هل يجوز للنقابة معاقبة احد اعضائها الممتنع عن الاضراب؟ بقلم د.أمل الكردفاني

هل يجوز للنقابة معاقبة احد اعضائها الممتنع عن الاضراب؟ بقلم د.أمل الكردفاني


04-07-2018, 00:31 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1523057469&rn=1


Post: #1
Title: هل يجوز للنقابة معاقبة احد اعضائها الممتنع عن الاضراب؟ بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 04-07-2018, 00:31 AM
Parent: #0

00:31 AM April, 06 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





الحق في الاضراب لم تشر اليها المعاهدات الدولية بشكل مباشر الا انه صار من الحقوق غير القابلة للجدل ، ولكن اليوم لن نتحدث عن الحق في الاضراب لأن هذا الموضوع قتل نقاشا وبحثا وانما سنعالج القضية من زاوية اخرى وهي الحق في الامتناع عن الاضراب. في الواقع الحديث عن الاضراب يفترض انه يتم بناء على اتفاق جماعي داخل جسد قانوني كالنقابات او الاتحادات ، وان القرار بالاضراب تتخذه النقابة او الاتحاد لاجبار صاحب العمل او لإجبار الدولة على تحسين شروط العمل... اغلب الحديث عن الاضراب يختص باضراب النقابات العمالية ، لكنه لا يهتم كثيرا بالنقابات الاخرى كالنقابات الفنية والمهنية كنقابة الاطباء والمهندسين والمحامين وخلافه. كما ان القضاء لم يتعرض الا نادرا ان لم يكن ذلك منعدما لامتناع العامل عن الاستجابة لقرار النقابة بالاضراب . وهنا يثور التساؤل: هل يجوز للنقابة او الجسد القانوني الذي اصدر القرار بالاضراب توقيع عقوبة على عضو النقابة الذي لم يلتزم بالاضراب؟ ولإجابة هذا السؤال يجب ان نقوم بتأصيل النشاطين السلبي والايجابي ؛ السلبي وهو الامتناع عن العمل والايجابي وهو العمل ؛ اما الامتناع عن العمل فهو لا شك في كونه حقا ولا يجوز اجبار شخص على العمل ، وعندما تتخذ نقابة ما قرارا بالاضراب عن العمل فإنها تمارس حقها في الدفاع عن مصالح اعضائها ، ومع ذلك فهذا الحق يجب الا يتم التعسف في استعماله ولذلك هناك ضوابط قانونية تضع شروطا معينة قبل الشروع في الامتناع عن العمل. اما العمل نفسه فلا شك ايضا في انه حق دستوري ، فلا يجوز للدولة ان تمنع شخصا من العمل الا في حالات ضيقة كما لو كان محكوما عليه بالسجن او العزل او خلافه كما لا يجوز للشخص العمل الا اذا توفرت فيه الشروط الفنية والصحية التي يشترطها القانون او تشترطها اللوائح... لكن اصل الحق الدستوري (وهو الحق في العمل) لا يجب ان تتم مصادرته ابدا ، ولذلك فعندما يرفض عضو النقابة الامتثال لقرار النقابة بالامتناع عن العمل انما يكون قد مارس حقه المشروع في العمل ولا يجوز ان يضار العضو من استعمال حقه ، كما ان رفض العضو لقرار النقابة بالاضراب قد يكون تعبيرا عن موقف مساند للادارة وان كان رفضه هذا قد يفضي الى توقيع الاعضاء الآخرين جزاءات اخلاقية عليه كاعتزاله او عدم اخذه في الاعتبار باعتباره قد خذلهم في المواقف الصعبة . الا انه لا يجوز للنقابة توقيع عقوبات على العضو المخالف لأنه استعمل حقه في العمل .
هناك سؤال هام حول الطبيعة القانونية للاتحادات والنقابات فيما يتعلق بما تصدره من قرارات ملزمة لأعضائها. فهذه النقابات في الواقع لا تعتبر تابعة للسلطة التنفيذية في الدولة ، ولا تعتبر بأي حال من الاحوال جهة حكومية رسمية فمن اين تستمد صلاحية الزام اعضائها او حتى غير اعضائها بالانضمام اليها او الالتزام بقراراتها. هنا قد يقول قائل بأن النقابة تملك سلطاتها بناء على القانون الذي انشأها ، الا ان التساؤل لا يزال قائما حول ما اذا كان للقانون ان يفرض على العمال او المهنيين او خلافه الانضمام الى كيان خاص والالتزام بقرارات هذا الكيان. وهل يعتبر القانون الذي انشأها عبارة عن تفويض من الدولة بممارسة عمل من المفترض ان تضطلع به اجهزة الدولة الرسمية. فمثلا تعتبر مهنة المحاماة مهنة حرة ، فمتى ما توفرت الشروط القانونية لممارستها تمتع الشخص بالحق في العمل بها دون حاجة الى اللجوء لكيان غير حكومي كنقابة المحامين . فالتنظيم القانوني للمهنة يجب ان يتم من خلال مؤسسات الدولة الرسمية وليس مؤسسات غير رسمية يقف امامها الفرد كتفا بكتف من ناحية كونها جهة خاصة لا عامة. الا ان دواعي تنظيم المهن تفترض أهلية النقابات والاتحادات لادارة مصالح شؤون العاملين بهذه المهنة ، ولكن ماذا لو لم تكن مصلحتي كمحام في الخضوع لهذه النقابة وهي جسد غير حكومي. وكذا الامر في باقي النقابات المهنية ، وهذا التساؤل في الحقيقة لا يجد له تأصيلا واضحا في القانون ولكن العرف القانوني منح النقابات صلاحيات اخضاع الفرد لها وانزال عقوبات به عند عدم انضابطه مع قراراتها.
انني اترك هذا السؤال مفتوحا ليجيب عليه من لديه مزيد من العلم بهذا الامر . وليكون مثارا لنقاش ذو فائدة.