الضوء المظلم؛ تنتهي معاناة الافارقة بالكف عن ممارسة العنصرية فيما بينهم بقلم ابراهيم اسماعيل ابراهي

الضوء المظلم؛ تنتهي معاناة الافارقة بالكف عن ممارسة العنصرية فيما بينهم بقلم ابراهيم اسماعيل ابراهي


01-22-2018, 05:28 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1516638504&rn=1


Post: #1
Title: الضوء المظلم؛ تنتهي معاناة الافارقة بالكف عن ممارسة العنصرية فيما بينهم بقلم ابراهيم اسماعيل ابراهي
Author: ابراهيم اسماعيل ابراهيم شرف الدين
Date: 01-22-2018, 05:28 PM
Parent: #0

04:28 PM January, 22 2018

سودانيز اون لاين
ابراهيم اسماعيل ابراهيم شرف الدين-
مكتبتى
رابط مختصر









مهما كانت الكلفة البشرية والمادية تبذل الدول الغربية قصارى جهدها لانقاذ وتوفير الحماية والدفاع عن اي من رعاياها في حال تعرضهم لخطر او تهديد في الداخل او في اي بقعة في هذا الكون المترامي الاطراف ولن تترد في تحريك جيوشها جوا وبحرا او استخدام امكاناتها التكنلوجية في سبيل ذلك, ويجدر الاشارة هنا مثلا لا حصرا الى (الكيان الصهيوني) او دولة اسرائيل التي لم تتخل حتى عن رفاة مواطنيها بينما يقضي الاف الافارقة غرقا في البحر الابيض المتوسط ويقبع مثلهم تحت وطأة التعذيب الوحشي في سجون ليبيا او يقع رهينة في ايدي عصاباتها الاجرامية فيباع كما الانعام دون ان يتحرك احد لانقاذ حياتهم او يحرك ساكنا.



وفيما تشكل السلطة بالدول الافريقية محور القتال بين القبائل التي تسعى كل على حدا الى السيطرة المطلقة عليها بعد تدمير الاخرى, يوفر التمييز العنصري والجشع الوقود لهذا الصراع الدامي المستمر منذ عقود والذي ساهم في توطين الجهل والفقر المدقع بافريقيا فضلا عن تسببه في خلق بيئه طاردة. ولكن ليست هذه هي المشكلة ففي الوقت الذي اعلن فيه نجم كرة القدم الكميروني صمويل ايتو استعداده لانقاذ المحاصرين من ابناء بلده وسط صراخ – شيفوني انتهازي – لمن يطلقون على انفسهم نشطاء ومدافعين عن حقوق الانسان في السودان استنكارا لما يحدث في ليبيا من جرائم ضد الانسانية لم تبد الدول الافريقية الى الان اي رغبة لتحرير رعاياها المخطوفين او على الاقل الجدية في ازالة الاسباب التي تحفز الهروب الجماعي من افريقيا.



ويقف جمع المال وحبه وراء الانتهاكات والتعذيب الممنهج بحق المهاجرين الافارقة وغيرهم في ليبيا, وهو حقيقة تجمع التباينات العرقية والثقافية والقومية المتواجدة هناك في هدف واحد؛ وهو تحقيق ارباح ومكاسب مالية. والى جانب اللبيين تضم مافيا تجار البشر اشخاص من جنسيات افريقية مختلفة, تشاديون وسودانيون وبعض ممن يجيدون اللغة العربية القادمون من دول اقليم غرب افريقيا, وهناك سودانيين من اقليم دارفور متورطون بهذه الجرائم ضد الانسانية في مدينة سبها وبلدة القطرون القريبة من مناجم الذهب والواقعة في اقصى الجنوب حيث يمثل السود الليبيين اغلبية دمغرافية. ولكن هذا لا يعني ان لتلك الجرائم دوافع غير عنصرية.



ويبلغ سعر الوجبة بمناطق التعدين الاهلي حوالي 10 دولار اميركي وتباع احيانا بجرامات من الذهب او بالمقايضة.



وبينما تتكرر ظاهرة بث تسجيلات جرائم التعذيب على شبكة الانترنت ووسائط التواصل الاجتماعي يتعذر الاطلاع على وجه الدقة على حقيقة ما يجري في ليبيا من فظاعات كما من الصعب التعرف على عدد المخطوفين وحصيلة الموتى والمفقودين وجنسياتهم او ما اذا كان هناك اي نشاط لتجارة الاعضاء البشرية في ظل التعتيم الاعلامي.



ولم يتمكن تجار الرقيق الغربيين وفي الشرق الاوسط ابان ازدهار تجارة الرقيق من استعباد السود الا بتعاون وتواطؤ بعض الافارقة معهم, وكان السلاطين في دارفور وغيرها في مناطق السودان وافريقيا يملكون الاف العبيد تم شراؤهم او اختطفوا من ذويهم ولكن مع اضمحلال الممالك والسلطنات تحرر الكثير منهم الا ان لعنات الرق مازالت تلاحقهم حيث ترفض الاسر ممن ترى انها متحدرة من سلالات – حرة – التصاهر مع احفادهم الى الان. ويجدر الاشارة هنا ايضا الى فئة – الحداحيد المضطهدة – في قبائل دارفور.



