رسائل البشير لم تخطئ العنوان .. بقلم عبدالباقي الظافر

رسائل البشير لم تخطئ العنوان .. بقلم عبدالباقي الظافر


11-26-2017, 04:01 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1511708511&rn=0


Post: #1
Title: رسائل البشير لم تخطئ العنوان .. بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 11-26-2017, 04:01 PM

03:01 PM November, 26 2017

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر




كان الجنرال جريشكو على وشك الخروج من الفندق لحضور حفل عشاء حينما أخبروه أن عليه أن يمر أولاً على الرئيس السادات في منزله.. وجد وزير الدفاع السوفيتي حفاوة فوق التوقع في منزل الرئيس السادات جعلته يتأخر على عشاء وزير الحربية محمد فوزي .. حتى إن السادات طلب من ابنته أن تغني للضيف أغنية ليالي موسكو التي حفظتها خلال معسكر شبابي في روسيا.. لكن بعد ذلك بأشهر قليلة وتحديداً في يوليو ١٩٧٢ طرد السادات على نحو مفاجئ حوالي عشرين ألفاً من الخبراء الروس، وقال قولته المشهورة "الروس يمكن أن يعطوك الأسلحة ولكن الولايات المتحدة وحدها يمكن أن توفر لك حلاً".
أثارت زيارة رئيس الجمهورية المشير البشير لروسيا جدلاً في الأوساط ليست المحلية فحسب بل حتى العالمية ..وذلك لان الرئيس عرض لروسيا موطئ قدم في البحر الأحمر حتى قبل أن تطلبه.. كما أن الرئيس كان شديد اللهجة تجاه الولايات المتحدة بشكل أثار استغراب الكثيرين.. لكن قراءة تلك التصريحات مصحوبة ببعض الوقائع على الأرض يمكن أن تمنح تفسيراً مختلفاً.. قبل أن يسافر الرئيس إلى مدينة سوشي الروسية، كان وزير الخارجية يمتدح إيران بشكل دبلوماسي.. عزز الرئيس تلك الإيماءة بموقف يرفض أي حرب عربية مع إيران.. كما صرح البشير بشكل واصح أن لا تسوية في سوريا دون الرئيس بشار الأسد .. وعلينا أن نستصحب أن زيارة البشير لذات المدينة الدافئة تزامنت مع قمة روسية إيرانية وأخرى جمعت بين بوتين وأوردوغان.
قبل ذلك وبعده كان ولي العهد السعودي يكثف من جهوده في جمع الصف العربي ضد إيران.. حيث ضغط بن سلمان على مواطنه سعد الحريري ليقدم استقالته من رئاسة الوزارة في لبنان.. كما جمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة من أجل موقف عربي موحد.. لكن ذاك الاجتماع غابت عنه دول كثيرة ولَم يكن موقف الإمارات العربية متسقاً مع الموقف السعودي.. بلغت قمة العداء حينما وصف بن سلمان مرشد الثورة الإيرانية بأنه هتلر الشرق الأوسط .. وأكد بن سلمان في حديث لنيويورك تايمز أن أنصاف الحلول لا تجدي مع إيران.. كل تلك المؤشرات كانت تعني أن مسرح بن سلمان الحربي القادم سيكون مع إيران.
في هذا الوقت كان السودان يقاتل بشراسة مع الحلف الخليجي في اليمن.. رغم ذلك انهار الجنيه السوداني حتى دخل غرفة الإنعاش.. الولايات المتحدة أبطأت من خطوات التقارب مع السودان وتجنب نائب وزير الخارجية الزائر الالتقاء بالمشير البشير.. بل وحسب مصادر إعلامية أن واشنطن ربطت التطبيع الكامل باحترام الخرطوم للدستور الذي يقيد الدورات الرئاسية في فترتين فقط.. كما أبدت الخارجية الأمريكية ملاحظات سالبة حول حرية الإعلام وبعض الحريات الدينية الأخرى.
في تقديري .. لم تكن تصريحات البشير في روسيا زلة لسان تحتاج أن يعالجها طبيب أسنان في مهارة البروفسور غندور.. الرئيس أراد أن يخبر الأصدقاء والأعداء أن ثمة مسارات بديلة.. الرسالة الواضحة أن الاقتصاد السوداني يعاني فيما الأشقاء منشغلون بملفات داخلية وبعضهم يسعى لحرب جديدة.. وأن تدخل الولايات المتحدة في الشأن الداخلي غير مرغوب فيه بالذات إذا استهدف قطع الطريق أمام إصابة الرئيس للسلطة عبر تعديل الدستور.. لهذا اختار الرئيس المنصة الروسية حتى تصل الرسالة إلى العناوين البريدية التي حددها سلفاً.
بصراحة.. وصلت الرسالة بسرعة أثارت التشويش.. سيشعر الحلف الخليجي أن الخرطوم حليف متقلب المزاج ولا يجدر الاعتماد عليه.. كما أن ذات الرسالة ستبطِّئ من خطوات أمريكية كانت تستهدف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. حينما تطالب الخرطوم بحقها في امتلاك طاقة نووية حتى ولو للأغراض السلمية سيؤثر ذلك على مواقف الغرب.. الأهم من ذلك أن روسيا لن تمنحنا غير السلاح أو كما قال السادات.

assayha