مقدمة شيء من سيلينا بقلم عبد الله علي إبراهيم

مقدمة شيء من سيلينا بقلم عبد الله علي إبراهيم


03-06-2018, 01:57 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1520297838&rn=3


Post: #1
Title: مقدمة شيء من سيلينا بقلم عبد الله علي إبراهيم
Author: عبدالله علي إبراهيم
Date: 03-06-2018, 01:57 AM
Parent: #0

00:57 AM March, 05 2018

سودانيز اون لاين
عبدالله علي إبراهيم-Missouri-USA
مكتبتى
رابط مختصر




هذا الكتاب ثمرة مهارة استثنائية لاستراق السمع والبصر لمؤلفته غادة عبد العزيز خالد. ولا أدل على ذلك من حكايتها مع خالاتها. كانت "تقعي" عندي قدميّ أمها وأخواتها تغالب النوم تتسقط أنسهن. ثم تنصرف الأم والخالات متعللات بالنوم لكي يبعدنها عنهن ريثما يجتمعن مرة ثانية بدونها. وصحت يوماً لتجدهن في أنس ظنت أنه انقطع بالنوم واتضح لها أنه نوم مصطنع. وقالت غاضبة: "يعنو أنتو صاحيين". ولسانها كأنه يقول: وكمان بتحكو إن شاء الله ما ينفعكم. فليس من قول في الدنيا أوفعل إلا أرهفت له غادة السمع والبصر. وهذا الكتاب حصيلة كاتبة تتربص بحكاوى العالمين تستنظف منها معنى.
وغادة مفطورة على الحكي. فلم يخلق المعنى في الحكي الذي يغنيها عن إشراقة الحكاية. لا مساومة. فمثل ما الخبر مقدس والرأي غير ذلك في الصحافة. فالحكي عند غادة مقدس والمعنى غير ذلك. فلا تستعجل إلى المعنى، أو ما يستفاد من الحكاية، قبل أن تبسطها بتفاصيلها "المملة". وأقول ذلك جدلاً. فالمعنى في مقالها "في عمر طويل" هو عن غيبوبة طرأت على اتفاقية السلام السودانية في 2005 لمماطلات بين الشريكين فيها، المؤتمر لوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان، لم تفق منها لوقتها بعد. وجاءت غادة بهذا المعنى مختصراً لأن الحكاية قطعت قول كل خطيب. فكان المقال عن الأمريكيين راين وجيل فنتيلي. غشيا ملهى ليلة الجمعة. رقصا. وعادا للنوم. ولم تستيقظ جيل صباح السبت حين حاول زوجها ذلك. وحاول اسعافها بعد طرحها على الأرض. ولم يمنعه عدم إحسانه الإسعاف من المحاولة. لم تترك غادة تفصيلاً في الحكاية لم يرد عنها. دخول جيل في غيبوبة قنّع الطب والطبيب في افاقتها عنها. وقبول أهلها صاغرين سحب وسائط الإحياء المصطنع عنها. واجتماع الأسرة حولها لتلقي نظرة الوادع. ولم تمت جيل حتى بعد سحب تلك الوسائط. بل صحت بقدرة قادر ونفسها في وجبة بمطعمها المكسيكي المفضل. لم تترك خالدة شاردة ولا واردة في الحكاية لم تقصها: حتى التاريخ والمكان والزمان. بل اسمعتنا دقات قلب جيل "دل دل". وكأن غادة تخشي إن اسقطت مفردة من الحكاية انهار البنيان السردي المرصوص.
لو أردت تصنيف كتاب غادة الذي بين يديك لقلت إنه من إثنوغرافيا (الوصف الثقافي) النبل الأمريكي. فأذن غادة وعينها لا تبارح حكاية لا ينعقد بين أطرافها فداء عظيم. ومن عقيدتها أن الأريحية الإنسانية من مستصغر شرر الخير. فإن مررت بتظاهرة منعقدة لمطلب ما في ملتقى طرق ما يكفيك أن "تضرب البوري" هوناً ليقع ذلك موقع التضامن معهم. ويسعدهم. و"الحب يعيد الحياة" من أكثر هذه الحكايات درامية لأن شرر الفداء فيها كثيف وعواقبه غراء. فيتبادل أبطالها في المقالة أجزاء من الجسد حباً وكرامة فيصنع لهم منازل القربى والنسب بالنتيجة. فلمّا احتاجت المغنية ناتلي كول لكلية بديلة وصت معجبة موشكة على الموت أهلها بالتبرع بكليتها لها. وحملت أخت كول النبأ السعيد لها. وماتت هذه الأخت مباشرة بعد نجاح جراحة الكلي. ولما التقت كول بأخت من تبرعت لها بالكلية هفا قلبها لها وطلبت منها أن تكون "أختها في الكلي". وهكذا يصبح "النبل قرابة ونكسب الودين" في مراوحة على أغنية للحقيقة.