المشكلة اننا في افريقيا نتعمد تحميل مسؤولية فشلنا لغيرنا وبدلا عن نعمل على ابتكار الحلول الجذرية لازماتنا المتفاقمة بسبب الانانية والجشع ننشغل في بلاهة نحسد عليها بالبحث عن شماعة لتعليق اخفاقاتنا عليها بالاستغراق في جدل ونقاش عقيم لنتائج الازمة التي تكمن بلا شك في منهجنا القبلي وثقافاتنا الانقسامية ومقاربتنا المتخلفة للحياة؛ الازمة لا تخبؤ في تصريحات الملياردير ترمب العنصرية ولا في ما يتعرض له الافارقة بليبيا من انتهاكات وفظاعات كما يعتقد البعض تلك مجرد نتائج لازمة مزمنة تعرض الافارقة للاساءة والاستغلال والموت الزئام, واذا اردنا حلها علينا بتغيير السياسات واجراء اصلاحات اجتماعية واقتصادية في بلادنا المنكوبة وليس مهاجمة العرب والغرب او انتقاد سياساتهم, وبرغم ما يتعرض له الافارقة اليوم في ليبيا من استعباد واهانة ممنهجة هو نتيجة لسياسة الاتحاد الاروبي الرامية الى مكافحة الهجرة غير الشرعية والتي حرمت الاف الافارقة من عبور البحر المتوسط وكبدت عصابات تهريب البشر في ليبيا خسائر فادحة دفعت بهم الى اتخاذ الهاربين الى اوروبا كرهائن وعبيد لتعويضها وتحقيق ارباح طائلة اما عن طريق بيعهم لارباب الشركات والمشاريع الزراعية او مطالبة ذويهم بدفع فدية الا اننا لا يمكن ان نحمل الاتحاد وتلك العصابات الاجرامية كامل المسؤولية في ذلك في ظل تنصل القادة الافارقة عن مسؤولياتهم وتقاعسهم على مدى عقود عن وضع حد للفقر والحروب العبثية التي تحرك عجلة الهجرة الى اوروبا ولكن مع ذلك تلعب الثقافة دور مهم في تعزيز تجارة الرق وتكريس العبودية في افريقيا.



والغت الولايات المتحدة الاميركية التي حازت على شرف اول بلد غربي ينتخب رئيس من اصول افريقية نظام العبودية منذ اكثر من 5 عقود لم يتمكن خلالها السود من الوصول الى السلطة الا عام 2009ف بعد فوز براك اوباما بالانتخابات ولكن سياسة الملياردير ترمب الذي فاز في انتخابات عام 2016ف عن الحزب الجمهوري المحافظ يعبر عن رأي قطاع عريض من الاميركين البيض لاسيما في ظل تنامي الكراهية ضد المهاجرين بسبب الهجمات الارهابية وعدم قدرتهم على التكيف مع النظام الاجتماعي الغربي - الرأسمالي - حيث انتهى المطاف بكثير من المهاجرين الافارقة الى التشرد فاصبحوا عبئا اضافيا على الدولة والمجتمع.

.

وفي الوقت الذي يعتبر البعض الرئيس الاميركي ترمب عنصري بسبب تصريحاته المسيئة لاسيما للافارقة والمسلمين الا ان الصراع الطائفي الذي يشهده الشرق الاوسط والحروب الاهلية الناجمة عن التمييز العنصري والقبلي في افريقيا ساهما بشكل اساسي في تشجيع الافارقة والمسلمين والعرب على السفر الى الغرب الذي يرى في تدفق اللاجئين الرافضين للاندماج في الحضارة الغربية تهديد لقيمه ومصالحه المادية ولكن هل تنتهي مشكلة الافارقة بمدح ترمب لهم ام بقدرتهم على ازالة الاسباب التي تدفعهم الى ترك بلادهم؟؟



ويظهر النصر الساحق والمفاجىء الذي حققه ترمب المشهور باراءه العنصرية وتصريحاته المثيرة للجدل على منافسته مرشحة الحزب الديمقراطي كيلينتون النزعة القومية والكراهية المتصاعدة ضد السود والاسلام في اوساط المجتمع الاميركي الابيض بعد ارتفاع وتيرة الهجمات الارهابية مع تزايد اعداد المهاجرين. وتعيد تصريحات ترمب المسيئة الى ذاكرة الافارقة حقبة طويلة من الالم والاضطهاد المنظم بحقهم استمر لقرون هجر فيها الملايين من السود الذين اخذوا كرقيق ديارهم فيما فقد مثلهم الاتصال بذويهم الى الابد وهي جريمة ضد اخلاقية لا يمحوها الاعتذار او ابداء الندم.



