الجدل حول تعديل الدستور..استعباط سياسي بقلم د.أمل الكردفاني

الجدل حول تعديل الدستور..استعباط سياسي بقلم د.أمل الكردفاني


03-19-2018, 07:41 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1521484900&rn=1


Post: #1
Title: الجدل حول تعديل الدستور..استعباط سياسي بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 03-19-2018, 07:41 PM
Parent: #0

07:41 PM March, 19 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر







اي دستور اساسا؟؟؟ هذا هو السؤال الذي يجب ان نطرحه؟؟؟
هناك مبدأ قانوني هو ان من يملك الأكثر يملك الأقل ، فلو كنت مديرا فانت ايضا تملك صلاحيات الموظفين الذين ترأسهم ، كما ان هناك مبدأ آخر وهو ان انهاء شيء يتم من نفس السلطة التي اوجدته ... ووفقا للمبدأين السابقين فان من اصدر دستور 2005 كان البشير والحركة الشعبية ... والبشير بحزبه لم يستمد شرعية حكمه من الدستور انما من الانقلاب العسكري ، فاذا تكرم البشير ووضع دستورا فله كامل الحرية في الالتزام به او تعديله او حتى الغائه ، وكما كان البشير هو من انشأ الدستور بسلطته المستندة الى القوة فان نفس هذا البشير يستطيع ان ينهي وجود هذا الدستور بنفس سلطته المستمدة من انقلاب عسكري . الذين يجادلون حول الدستور يعرفون ان الدستور هذا لا قيمة له ، ولكنهم يحاولون استخدام اي كرت للضغط على النظام ، وهذا نوع من الاستعباط ، لأن كرتك هذا اساسا محروق ، فما بني على منطق القوة لن تهدم اساسه قوة المنطق . هذا النوع من الاستعباط السياسي يظهر عدم جدية المعارضة في المعارضة نفسها ويظهر انها قابلة لأن تخضع لتنويم مغناطيسي يقوم به النظام الذي استطاع بمساعدة المعارضة نفسها ان يقنع الشعب بشرعية دستورية مستمدة من دستور وهمي ، فالمعارضة لم تتمسك بانعدام شرعية النظام ، ولم تتمسك بزيف ما يسمى دستورا ، بل انجرفت خلف تمثيلية النظام معتقدة انها هذا ذكاء منها .. في الواقع هذا ليس ذكاء .. بل ان النظام عرف كيف يسخر من المعارضة ويدجن عقليتها لتفعل له ما لا يستطيع هو فعله... الآن الشعب كله بات يصدق ان هناك دستورا حقيقيا لهذه الدولة وانه قابل للتعديل ، وان البرلمان وافق على التعديل ، ومن ثم فان الشعب يتصور بان حكم البشير هو حكم شرعي ، وان مشكلتنا مع النظام هي مجرد تقييمات دستورية وقانونية وهذا غير صحيح ... نفس هذا الغباء -الذي يحسبه اصحابه ذكاء- حدث في انتخابات نقابة المحامين ، وحين نادينا بمقاطعة هذه الانتخابات انبرى من المعارضين للنظام من يدعي انه سيحارب النظام بأسلحته ، وحشد هؤلاء الحشود ، حتى صار الشعب كله يظن بأن نقابة المحامين صارت في جيب المعارضة مسبقا ، وان الانتخابات ستخضع لرقابة مشددة ، فلما جاءت النتيجة الصادمة بهزيمة ساحقة انقلب هؤلاء يحاولون هدم التصورات التي زرعوها هم بأيديهم في اعين الجماهير صارخين بتزوير الانتخابات ، فلم يلتفت لهم الشعب وانقلبوا بحسرتهم يبكون. ان خطأ من يعارضون النظام انهم يمارسون المعارضة كلعبة سياسية وليس كمبدأ ، وهذا ما يفرح اي نظام دكتاتوري ، فالمعارضة المؤسسة على مبادئ هي وحدها التي تشكل عدوا لدودا للانظمة الدكتاتورية . اما ممارسة المعارضة كلعبة سياسية فتحتاج هي نفسها الى مناخ سياسي معافى وديموقراطي .. وهذا الشرط مصادرة على المطلوب.
ان الاحزاب السياسية كلها اعترفت بالدستور الوهمي هذا ، وسجلت اعترافها عند مسجل الاحزاب السياسية ، وهكذا صار البشير يحكم بشرعية دستور هو من كتبه بحبر قلمه ، وهو من يجوز له ان يعدله ويغيره ويلغيه وربما يكتب دستورا جديدا تماما وستقوم المعارضة ايضا بالبصم عليه معتقدة انها تجاري اللعبة بذكاء... عن اي انتخابات تتحدث المعارضة؟؟؟ انتخابات 2020 .. اليس هذا مدهشا ، اليس من المدهش ان النظام يقوم كل بضعة سنوات بعمل انتخابات وهمية ومع ذلك تجد المعارضة تحتدم في الجدل حول المشاركة وعدم المشاركة وكأنها انتخابات حقيقية...عن اي انتخابات يتحدث هؤلاء ؟ ان هذا النظام لم يأت بانتخابات ليذهب بانتخابات .. ولن يذهب بانتخابات ، ناهيك عن ان يكون هو نفسه من يكتب هذه المسرحية وينتجها ويخرجها ثم يدعو المعارضة للتمثيل معه فيها فتفعل ...
اي حماقة هذه ، والى متى ستظل المعارضة تتجاهل الوضع المأساوي للشعب السوداني الذي يحتاج لانقاذ سريع وحاسم من هذا النظام وان الوضع لا يحتمل ممارسة العاب سياسية . ان الشعب فقد ايمانه بقوى المعارضة لأنه اكتشف انها معارضة لا تقوم على مبادئ بل هي معارضة مرفهة وتعيش في برجها العاجي دون ان تشعر بخطورة الوضع تحتها على الارض.