حيوية الكتابة الروائية... الحكي ام الفلسفة.. بقلم أمل الكردفاني

حيوية الكتابة الروائية... الحكي ام الفلسفة.. بقلم أمل الكردفاني


12-02-2017, 09:09 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1512202173&rn=0


Post: #1
Title: حيوية الكتابة الروائية... الحكي ام الفلسفة.. بقلم أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 12-02-2017, 09:09 AM

08:09 AM December, 02 2017

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر




هذه قضية مهمة جدا ؛ الحكي لتكون الفلسفة (بمفهوم عام جدا للفلسفة باعتبارها حكمة ما) مطروحة بشكل ضمني داخل مجمل العمل الروائي ، كروايات كافكا مثلا ، بحيث يهتم الكاتب بالحكي المجرد ، أم اتخاذ خط آخر يعمد فيه الكاتب الى ابراز فحواه الفكري وفلسفته الحياتية في اشخاص ابطال روايته حيث تتبدى الحكمة على أفواههم...
هذان نمطان يظللان الكتابات الروائية الاول يسوقه الدوس هيكسلي ، كافكا ، هنري ترويا كنموذج ، ماركيز ونجيب محفوظ ومكسيم غوركي الى حد ما ، والثاني قيادة تاريخية منذ بلزاك مرورا بكونديرا ، موراكامي ، كينزابورو اوي ، ساندور ماراي قبلهم ، الطيب صالح ...الخ.
نجد أن نمط الحكمة التي يحاول الكاتب تجاوز ذاتيتها وفصلها بشكل محترف او قليل الاحتراف عن موقفه الفلسفي من الحياة عموما وقضاياها الشائكة ، نجد أن هذا النمط هو السائد ، وانتقل الى الجيل الجديد خاصة عند الكتاب الشباب العرب ، حيث لم تكد تخلو رواية منها...وبالتالي يحق لنا كقراء عاديين أن نتساءل ونحن نراقب هذا النهر الذي يجري بدون عوائق هل سنشهد انتقال الرواية من كونها حكي او سرد او وصف لظواهر اجتماعية وثقافية وسياسية ..الخ الى كونها حالة من الاستعراض العضلي للتفوق التحليلي؟ في كازانوفا في بولزانو ، تجيب المرأة التي نظرت عبر ثقب المفتاح داخل غرفة كازانوفا المنسطح على سريره شبه عار ، تجيب عن سؤال اخرى: ماذا ترين؟... تجيب: رجل ..
هكذا افرغت المرأة حمولة ذكورية في كلمة واحدة لو زادت او نقصت وصفا وتفسيرا لقضي على القيمة الكلية والتأويلية للمشاهدة والمشهود.. هنا تتفتق عبقرية ماراي ، فهل يمكن للحراك الذي يغلب الطرح الفلسفي المفضوح ان يتعلم من مثل هذه اللفتات البارعة في السرد والحكي المجرد.
أن تحكي قصة أم تطرح فلسفة؟؟؟ أيهما ستختار ككاتب ، أن تسكب ذاتك أم تعبرها لينفصل النص عنك متجاهلا تلك الآلام واللعنات التي تخوضها خارجه؟ هذا السؤال دقيق جدا ، فهو حقيقة يصب في نهاية واضحة وهي التوازن ، والتوازن كنصيحة وصائية تستعلى على الكاتب نفسه ، وتكبح جماح طموحاته ، وتقيد من حركته تحرره الكتابي ، عندما نقول توازن فإننا إذن نعني ، وضع القارئ والتحرر على كفتي ميزان ، وضع الحكي والتفلسف على كفتي ميزان ، وضع الجدية والاندفاع على كفتي ميزان ، وضع القانون الجماعي وعربدة الابداع على كفتي ميزان ، وضع النسق أوالبرادايم والانفتاح والليبرالية على كفتي ميزان ، وضع قيمة ايجابية بين رذيلتين وفقا لأرسطو ، أو في الواقع وضع رذيلة بين قيمتين وفقا للكاتب على كفتي ميزان.
(يبدو كل ذلك عقيما وفوضويا) ، لكنه ضروري ، انا لا ادعي أن المعايير يجب ان تنتهك ولا أن تقدس ، فهناك من سيتساءل مستنكرا ومندهشا:مالذي تقصده بالمعايير في الفن؟؟؟ هذا هراء طبعا... لكن ما الفن سوى الهراء مقدسا ، وما الفن سوى نومينا خالصة للروح .
نعم..لن نصل أبدا الى نتيجة ولن يسمح لنا فن الرواية أن نصل الى نتيجة ، بل ولن يسمح لنا الابداع بأن نصل الى نتيجة ، ولكن ؛ ألا يجوز أن نتحسس بأطراف أصابعنا تضاريس النفق؟؟؟

أمل الكردفاني