ويجب الا ننحي باللائمة الى ترمب بسبب عنصريته او الى الليبيين ازاء ما يقترفونه من جرائم بشعة تقشعر له الابدان بحق المهاجرين الافارقة وغيرهم اذا اخذنا في الاعتبار الاسباب والملابسات التي تجبر هؤلاء الضحايا لهجر بلادهم ويتعرضوا لاقسى صنوف الاهانة والتعذيب والتنكيل كما هو موثق في التسجيلات المصورة التي برزت مؤخرا على الانترنت تظهر فيها مليشيات مسلحة وعصابات ليبية يضربون الافارقة بوحشية. الالم الذي يتعرض له هؤلاء الضحايا جراء الضرب المبرح ينبغي ان يحرك مشاعرنا ويدفعنا الى التفكر بجدية لاستئصال جذوره وذلك بوقف الحرب ومحاربة الفقر والفساد. عنصرية الافارقة فيما بينهم هي التي تجعل منهم ضحايا للاستغلال والتعذيب خارج اوطانهم سواء كان في ليبيا او اميركا وهي السبب ايضا في كل هذه الاساءات المهينة والمشوهة لسمعة بلادنا .

وتتميز ليبيا عن غيرها من دول شمال افريقيا بامتلاكها احتياطي ضخم من النفط الخام الذي كان يفوق انتاجه 2 مليون برميل يوميا في عهد نظام العقيد معمر القذافي ولكن بقدر ثروتها النفطية تسبح ليبيا في بحر من الجهل والظلام. ولم يستفد النظام السابق من عائدات النفط الهائلة في بناء الانسان الليبي وتطويره بل استخدمت تلك الاموال في تجهيله وتضليله كي يبقى النظام ويستمر في الحكم الى ما لا نهاية ولكن كان القذافي الذي حكم ليبيا لاربعة عقود متتالية وازلامه من اوائل الذين حصدوا ثمار زرعهم بنهايتهم المذلة – على ايدي الثوار - التي تفصح عن مدى همجية المجتمع الليبي المعروف بتعصبه القبلي وكراهيته للسود والاجانب بصفة عامة؟؟

وينظر المجتمع الليبي الى السود بمن فيهم السودانيون والافارقة القادمون من غرب افريقيا بغية العبور الى اوروبا باعتبارهم عبيد وخدم. وتنشط في ليبياعصابات تهريب والاتجار بالبشر حيث ينتهي مصير كثير من المهاجرين الافارقة على ايدي العصابات الاجرامية التي تاخذهم كراهائن وتطالب ذويهم بدفع فدية تربو قيمتها الاف الدولارات مقابل اطلاق سراحهم ولكن يفقد الكثير منهم حياته بسبب التعذيب الوحشي الذي يتخذه الخاطفون وسيلة لابتزاز ذوي الرهائن واجبارهم على تحويل الاموال.

وتعتبر بلدة اغاديس التي تقع في الجزء الشمالي من دولة النيجر نقطة تجمع للمهاجرين من دول غرب افريقيا الراغبين في الذهاب الى اوروبا عبر الساحل الغربي الليبي وبحسب موقعها الاستراتيجي المتاخم للحدود الليبية والقريب من اقليم غرب افريقيا ومناجم الذهب في تشاد والنيجر تعتبر ايضا مركزا تجاريا هاما وحاضنة للعصابات الاجرامية التي تنشط في تجارة البشر والتهريب وترويج المخدرات والممنوعات ولكن لوجود القوات الاميركية بالمنطقة ابعاد واجندة اخرى غير احد اهدافها المعلنة وهو مكافحة الهجرة غير الشرعية.

ويتقاعس الافارقة منذ خروج الاستعمار الاوروبي في القرن المنصرم عن تأسيس نظام ديمقراطي ومحاربة الفساد والقبلية في بلادهم الغنية بالثروات المعدنية والزراعية ما تمخض عن ذلك ازمة سياسية واجتماعية واقتصادية اجبرت الملايين على الهروب باتجاه اوروبا واميركا بحثا عن مخرج ومستقبل امن. وبالنظر الى حجم الضرر المادي والمعنوي الذي يتعرض له الافارقة بسبب الهجرة فانه يتعين على الاتحاد الافريقي اتخاذ اجراءات عملية وليس اخراج بيانات ادانة واستنكار لما يجري في ليبيا وغيرها وذلك بابتكار الحلول الناجعة التي تشل حركة الهجرة والهروب الى الغرب؛ ضرورة مخاطبة جذور الازمة التي تجعل الافارقة عرضة للاساءة والاستعباد خارج اوطانهم.



وبعيدا عن المماحكات والكيد السياسي فان الخلاصة تتجسد في الدرس المهم الذي يمكن تعلمه من التجربة الليبية القاسية حتى الان هو ان الاوطان مهما افرطت في الظلم البقاء بها ربما يجنب الكثيرين خطر التعرض للخطف والتعذيب وان المستقبل المضمون والسلام الحقيقي يكمن في وجود الافارقة بارضهم وحل مشاكلهم بانفسهم عبر الحوار لا بالحرب او الهروب الى الخارج.