غادة من جيل كتاب المهجر إذا استلفنا من الإرث اللبناني. أو هي من جيل كتاب "الأسايلاب" وهو المصطلح الذي سكه تاج السر الملك لجيل اللاجئين السودانيين من شرور وطنهم في العقود الثلاثة الأخيرة. ولكنها بينهم قلم لوحده. فبينما توطنت ثقافياً في حقائق البلد المرسل إليه تجد غيرها ما يزال يرسف في حقائق البلد الراسل. فأمريكا، وهي البلد المرسل إليه في حالنا مع غادة، عند غادة حكاية بينما هي خبر عند غيرها. أقرأ لأكثر الأخيرين حتى سئمت ذلك لأسأل متى وضعت المقال: أي سمع وبصر استرقه هذا الكاتب قبل يشرع في كتابة كلمته؟ فتجده يسمع عن مسؤول غربي استقال مثلاً لوخذ الضمير لأنه أساء الوظيفة العامة. ويكتفي الكاتب الأسايلابي بالخبر دون اليقين، أي الحكاية، لينعي بلدنا الذي لا تطرأ الاستقالة لمسيء مثل تلك الوظيفة. وهاك شق للجيوب ودعاء بدعوى الجاهلية.
بالطبع لا تخلو كتابات غادة من مثل هذا العوج الناعي على الوطن ولكن ليس قبل امتاعنا بالحكاية من طقق إلى السلام عليكم. وليس كل عوجها إلى الوطن نكداً بل ربما وجدتها تطابق بيننا وبين الأمريكيين في الإحسان إن لم تعطنا الميزة عليهم. وتبلغ بهذا العوج ذرى الدرامية والطرافة في مقالها "إن سرقت". وما أنقذها من البكاء على أطلال الوطن الراسل إلا ولاؤها للحكاية. فالقسط والوعي في التفاصيل. والشيطان في التعميم. وسيجد القارئ أن بعض هذا العوج قد تدرمج في مقالات غاية الطرافة في مثل "البنت التي لم تخسمنا" و" الصغيرة أم كضوم" و"الرجالة تطير". ومصدر الطرافة في هذه المقالات هو عسر الترجمة بين الثقافات. فالثقافة لغة إن جهلت نحوها ركبت صعباً.
مقالات غادة عرض مشرق للغة. فلها سبل لتجرح اللغة وتعدلها غير عابئة. ستتوقف أيها القارئ عند فن عنونة مقالاتها وتعجب: "سال من شعره الذهب" و"أطير وين واقع وين" و"بالفحم حضرنا ولم نجدك" و"القونقليس الأبيض ينفع في اليوم الأسود" و"الغربة جرسة حال". وستفاجئك بأن محفوظك من مجازات اللغة ليس منتهى البلاغة. وأنها حمّالة جمال آخر: "انتشار النار في هشيم أعصاب المجتمع" و "أغان تمسك بلباب المجتمع" و"فطام أمريكا من البترول" و"ذرات العنصرية عالقة بغبار المدينة".
هذا كتاب غادة الأول في المقالة الصحفية التي كتبتها قبل نحو عشر سنوات. وبدا لي مما قرأت مجتمعاً أنها ولدت بأسنانها.



Post: #2
Title: Re: مقدمة شيء من سيلينا بقلم عبد الله علي إبرا
Author: علوية علي إبراهيم
Date: 03-06-2018, 04:11 AM
Parent: #1

أول مرة ما تجيب سيرة عبد الخالق فسبحان الخالق وأبشري يا بت خالد ههههه

Post: #3
Title: Re: مقدمة شيء من سيلينا بقلم عبد الله علي إبرا
Author: محمد عبد الله الحسين
Date: 03-06-2018, 06:22 AM
Parent: #2

البروف القامة عبدالله علي ابراهيم

تحياتي و إعجابي بشخصكم الكريم المثقف و العالِم الذي يثبت لنا دوما التزامه بقضايا الوطن و المجتمع و الذي ظل يكتب و ينافح بكل صلابة و ثبات في كافة

الموضوعات...بقناعات راسخة و يقين لا يتزعزع...

لك التحية و الإعزاز و التجلة.