ما حاجتنا إلى الناس .. !! - بقلم هيثم الفضل

ما حاجتنا إلى الناس .. !! - بقلم هيثم الفضل


02-25-2018, 08:42 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1519544577&rn=0


Post: #1
Title: ما حاجتنا إلى الناس .. !! - بقلم هيثم الفضل
Author: هيثم الفضل
Date: 02-25-2018, 08:42 AM

07:42 AM February, 25 2018

سودانيز اون لاين
هيثم الفضل-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر

سفينة بَوْح – صحيفة الجريدة

وقائع التغيرات والتطورات التي حدثت في ثقافة وعادات وظواهر المجتمع السوداني ، بعد سيادة الفكر السياسي الآحادي وطغيان الشعور بالخوف من المستقبل وأحياناً الكفر بالقيِّم والمباديء التي أصبحت عبر مجريات الأحداث (مجرد حواجز صلبة تمنعك من إجتياز مسابقة البقاء ضمن الأحياء) ، بلا شك قد أودت بالوطن وأهله البسطاء إلى غياهب الإستغراب والإندهاش من ما أصبح ضمن العاديات في شارعنا السوداني ، والدولة سائرة في غيَّها المعلوم والذي يتمحوَّر في كون صناعة الإنسان السوداني وصيانته هو آخر تطلعاتها للحصول على رغبتها الجامحة في البقاء على رأس السلطة وحيدةً دون (آخر) يجادلها فيما تختاره من توجهات أو فيما تتخذه من قرارات أو ما تجنيه من خيرات ، لا نعلم من الذي طرد ستات الشاي من شارع النيل وأطفأ أنواره التي كان تفضح ما تحتها من أشخاص وأفعال ، لتتحوَّل المئات من بائعات الشاي وما لدى بعضهن من بضائع قيل أنها ممنوعات إلى الأزقة المظلمة والشوارع الجانبية وطبعاً يتبعهن آلاف من الشباب والشابات من الذين على ما يبدو لم تدفعهم مطاردات كشات المحلية إلى ترك عادتهم وأماكن أنسهم ، كما أنها أي الكشات قد ثبت أنها ليست الأداة السليمة ولا الفاعلة في حل المشكلة هذا إن فرضنا أن هناك مشكلة من حيث المبدأ ، من الذي يتخذ مثل تلك القرارات وما هي المصالح المترتبة على ذلك وهل يقوم من يفعل ذلك بدراسة التداعيات وردَّات الفعل وكذلك السلبيات التي يُفترض أن تتم موازنتها مع الأهداف الإيجابية المرجوة ، مثل تلك القرارات العنجهية والعشوائية والتي ربما وقفت من خلفها المصالح الشخصية البحته هي التي تصنع الظواهر والعادات الجديدة التي نعتبرها خصماً على ثقافتنا الإجتماعية السابقة والمفعمة بالقيِّم والمباديء والأخلاقيات النبيلة ، هل ينبري أحد المنظرين لقضية ستات الشاي ويقدم بديلاً يتأسس على شرعية هذه المهنة وإمكانية تنظيمها من قِبل جهات الإختصاص لتكون مشابهة لما يسمى بالمقاهي المنتشرة في معظم مكونات الأسواق لشتى الدول العربية وبعض الدول الأوروبية ، حكومة المؤتمر الوطني يجلس نافذوها في برجٍ عاجي خارج إطار المأساة التي صنعوها بأيادي الفشل المتنامي والفساد المستشري ولم يكتوي بنارها سوى هذا الشعب المغلوب على أمره ، فمعظم النساء اللواتي يبعن ويسترزقن في الشوارع هن ضحايا الحروب والإضطرابات الأمنية في دارفور والنيل الأزرق وغيرها من مناطق التوتر ، أطفال الشوارع الذي أصبحوا بلا حصر يمارسون التسوُّل والأعمال الهامشية ويسجلون بغيابهم عن واقع التنمية الإجتماعية فاقداً تربوياً لم تعُد وزارة التربية من تزايده وإنفراط أمرهُ تتحدث عنه في تقاريرها وبرامجها الإعلامية التي هي أصلاً معدومة ، هم أيضاً ضحايا الحروب وتنازع حكومتنا مع المعارضة حول السلطة وجاه الدنيا الزائل ، أما الفقر العام وغلاء المعيشة وتأزم إشكالية الإستشفاء والحصول على الدواء وطغيان مافيا التعليم التجاري قد أدى دوره في تحطيم محاولات منظمات المجتمع المدني لحماية الطفل السوداني من التشرد الأسري وسوء التغذية وحرمانه من التعليم الأولي وتعرَّضه عن طريق تأثير إنتشار المخدرات والإهتزازات النفسية الواقعة على الطبقات المدحورة للتحرش الجنسي والإبتزاز والعمل في سن مبكرة بالرغم من أن الدستور والقوانين تمنع ذلك ، التغيُّرات السلوكية الإجتماعية وإرتفاع وتطور مستويات الجريمة هو بلا شك إنعكاس طبيعي لإبتعاد الدولة وحزب المؤتمر الوطني عن إستقطاب القواعد الشعبية وتنميتها وحمايتها كما كان يفعل الإسلاميون الأوائل إستعداداً للفوز بالحكم ديموقراطياً ، أما الآن وبعد أن تم إقرار (البقاء الأزلي) وفق حساباتهم الواهمة ، فعلى ما يبدو أن منطقهم يقول : ما حاجتنا إلى الناس إذا كنا قد ملكنا مقاليد الأمور.