وضع النظام الآن...طموحات وحقائق بقلم د.أمل الكردفاني

وضع النظام الآن...طموحات وحقائق بقلم د.أمل الكردفاني


11-22-2017, 03:56 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1511362582&rn=1


Post: #1
Title: وضع النظام الآن...طموحات وحقائق بقلم د.أمل الكردفاني
Author: أمل الكردفاني
Date: 11-22-2017, 03:56 PM
Parent: #0

02:56 PM November, 22 2017

سودانيز اون لاين
أمل الكردفاني-القاهرة-مصر
مكتبتى
رابط مختصر





مؤشرات الواقع الداخلي والاقليمي والمحلي والتي يمكن عبرها فهم امكانية او عدم امكانية اسقاط النظام تبدو شديدة الغموض...ولا تنبئ بالكثير ؛ فداخليا يكاد النظام يكون مستقرا من ناحية اعتباره القطب الاوحد كقوة أمنية ، صحيح ان الدولة شئنا أم ابينا تتجه نحو انهيار الاقتصاد القومي بدون أدني شك ، لكن مالذي يمكن أن يجعل من هذا الانهيار معززا لحتمية سقوط النظام ، فالاحزاب السياسية أشد ضعفا من ان تواجه النظام والشعب خائف وخائر القوى ، واستخدام العنف والدموية شيء مؤكد اذا اشتعل الشارع ، ووسائل الاعلام العربية الموجهة لن تعبأ كثيرا بما يحدث في الداخل مثلما لم تعبأ بأحداث سبتمبر ومثلما لم تعبأ امريكا بالتحرك من أجل الكشف عن الجناة.
الوضع الداخلي شبه مستقر تحت قبضة البشير ، عبر مليشيات الدعم السريع ، أما الحركات المسلحة فقد صمتت تماما ولم تكن اساسا قادرة على تهديد مصالح النظام في الخرطوم ، ولم تفكر حتى في ذلك ، ولم تحاول حتى التفكير في تغيير تكتيكاتها العسكرية او القيام باختراقات استخباراتية وتوجيه المقاومة من الداخل ، وهكذا فقدت قياداتها الأهمية المطلوبة قبل ان تزداد وتكثر الانشقاقات في أهمها وهي الحركة الشعبية.
الشارع في الخرطوم مستسلم وصار يقاوم شفويا فقط . ورغم الانهيارات المتتالية في مرافق الدولة ورغم معاناة المواطنين الا انهم اضعف من ان يقاوموا ولو مجرد شرطي بدون شريط ناهيك عن ان يخرجوا ليشعلوا ثورة ، وهناك ارتفاع غير طبيعي في اسعار السلع والخدمات بحيث تعيش الغالبية في حالة تقشف شديد وتعمل من أجل الحد الادني الذي يتيح التنفس والحياة..والدولة اصدرت نقود اكثر من غطائها من العملة الحرة والناس يتداولون ورقا ملونا ليس له أي قيمة سوى قيمته القانونية القسرية ، وهذا ما ينذر بالمزيد من الانهيار والمزيد من العوامل التي تفقد الحكومة انتباهها وتركيزها وتزيد من حالة تخبطها فوق هذا التخبط.
ومن ناحية اقليمية فهناك قلق وتوتر بين السودان ومصر يغذيه النظام بخطابات سياسية أكبر من حجمه ولا أعرف تماما الغرض من ذلك في وقت حساس كهذا ، واعتقد ان لعبة التدخل الامني بين البلدين صارت واضحة جدا للعيان وأن ليبيا تميل الى مصر مع امكانية تحريض مصر للمزيد من الدول المجاورة كي تقلق سكينة النظام خاصة بعد رفض السودان واثيوبيا لبعض التقارير المتعلقة بسد النهضة وبالتالي اعلان النظام عن الطرف الذي يقف الى جانبه. مع ذلك يحسب للنظام قدرته على الوقوف في خط الحياد بين السعودية وقطر في ازمتهما الخاصة ، كما ان هناك ضغطا امريكيا خجولا حول بعض قضايا حقوق الانسان ربما لتسترضي بها امريكا المعارضين السودانيين في امريكا والذين استطاعوا حشد جماهير غفيرة وانصار للوقوف ضد اي تطبيع بين امريكا والنظام . الا ان مصالح امريكا مرتبطة أيضا بمصالح النظام وخاصة فيما يتعلق بالتعاون الاستخباراتي ، والاتحاد الاوروبي ايضا يكاد يكون قد صمت تماما عن ابداء اي ملاحظة حول اي خروقات للنظام في مجالات حقوق الانسان كما صمت عن التعرض لطبيعة النظام الدكتاتورية ، وذلك تحقيقا لمصالح اوروبا في وقف نزيف الهجرة الشرعية اليه ، بل ترشح الاخبار عن دعم اوروبي لمليشيات الدعم السريع التابعة للبشير مباشرة والخاضعة لامرته تحت مظلة جهاز الأمن والمخابرات الوطني ، ورغم ذلك تأتي أيضا تصريحات خجولة من بعض اعضاء الاتحاد الاوروبي ليصرحوا تصريحات غير رسمية نافين فيها دعم الاتحاد لمليشيات الدعم السريع وهذا واضح الكذب.
الصيرورة العامة للحراك السياسي الداخلي متعثرة وتجهض اي محاولة لاستشعار المستقبل او تعطي املا بتغيير حقيقي للنظام ، ولذلك فالتعويل الحقيقي الذي يمكن ان تحاول اي قوة سياسية او عسكرية التعويل عليه هو العمل من الداخل ، أي محاولة تدمير مصالح النظام في الخرطوم نفسها وليس خارجها ، وهذا يحتاج الى مجهود استخباراتي قوي وارادة نهائية وباتة في انهاء النظام وليس الاستفادة من وجوده كما تفعل الأحزاب والقوى المسلحة.
ان محو النظام من الوجود ليس سهلا..فاليوم صرح البشير بأن تيار الاسلام السياسي لن ينتهي الا بانقلاب وهذا يعني أن البشير قلق من انفراده عاريا بالسلطة بدون دعم التيار الاسلامي ويكشف عن رغبته في العودة الى خط الانطلاق الاول لعدم وجود حليف سياسي حقيقي وذو وزن معه بالاضافة الى معرفته بتمكن الحركة الاسلامية من تحريك الكثير من احجار الشطرنج داخل السلطة ان هي استطاعت ان تلملم شعثها من جديد .
إن أي عمل لتهديد النظام وتدميره يحتاج لعمل دؤوب لما يقل عن سنة ونصف السنة او يزيد لمحاصرة النظام حصارا نهائيا وغلغلة استقراره النفسي والأمني وتحويل شوارع الخرطوم الى حرب عصابات لا تبقي ولا تذر ... ان الرؤية تبدو غائمة ولكن في النهاية هناك من يستطيعون تلمس الحواف داخل الظلمة . وهؤلاء هم من ننتظرهم وينتظرهم الشعب.
امل الكردفاني