زوفا المبارك .. إحدى ضحايا الجريمة الالكترونية بقلم د.أمل الكردفاني

زوفا المبارك .. إحدى ضحايا الجريمة الالكترونية بقلم د.أمل الكردفاني


04-05-2018, 07:24 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1522952697&rn=0


Post: #1
Title: زوفا المبارك .. إحدى ضحايا الجريمة الالكترونية بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 04-05-2018, 07:24 PM

07:24 PM April, 05 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





جريمة أخرى تضاف الى الجرائم التي ترتكب بواسطة الانترنت وهي بالتالي تخضع للمادتين 16 و17 من قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007 وهما المادتان الخاصتان بانتهاك حرمة الحياة الخاصة و جريمة اشانة السمعة . هذه الجريمة تعرضت لها الاخت الفاضلة زوفا المبارك بعد ان قام احد المجرمين بنشر صورتها مدعيا انها رجل يتشبه بالنساء ، ثم قام بارسالها عبر الواتساب ، فانتشرت انتشار النار في الهشيم. بعد ذلك وصلتني رسالة من الاعلامي الاستاذ يوسف شوبرا مرفقا بها رسالة صوتية من الاستاذ مسلم ابو دقن يستنكران فيها هذه الجريمة البشعة التي طالت الاستاذة زوفا المبارك . هذه الجريمة في الواقع ليست سهلة بل هي اسوأ من جريمة القتل لأنها تصيب المجني عليه في اعتباره الأدبي ، والمساس بالاعتبار الادبي اسوأ من المساس بالجسد ، وكان لابد من فتح بلاغ امام نيابة جرائم المعلوماتية بل كان من الواجب على النيابة ان تجري تحريات دقيقة حول هذه الجريمة النكراء وملاحقة الجاني ومن ثم القبض عليه وتوقيع العقوبة العادلة والتي تحقق للمجني عليها الشعور بالعدالة ولغيرها الردع العام وعلى الجاني الردع الخاص. حتى الآن لا اعرف تطورات ما حدث في هذه الواقعة ، لكن يجب ان اشير الى ان هناك اشكاليات تكنولوجية كثيرة تعترض المحققين في الجرائم المعلوماتية ومن ضمن هذه المعرقلات ضعف التكنولوجيا وضعف الكادر ادى سلطات التحقيق، ولكن الأهم من ذلك ان بعض التطبيقات فضلت حماية عملائها على حساب سلامة وأمن المجتمع ، فتطبيق الواتساب تحديدا وضع تشفيرا عاليا لجميع المحادثات التي تتم داخل التطبيق ، وبالتالي حماها حماية لا يمكن كسرها الا عبر تكنولوجيا اعلى منها وهذا ما لم يتسنى حتى الآن. كذلك من المعرقلات الانتشار السريع الذي يتم للجريمة المعلوماتية عبر تداول مئات الآلاف من مستخدمي التطبيق للمعلومة التي تمثل جريمة . فضلا عن ان هذا التداول يعتبر اعادة نشر للجريمة ومن ثم تكرارها على اوسع نطاق وتوسعة أثرها الضار بالمجني عليه ، محدودية امكانية تصحيح المعلومة ، بالاضافة الى ان الناس لا تميل غالبا لاعادة تصحيح معلومة تم تداولها سابقا وذلك اما لأن المرسل لا يرغب في ان يوصم بالكذب او لأنه لا يهتم بالضرر الواقع على المجني عليه بسبب هذه المعلومة الكاذبة.
ما تعرضت له زوفا المبارك ليس بالامر الهين فالجريمة انتهكت خصوصيتها وانتهكت شعورها الانثوي وانتهكت اعتبارها الأدبي بشكل فائق التصور ، ومن هنا لا بد من ارسال رسالة الى الحكومة على وجه العموم بضرورة توسعة علاقاتها بالشركات الرقمية الرائجة ك فيس بوك وواتساب وقوقل وخلافه سعيا للضغط عليها لمنع استخدام تطبيقاتها في اقتراف جرائم عابرة للقارات . لقد استطاعت الدول الكبرى خاصة امريكا وبريطانيا والمانيا من الضغط على ادارة الفيس بوك لمنع الكثير من الجرائم وضبط مقترفيها وآخرها جريمة نشر صور اباحية لقصر ، حيث قامت ادارة فيس بوك بمساعدة الشرطة على القبض على الجاني. لكن هذه الشركات لا تكترث بالجرائم التي تقع في الدول النامية وتعتصم ادارة الفيس بوك بالصمت المطبق وبعدم الاهتمام بخطابات الحكومات المرسلةاليها وتدعي الفيس بوك انها تحمي خصوصية المشتركين وحماية سرية المعلومات وحرية التعبير ، ولكنها تكذب في الحقيقة لأن ادارة الفيس لا تقبل اي رأي يخالف المفاهيم الغربية ولا تقبل بحرية التعبير في قضايا أخرى كثيرة كالحديث عن النازية مثلا حيث تقوم فورا باغلاق الحسابات المخالفة للثقافة الغربية التي يتم تكريس امبرياليتها عبر احتكار الغرب لسوق التكنولوجيا في العالم. لا تقبل هذه التطبيقات التكنولوجية ما يخالف النسق والمسار الثقافي الاوروبي والامريكي ولكنها تقبل بكل ما يخالف النسق والمسار الثقافي للخصوصيات الثقافية في الدول النامية وهذا لا يقل عن كونه اعلان حرب ثقافية ضد الخصوصيات الثقافية في الدول النامية. بل ان الأنكى والأمر ان هذه الشركات لا تهتم كثيرا بالجرائم التي تقع على الدول الاخرى وترفض تقديم يد العون للسلطات في الدول النامية.
إذن فقضية زوفا المبارك ليست قضية بسيطة بل هي مثال واضح لهذه الانتقائية التي تقودها شركات التكنولوجيا العالمية عند تحديد ما تعتبره جريمة وما لا تهتم حتى بتكييفه كعدوان... ولذلك اعتقد انه وجب على الدول النامية ان تتكاتف وتحاول اقامة مؤتمرات تناقش هذه المسألة وتتكتل كقوى ضغط على هذه الشركات العالمية لتجبرها على احترام البشر في العالم الثالث.