الحدس والتفكيكية موت المؤلف رؤية أولية تحتاج لنقاش بقلم امل الكردفاني

03:47 PM January, 15 2018

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر

التفكيكية ونظرية المؤلف قدما طرحا معتمدا على فكرة التأويل وضياع مركزية النص ، نعم هذا صحيح لو تراجعنا الى الوراء ، مع ذلك لا يمكننا تجاهل حدسية النص ، اي ذلك المعنى الذي يستحدسه القارئ من النص ذلك الفهم العام ، فلنفترض مثلا هذه الجملة:(انا احب الدجاج) ... هذه الجملة تعطينا فهما مباشرا بوجود علاقة عاطفية بين الشخص والدجاج ، لكن بالحدس يمكننا ان نفهمها بأن هذا الشخص يحب اكل الدجاج وليس الدجاج نفسه ، ويمكننا بالتفكيك ان نطرحها كلمة كلمة فنتساءل عن كلمة الحب ماذا تعني؟؟؟ هل هو يحب هبر عاطفة ام غريزة ، هل يبحث عن قبلة من دجاجة ام فخذ مشوي لهذه الدجاجة ، بل وما المقصود من الدجاجة هل هي دجاجة حقيقية ام شخص جبان ام فتاة جميلة؟؟؟ نستطيع ان نلغي مركزية النص وهذا صحيح لكن يبقى ان ندرك ان حدسية النص هي التي تعطينا المعنى الاكثر عمومية ، والاكثر احتمالا ، لا المعنى المباشر ولا المعاني المنبثقة عن عملية تفكيك للنص .. وهكذا فالنص يكون منتجا بشكل ذاتي ولم يتقشف كثيرا ليتحول الى اشارات غامضة. هنا لا يموت المؤلف لأن المؤلف ايضا يعطينا نصا حدسيا حتى لو كان يقصد مقاصد تتجاوز الحدس الى التأويل الأكثر عمقا .. لكنه حين قال دجاج فهو قد اختار تصورا عقليا لدى الكافة يرتسم في ادمغتهم عن الدجاج ، من خلال خبرات بشرية تشاركية طويلة جدا ، يبقى الخروج عنها ازمة تحت مسؤولية المؤلف وليس النص ولا القارئ ، هو من يملك وحده ايجاد حل لها... يمكننا دائما ان نستخدم الخبرة البشرية العامة common لفهم النص بشكل حدسي ، فلنتصور اننا في مؤتمر للأطباء وهم يتحدثون عن السرطان ، هنا لن نفهم السرطان باعتباره سرطان البحر رغم انه من الممكن ان نؤول حديثهم هذا التأويل البعيد لكن حدسيا ومن خلال تجاربنا البشرية سنفهم انهم يتحدثون عن مرض السرطان. فمسالة موت المؤلف والتفكيكية تلغي كل هذا الزخم الهائل للتشارك الدلالي بين البشر ، وتلغي الحدس المتولد عن تفاعلاتهم وخبراتهم الجماعية وتصادر الأساس الخطابي الذي نعتمد عليه للوصول الى التواصل أوالتفاهم ..
امل الكردفاني