الاقتصاد والمعالجات الأمنية والإدارية بقلم الطيب مصطفى

الاقتصاد والمعالجات الأمنية والإدارية بقلم الطيب مصطفى


02-25-2018, 04:57 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1519574246&rn=0


Post: #1
Title: الاقتصاد والمعالجات الأمنية والإدارية بقلم الطيب مصطفى
Author: الطيب مصطفى
Date: 02-25-2018, 04:57 PM

03:57 PM February, 25 2018

سودانيز اون لاين
الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


ظللنا ندندن بل ونصرخ ونصيح حول الأزمة الاقتصادية الأخيرة التي أرهقت كاهل البلاد والعباد والتي ما نشأت ثم تفاقمت إلا بفعل أخطاء كارثية ترتبت على سياسات معيبة انتهجها الجهاز التنفيذي في معالجة الشأن الاقتصادي.

أكبر مظاهر الأزمة تمثل في انهيار الجنيه السوداني في مقابل الدولار والذي لجأت الحكومة إلى معالجته من خلال إجراءات أمنية وإدارية وليس بانتهاج معالجات اقتصادية حقيقية للعلة التي تُمسك بخناق الاقتصاد السوداني في تغافل عن ما يترتب عن تلك المعالجات الخاطئة من آثار سالبة أهمها فقدان الثقة في النظام المصرفي الذي سيحتاج إلى زمن طويل بعد انجلاء الأزمة ليتعافى ويستعيد الثقة المفقودة.

قبل يومين جبنا خمسة مصارف بحثاً عن صرف شيك بمبلغ هزيل بالجنيه السوداني كما أن أحد الأصدقاء استعان بي لصرف شيك من حساب دولاري لمغترب سوداني فاتصلت بمدير عام البنك وفشلت .. ذلك الصديق قال إنه ظل يسعى منذ أشهر لصرف أمواله المحتجزة.

كان من تلك الإجراءات الأمنية والإدارية التي قصد بها كبح جماح الدولار ذات التأثير السالب اعتقال تجار العملة الذين لا يفترض أن يكون لهم وجود في ظل اقتصاد معافى يوفر الدولار بنظام اقتصاد السوق الحر الذي أقرته الدولة منذ زمن طويل، فقد نتج عن التشوه الهيكلي الذي ضرب الاقتصاد أن يصبح الدولار سلعة تفوق أي عائد استثماري آخر كما أن الإجراءات الإدارية الأخرى مثل تجفيف السيولة عبر التحكم في صرف الأموال للعملاء سينتهي أثره الإيجابي بمجرد رفع القيود عن المصارف ويخشى أن يعود الدولار إلى سيرته وجموحه القديم.

بالله عليكم كيف يجوز الحديث عن استقطاب أموال المغتربين عبر إيداع أموالهم في المصارف في وقت تمنع فيه المصارف من صرف الأموال لعملائها؟! هب أن الدولة منحت الحوافز المغرية للمغتربين .. كيف يضمنون ألا تنقلب عليهم من جديد؟

أعجب أن تعجز مؤسسات الدولة عن فعل شيء كان مطبقاً منذ عقود من الزمان فقد كنا مغتربين خلال سنوات الحكم المايوي وطبق ذلك النظام التحفيزي بنجاح تام فماذا دهانا حتى بتنا عاجزين عن إنفاذ أبسط وأيسر القرارات؟!

بدلاً من تلك الإجراءات الأمنية والإدارية الصارمة بتداعياتها السالبة كان الأولى أن يُصار إلى معالجات أخرى ميسورة لو توافرت الإرادة السياسية ومنها مثلاً منع تهريب الذهب والسلع الاستراتيجية مثل القمح والوقود والتي يرهق توفيرها خزانة الدولة ويفاقم من أزمة النقد الأجنبي.

أرجو أن يكون صلاح قوش قد نجح في إغلاق مطار الخرطوم والحدود المفتوحة من أن يُهرّب عبرها الذهب والسلع الدولارية مثل الوقود والقمح، كما أرجو أن يكون قد تمكن مع بنك السودان من استرجاع عائد الصادر بل في تقصير فترة السماح للمصدرين إلى شهر واحد أو أقل كما تفعل الدول الأخرى.

معالجات سهلة كان بمقدورها أن تجنب البلاد هذه الأزمة التي تجاوزت تداعياتها الأثر الاقتصادي والسياسي الداخلي إلى تخريب مناخ الاستثمار وهز الثقة في النظام المصرفي.

لطالما أملنا في الدول الصديقة التي كثر الحديث حول موافقتها على تقديم قروض سلعية ودولارية ولكن للأسف تمخض جبل الآمال فولد فأراً ميتاً، ووالله أني لأعجب من دول تغدق مئات المليارات على الأعداء الاستراتيجيين بينما تبخل على من يحرسون حدودها بالمهج والأرواح.



assayha