تزايُد نسبة الطلاق وخطرها على المجتمع بقلم الطيب مصطفى

تزايُد نسبة الطلاق وخطرها على المجتمع بقلم الطيب مصطفى


03-01-2018, 02:39 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1519911561&rn=1


Post: #1
Title: تزايُد نسبة الطلاق وخطرها على المجتمع بقلم الطيب مصطفى
Author: الطيب مصطفى
Date: 03-01-2018, 02:39 PM
Parent: #0

01:39 PM March, 01 2018

سودانيز اون لاين
الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


عندما تبلغ نسبة الطلاق في السودان (43%)، فإن ذلك يكشف جانباً من الدرك السحيق الذي ينحدر إليه مجتمعنا السوداني.

لو جاء ذلك الخبر من المعارضة لشكّكنا فيه، ورفضنا تصديقه، ولكن عندما يشهد عليه شاهد من أهلها، فإنه والله مما يستدعي لطم الخدود وشق الجيوب فيا حسرتاه!

مَن فجعنا بذلك الخبر المُفزِع وزيرة الضمان والتنمية الاجتماعية الأستاذة مشاعر الدولب التي لا تنطق عن هوى، وإنما أعلنتها صرخة مدوية وصيحة نذير من منطلق الحرص على معالجة تلك المشكلة الاجتماعية المتفاقِمة.

للأسف فإن خبراً كهذا لا يجد حظه من التغطية الإعلامية والدراسة، ذلك أن المجتمع بات مشغولاً بالنوافل عن الفرائض وبمحقّرات الأمور وسفاسفها عن عظائمها، وعن ما يُهدّد بنيته الأساسية، وهل أعظم من الحاضنة الأولى التي من شأن تفكّكها أن يحدث دماراً هائلاً في مجتمع الفضيلة الذي ننشده والذي لا يقوم إلا على الأسرة المكونة من أطفال يستظلون بسقف الوالدين وليس بأم وأب منفصلين أو متشاكسين يتمزق الأطفال بينهما ويفقدون دفء حضنهما المشترك؟

مشاعر الدولب المنزعجة من تلك الإحصائيات المخيفة دعت خلال لقائها مدير الصندوق الخيري لمساعدة الشباب على الزواج عاصم محمود إلى إقامة ورشة يشارك فيها القضاة والمختصون من علماء النفس والمجتمع لبحث انتشار الطلاق خاصة وسط الزيجات الحديثة، ودعت إلى تصميم استمارة استبيان وسط المتزوجين حديثاً لمعرفة أسباب المشكلة والبحث عن سبل لمعالجتها من خلال مؤتمر جامع يُحشد له كافة المُختصين.

كما ذكرت فإن الدولة بشقيها التنفيذي والتشريعي وبمنظماتها وقطاعها الخاص لاهية عن القضايا المجتمعية ومنشغلة بالسياسة وإطفاء حرائقها بالرغم من أن بناء الكيان الأسري وتحصين المجتمع من مهددات نظامه القيمي والأخلاقي بما في ذلك الطلاق تعتبر من أهم الأولويات الدينية، وهل أدل على ذلك من أن المصحف يحمل بين دفتيه سورة باسم (الطلاق) ومن أن تمتلئ آي القرآن بتفاصيل دقيقة لمعالجة الخلافات الزوجية، وهل بُعث الرسول صلى الله عليه وسلّم إلا ليُتمِّم مكارم الأخلاق من خلال إقامة القواعد الأساسية التي تُحقّق تماسك المجتمع وانضباطه أخلاقياً وقيمياً بما في ذلك بناء مؤسسة الزواج والحاضنة الأسرية ومحاربة كل ما شأنه تهديد تلك المؤسسة المجتمعية العظيمة؟

إنني لأدعو الجهاز التنفيذي ممثلاً بالوزيرة مشاعر الدولب والبرلمان ممثلاً برئيس اللجنة الاجتماعية الطيب الغزالي إلى التعجيل بإقامة ورشة بل ورش مشتركة تبتدر التصدي لهذه المشكلة المتفاقمة للحد منها ومن تأثيراتها على مجتمعنا.

أهم من ذلك، فإن على المجمع الفقهي وهيئة علماء السودان والبرلمان التصدي لهذه المشكلة وابتدار تشريعات تُصعّب وتحدّ من الطلاق، فمن حق ولاة الأمر أن يشرعوا ما فيه صلاح مجتمعاتهم، فقد منع الفاروق عمر بن الخطاب الصحابي الجليل المبشر بالجنة طلحة بن عبيد الله من الزواج من يهودية بالرغم من أن الله تعالى في قرآنه الكريم أباح زواج المسلم من الكتابية، كما أن شيخ الإسلام ابن تيمية أبطل في فتواه ما سُمي بالطلاق البدعي الذي أقره الفاروق عمر .

نحتاج إلى تقييد الطلاق، كما نحتاج أكثر من ذلك إلى تنشيط المبادرات المجتمعية لاحتواء الخلافات الزوجية وتيسير الزواج ومحاربة غلاء المهور و(التقليعات) الجديدة التي برعت فيها المجتمعات المُترفة لسوْق المجتمع نحو تصعيب الزواج.

قبل أيام قاد الشيخ عمر حضرة وعدد من شيوخ شمبات مبادرة مجتمعية تشبه فكرة زواج (الكورة) التي توافق عليها المجتمع السوداني وقبلها خلال فترة ستينيات القرن الماضي والتي كان لها إسهام ضخم في تيسير الزواج ومنع الإسراف والصرف البذخي في الزواج.

مثل هذه المبادرات هي التي تقاوم انسياق المجتمعات نحو التفكك بفعل المبادرات السالبة التي يقودها شياطين الإنس والجن لتفكيك مجتمعنا السوداني المترابط.

لعل أكبر (التقليعات) السيئة التي أحدثت أثراً سيئاً في شأن الزواج انتشار صالات المناسبات التي تتضمن كلفتها العشاء الفاخر وعدداً من أوجه الصرف الأخرى، وقد تزايدت تلك الصالات وانتشرت في معظم شوارع العاصمة والمدن الكبرى بل والقرى.

يبدو لي أننا نحتاج إلى تضافر جهود منظمات المجتمع المدني من أجل محاربة المغالاة في كلفة الزواج بل ومحاربة العنوسة التي باتت تهدد أمننا الاجتماعي.

ليت مؤسسات الدولة تهتم بهذه الأخطار الداهمة، فوالله إن العنوسة والطلاق وصعوبة الزواج بسبب تصاعد كلفته شر مستطير سيحدث زلزالاً كبيراً في المجتمع السوداني ما لم يجد من يتصدّى له بقوة


assayha