تمكين المرأة وصنع السياسات الاقتصادية بقلم م.أبي عزالدين عوض

تمكين المرأة وصنع السياسات الاقتصادية بقلم م.أبي عزالدين عوض


01-07-2018, 07:54 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1515308099&rn=1


Post: #1
Title: تمكين المرأة وصنع السياسات الاقتصادية بقلم م.أبي عزالدين عوض
Author: أ ُبي عزالدين عوض
Date: 01-07-2018, 07:54 AM
Parent: #0

06:54 AM January, 07 2018

سودانيز اون لاين
أ ُبي عزالدين عوض-
مكتبتى
رابط مختصر

عمود/ من المسؤول ؟



صحيفة الأخبار - 6 يناير 2018


تم إلغاء الجهاز العصبي للدولة وهو مستشارية الأمن القومي في السودان، بعد كل الصرف الذي صُرِف فيها، بل وإلغاء منصب المستشار نفسه وكل المستشارين رغم حاجة البلاد إليهم، ورغم الآيات والأحاديث الحاثة على توسيع مواعين الشورى.
ومثل ذلك يتم الصرف على كوادر الوطن ثم رمي الاستثمار فيهم في سلة المهملات، وهكذا تضيع دوما مواردنا المالية والطبيعية والبشرية، وبالطبع الزمنية في عالم متسارع التطور والتقدم دون تريث ودون سقوف.

رغم العلاقة الوثيقة بين الأمن والاقتصاد، حتى أن آية سورة قريش جمعتهما في الإطعام من الجوع والتأمين من الخوف، ولكن بينهما فارق جوهري حين يأتي دور تمكين الموارد البشرية، وهو أن الأمن يحتاج للشدة، والاقتصاد يحتاج للرفق، ولا يغيب حديث نبينا الصحيح ودعائه لربه: اللهم مَن ولي مِن أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومَن ولي مِن أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به.

قد يخالف البعض طبيعتهم، فيدخلون في مجالات تخالف المألوف والميسرين له، فتكون النتائج ارتدادية، ومثل ذلك حين تمارس المرأة الأدوار الأمنية والاستخبارية في المواقع التي لا تتناسب مع طبيعتها، فتمارس القسوة بصورة أشد من قسوة الرجال والبشر جميعا، إما لطبيعة شذوذ نفسي فيها، أو لتعويض نقص تاريخي، أو لتغطية جوانب ضعيفة أو خفية تكتمها..

ولكن العمل في مستشاريات الأمن القومي يختلف، فهو عمل فكري استراتيجي ورؤوف بمستقبل الأمم والشعوب، ومعني بالتخطيط لاستمرار نبض قلب الدولة وأجيالها في المستقبل،
ولا علاقة له بالضرب تحت الأحزمة والطعن خلف الأظهر وفي القلوب، ومن الأمثلة عليه تولي الأستاذة فايزة أبوالنجا مسؤولية مستشارة الأمن القومي في دولة مصر، متعايشة مع عدد من الحكومات المتباينة والمتضادة في تاريخ مصر، لدرجة أنها دخلت قائمة أقوى 20 إمرأة في قائمة مجلة Foreign Policy العالمية المرموقة، ولكنها قوة الفكر والبناء لا غير !

ولكن من المثير أن ابنة بورسعيد كانت كذلك عاملة في القطاع الاقتصادي، كمندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية، أو كوزير دولة أو وزيرة للتخطيط والتعاون الدولي لعدة سنوات، مثل الإصلاحية النجيبة سمية إدريس عثمان أُكُد في الوزارة الموازية بالسودان، والتي ننتظر قيادتها لها كوزيرة أولى إذا ما أخذ المؤتمر الشعبي وزارةً اقتصادية أخرى.

أما بعد الأمن القومي وفي قطاع الاقتصاد، فكانت هناك عشرات الوزيرات من النساء في كل أرجاء العالم كوزيرات مالية أو وزيرات تخطيط اقتصادي، ووصلت مثل المحامية المرموقة السيدة كريستين لاقارد لمنصب المدير العام لصندوق النقد الدولي منذ 2011 وحتى يومنا، وهو الصندوق الذي يأمر بخفض قيمة جنيهنا حين تقرر هذه المرأة مديرة الصندوق ذلك، ويتّبع ويطيع أوامره رجال القطاع الاقتصادي في السودان، في انتهاك أنثوي دولي واضح للسيادة الوطنية الذكورية.

معلوم في صحيح البخاري أن السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت أنه ما خُيّر رسول الله بين أمرين، إلا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثما...
وطالما أن إدارة الاقتصاد هي علم الاختيار من البدائل، فلا غرو أن المرأة المسلمة الطبيعية لو زانته برئاسته فستختار اتباعا لرسولها أيسر البدائل على البلاد والعباد، ولنزلت حينها البركات على السماء والأرض ! فدعاء النبي على ولاة الأمر يوضح أن الرفق بالعباد، يُنزِل مزيدا من الرفق على الأرض..

لا شك أن النساء (الطبيعيات) بطبيعتهن يضعن اعتبارا أكبر للأبعاد الاجتماعية والإنسانية حين يفاضلن بين بدائل السياسات الاقتصادية. ولذلك ينبغي إيلاء الاهتمام لتمكين المرأة في هذا القطاع، ليس شرطا في عملية التخطيط الاستراتيجي الاقتصادي، وإنما يكفي لتسهم في عملية صنع السياسات الاقتصادية policy making نفسها ثم في عملية صنع القرارات decision making stage ثم في اتخاذ القرارات لاحقا decision taking، فالمنجاة في تطعيم هذا القطاع القاسي بالنساء من أهل العلم والكفاءة، وليس من المصرفيات كما هو حادث مع الرجال قساة القلوب والعقول.

وفي ذلك يحضرني تنبيه السيد رئيس الجمهورية عمر حسن أحمد البشير أن مصارفنا ليست مصارف إسلامية وإنما يمكن وصفها بالمصارف غير الربوية فحسب، وكان حينها السيد الرئيس يميز لهم الفارق الاجتماعي بين النوعين من المؤسسات المالية، ويدعو (رجالات) القطاع الاقتصادي لابتكار حلول اقتصادية إسلامية مواكبة للعصر ومرتبطة بالإنسان وليس بالأرقام، ومراعية للنتائج والآثار الاجتماعية.

اقتصادنا ليس اقتصادا رأسماليا، ولا هذه هي الشعارات التي رفعتها ثورة الإنقاذ فأخل بها اللاحقون بعد أن أنجزوا وأنقذوا البلاد في سالف العصر قبل ثلاثين عاما من تلك الأوضاع المتردية في ظل عدم وجود الموارد وفي ظروف الحرب الاستنزافية اليومية وظروف شاملة أصعب من ظروف اليوم، وحين لم يكن في البلاد شئ ! ولكن القوم الآن ليسوا هم القوم،
وحان أوان تطهير العريش بعد رفع الحصار الاقتصادي.

فمرحبا بالسيدات في منظومة صنع السياسات، كي تنزل الرحمة على البلاد والعباد.




[email protected]