بين الأنثى والإنسان .. !! - بقلم هيثم الفضل

04:37 AM March, 06 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة

رغم أن اليوم ولا أمس ولا غداً سيكون مُخصَّصاً في شتى وسائط الإعلام والمنابر الثقافية (لليوم العالمي للمرأة) ، لكني وتمكيناً للمبدأ الذي يُحيط بالكثير من المناسبات التي أصبحت تمثِّل قيَّماً أخلاقية سامية ومحمودة ومتفق عليها ، والقاضي بربطها وإحتكارالحديث عنها ليوم واحد ومعيَّن ثم ننسى أمرها بعد ذلكُ ، آثرت اليوم مناقشة ما كتبت إحداهن قبل يومين في فيس بوك بحِس عالٍ وحقيقي ومؤثِّر عن شعورها كإمراءة سودانية بالغبن والجور والظلم والدونيه جراء النفوذ الذكوري الذي هو أصلاً سِمة من سمات ثقافتنا الإقليمية المُحيطة ولا أقول العربية بالتحديد ، إذ أن بعض الإتجاهات الثقافية الإفريقية فيها كثير من الدلائل التي تشير إلى سيادة دونية المرأة في مواجهة الرجل ، وللحقيقية علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا كرجال فيما يختص بشعورنا الحقيقي ومدى إيماننا بمبدأ أن النساء شقائق الرجال وأنهن حسب الواقع الفيسولوجي والسيكولوجي لا يمكن أن يخرجن خارج دائرة مصطلح كونهن (إنسان) متكامل الحاجات وواضح الغايات ، هل نحن الرجال بالفعل نعامل المرأة في بيوتنا وفي الشارع وفي العمل وفي الأسواق كما ينبغي التعامل الذي يفرضهُ إعتبارها إنسانا متكامل الصفات ، بالقدر الذي لا يجعلنا نتعاطف معها ونقف خلفها من باب المساندة لمجرد (العطف) وشعورنا المتأصِّل بأنها ضعيفة وغير قادرة على الحصول على تطلعاتها وحاجياتها العادية والقصوى ، هل كل ما تحتاجه المرأة في حياتنا المعاصرة هو مجرد صك (سماح) الرجل وموافقته على أن تحصل على ما تريده لذاتها ومن حولها ، وهل يكفي مجرد الإعتراف لها بحق التعليم والعمل وإمكانية تولي المناصب يمكن أن يفيد إستغنائها عن حقها الأصيل في الإستفادة من (تغيير أو تعديل) الصورة الذهنية لشكل ومضمون تواجدها في الحياة العادية للرجل داخل البيت والمجتمع الأسري المحيط ، وهل قوامة الرجال على النساء شرعياً متوافقة مع واقع إعتبار المرأة مسئولة عن صناعة الطعام ونظافة المنزل والإنصياع اللا مشروط لأهواء ورغبات الرجل وكذلك الإهتمام بالأطفال لمجرد أنهم يخرجون من رحمها وليس الرجل ، نعم علينا أن نعترف أن المرأة في واقعنا المعاش ورغم حصولها على (صك) الموافقة على إقتحام الفعاليات العامة إلا أنها لم تنجو أو تخرج بعد من أسر (الدونية) الذي يكاد لا يعترف أبداً بواقع مساواتها مع الرجل في عمق الحياة اليومية والعادية للبيت والمجتمع المحيط ، أتطلَّع بصدق إلى معرفة إتجاهات الشعور الحقيقي لدى الرجال في مجتمعنا الذكوري المُتشِّدد تجاه إلغاء المحيط الفكري المبدئي والمُتعلٍّق ( بفهم ) المرأة إنطلاقاً من كونها جسد ثم إحالة كل ما يُعبِّر عنها بعد ذاك إلى قائمة الثانويات ، هل يمكن أن تتجه مناهجنا الدراسية في المراحل الدنيا رغم إنتفاء صفة التخطيط في مؤسساتنا الإدارية الحكومية إلى ترتيب إتجاهات تعليمية وتربويه تعمل على صناعة الذهنية الذكورية التي تنطلق في تعاملها وفهما للمرأة من منطلق كونها (إنسان) متكامل الصفات والحاجات ، فضلاً عن تعليمهم مقامات التفريق بين المرأة الإنسان والمرأة الأنثى ، ليس في ذلك ما يُضير إذا أعتبرناه لبِنة أولى لتأسيس مجتمع ذكوري قادر على قبول المرأة كآخر أو إنسان متكامل من الناحية المحضة وفقاً للمنظور (الكُلي) وليس الشكلي ، كيف نريدها حُرة وقادرة وناجحة ومسؤولة ومُتميَّزة ، وفي ذات الوقت نوظِّفها بعد (إنجازاتها المعلومة والمُعترف بها) أنثى ناعمة وجميلة وخادمة وطباخة ومُربية ؟ وفي ذات المكان الذي يجلس فيه الرجل متربعاً على عرش الراحة وبسط النفوذ ، أنا مثلكم في حيرة من أمري ولكن مواجهة الحقيقة والإعتراف بموطن الجرح والألم أول الطريق لعلاجه و شفائه .