نمل السكر ونحل السياسة..!! بقلم عبدالباقي الظافر

نمل السكر ونحل السياسة..!! بقلم عبدالباقي الظافر


03-27-2018, 02:48 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1522158532&rn=1


Post: #1
Title: نمل السكر ونحل السياسة..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 03-27-2018, 02:48 PM
Parent: #0

02:48 PM March, 27 2018

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


صُعق باسيادي اكونياتسي رئيس بعثة المنتخب الأرتيري حينما وجد نفسه وحيدًا في الطائرة العائدة لأسمرا.. منتخب إريتريا كان قد خسر أمام بوتسونا في أكتوبر ٢٠١٥.. حينما هم المنتخب بالعودة تخلف نحو عشرة لاعبين وفضلوا دخول السجن إلى حين ألَّبت في حقهم في اللجوء السياسي.. حدث ذات الهروب الجماعي عقب أولمبياد لندن حينما تخلف عدد من اللاعبين في عاصمة الضباب.. مؤخراً فرضت الحكومة دفع ضمان مالي يقدر بأكثر من ستة آلاف دولار لكل مبتعث لمهمة خارجية.. إرتيريا الآن يتناقص عدد سكانها بشكل مريع.. ففي خلال عشر سنوات فقدت أريتريا نحو خمس سكانها.. معظم الخبراء عللوا موجات الهروب بسبب العزلة السياسية والاقتصادية التي تعيشها دولة ارتيريا تحت حكم الفرد الباطش.

نشرت إحدى الصحف خبراً بمذاق الحنظل.. تفاصيل الخبر تفيد باختفاء حصة محلية الدندر من السكر.. التفاصيل تقول إن حصة المحلية من السكر تقدر بستمائة وخمسين جوالاً.. استلم مسؤول الرياضة مئتي جوال وسلمها بدوره إلى جهة أخرى حسب إفادته.. ما تبقى من السكر ذاب مثل فص ملح في ماء فاتر.. المحرر من باب (التريقة) اتهم النمل بأنه التهم الحصة الغائبة.. لم أكن أعرف حتى وقت قريب أن السكر عاد لدائرة الاحتكار الحكومي .. وأن توزيعه على الناس بات عبر آليات الدولة وربما عبر البطاقة الحكومية .

قبل أيام نشرت الصحف عن عزم الحكومة على استيراد أربعمائة وخمسين ألف طن من السكر .. قبل ذلك كان عدد من رجال الأعمال يقومون بهذه المهمة.. بل إن السكر في وقت من الأوقات بات مصدر جباية للحكومة والتي تفرض على مصانعه رسوماً ولائية واتحادية.. كانت أمنيات الحكومة أن تتمكن من تحرير الدقيق حتى يصبح مثل السكر يخضع لقواعد العرض والطلب.. لكن فيما يبدو أن هنالك ردة رسمية عن سياسات التحرير الاقتصادي.. الآن بنك السودان يتاجر في الذهب.. بل إنه بات ينافس البنوك التجارية والصرافات في شراء العملات الأجنبية من المواطنين مباشرة.. كل سياسات الصادر والوارد تعود بِنَا إلى أيام الشمولية الاقتصادية.

الغريب في الأمر أن الإنقاذ انتهجت فلسفة التحرير الاقتصادي في ظروف بالغة التعقيد.. حينما شرع عبد الرحيم حمدي في خصخصة مؤسسات القطاع العام في مستهل التسعينات كان السودان يعاني من الحصار والحرب الأهلية في جنوبه.. بلا شك أن السودان أحسن حالاً من ذي قبل.. بلدنا تنتج بعض النفط وغير قليل من الذهب.. لكن الأهم أن هامش المناورة على المسرح الإقليمي والدولي تمكننا من كسب بعض المساعدات المالية من دول تبحث عن موطئ قدم في سواحلنا.. رغم تلك الفسحة إلا أننا نبحر نحو الشمولية الاقتصادية.

في تقديري أن على الحكومة أن تستمر في سياسة الانفتاح الاقتصادي لأكبر مدى ممكن.. انفتاح في إطار المنافسة الخالية من احتكار النافذين.. من الصعب على السودانيين أن يتخلوا عن كثير من المكتسبات الاقتصادية التي حصلوا عليها بفضل سياسة التحرير.. لن يكون بوسع أي منا أن يعيش دون خدمة (إنترنت) ناهيك عن الهاتف الخلوي .. كل تلك المكاسب جاءت بفضل التحرير الاقتصادي.. القيود الإدارية وتحريك الاقتصاد بعقل شمولي سيجعل بلدنا في مصاف دول معزولة اقتصادياً مثل إرتيرياً.

بصراحة.. ستكون الحكومة أول ضحية لسياسة الشمولية الاقتصادية.. تحت لسعات الساسة سيهرب رجال الأعمال السودانيين ويصبح السودان جحيماً للمستثمرين الأجانب.. حينما تقع على رؤوسنا نوازل العزلة السياسية وتضاف إليها عزلة اقتصادية سيُصبِح بلدنا طارداً ومهيأ للانزلاق في أتون الفوضى.


assayha