلم عبد الحفيظ مريود
Author: Biraima M Adam
Date: 04-10-2018, 11:04 PM
Parent: #3

هههههاي ..
ول أبا البقاري .. أنت عايز تورط ولد أبوك ولا شنو؟ .. صاحب المقال أدري بنواياه .. لماذا هو لا يكتب ماذا يريد؟

بريمة