مُبادرة رئاسية تخلط الأوراق..!! بقلم عبدالباقي الظافر

مُبادرة رئاسية تخلط الأوراق..!! بقلم عبدالباقي الظافر


04-03-2018, 02:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1522763311&rn=0


Post: #1
Title: مُبادرة رئاسية تخلط الأوراق..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 04-03-2018, 02:48 PM

02:48 PM April, 03 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


لم يكُ الرئيس التونسي حكيماً بما فيه الكفاية حينما وصل للحكم عبر انقلاب أبيض عام ١٩٨٧.. الرئيس الجديد عدّل الدستور وألغى الرئاسة مدى الحياة التي تمتّع بها سلفه الحبيب بورقيبة.. بل من فرط إنصافه حدّد آجال الرئاسة بفترتين رئاسيتين.. كما سنّ سابقة بأن لا يتجاوز عمر المرشح السبعين عاماً.. بعد أعوام قليلة اضطر الرئيس الزين لالتهام بعض الدستور مقراً بدورة ثالثة.. ثم تعديل آخر يرفع العمر إلى خمسة وسبعين عاماً حتى يتمكن من العبور إلى القصر الرئاسي.. قبل أن تجتاح قصر قرطاج رياح الثورة الشعبية كان زين العائدين قد أجرى خمسة تعديلات دستورية ممهورة باستفتاء شعبي.

خاطَب الرئيس البشير البرلمان أمس في فاتحة الدورة الثامنة.. رغم أن الخطاب كان مراسيمياً في كثير من أوجهه، إلا أن الرئيس أطلق مبادرة الدستور الدائم.. كان البشير حريصاً أن يضع الكرة بهدوء في وسط الملعب.. استخدم الرئيس عدداً من المصدّات لتحصين مبادرته.. لعلّ أهمها الإعلان عن أن أي تعديل في الدستور سيخضع لاستفتاء شعبي.. هذه الإشارة تُوجّه إلى من يعتقدون أن البرلمان الحالي غير جدير بتبني الدعوة لإقرار دستور دائم باعتبار أن جزءاً من مكوناته جاء بالتعيين، لا الانتخاب كما في الأعراف الديمقراطية.

التكتيك الثاني الذي استخدمه ضابط المظلات السابق كان عبارة عن رسالة إلى المشاركين في الحوار الوطني.. نسخة من الرسالة مضت مباشرة إلى مكتب الأمين العام للمؤتمر الشعبي.. التلويح بجولة جديدة من الحوار تشمل أطرافاً داخلية وخارجية.. مثل هذا المقترح يذيب مخرجات حوار القاعة في حوار أشمل ربما يجد ترحيباً من قوى داخلية وخارجية.. هنا سيتمكن الحزب الحاكم من تمرير مقترح إجازة دستور دائم قبيل أي انتخابات عامة.. هذا يعني مباشرة أن بإمكان البشير أن يخوض انتخابات تمدد عمر الإنقاذ إلى ٢٠٣٠.

رفع سقف التفاوض لا يعني أن الحزب الحاكم ربما لا يرضى من الغنيمة بأقل من النصر الكامل.. التفاوض مع أحزاب الحوار عبر العودة لقاعة الصداقة مجدداً.. لا يوجد نص متفق عليه يدعو الجمعية العمومية للحوار الوطني للانعقاد مجدداً.. مصطلح الجمعية العمومية يشمل جميع الأفراد والكيانات المشاركة في الحوار.. بالإمكان دعوة المؤتمر العام الذي يشمل ممثلين للأحزاب والكيانات المشاركة.. لكن المؤتمر العام لا يستطيع تجاوز مقررات الجمعية العمومية التي نصت صراحة على عقد الانتخابات في ٢٠٢٠، ومن بعد ذلك إجازة الدستور الدائم.

في تقديري أن الرئيس سيتمكن من كسب المعركة بسهولة.. كل الأحزاب المشاركة في حوار قاعة الصداقة باستثناء الشعبي قدّمت تنازلات كثيرة.. بل إنها بادرت من تلقاء نفسها بالإعلان عن تقديم الرئيس في انتخابات عام ٢٠٢٠.. الدكتور أحمد بلال أمين الحزب الاتحادي المسجل هدّد بتقديم الرئيس البشير من منصة أخرى في انتخابات ٢٠٢٠ إن تلكأ الحزب الحاكم.. الشعبي كان يُراهن على عناصر من داخل الحزب الحاكم في حماية مخرجات الحوار الوطني.. لكن تلك القيادات رفعت الراية البيضاء عقب موجة التغييرات الكبيرة في الحزب الحاكم.. لهذا لن يخاطر الشعبي بحمل وجه (القباحة) في وجه مناصري الرئيس البشير.. سيُحاول الشعبي تعظيم مكاسبه السياسية عبر تسليك الطريق للرئيس البشير.

بصراحة.. انتهت المعركة عقب إطلاق مبادرة رئيس الجمهورية بشأن الدستور.. لكن كان من الأوفق أن يتولى الحزب الحاكم إطلاق المبادرة، ومن بعد ذلك التسويق لها.. هنالك كثير من الحرج حينما تخرج المبادرة من منصة الرئاسة وتنتهي بتعديلات يعود ريعها لذات المؤسسة.

assayha