Post: #1
Title: في (سرِّي) !! بقلم الطيب مصطفى
Author: الطيب مصطفى
Date: 11-18-2017, 04:00 PM
03:00 PM November, 18 2017 سودانيز اون لاين الطيب مصطفى -الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر *خرجت من (سيدنا الحسين) عقب صلاة العصر.. *ولكن من كان برفقتي لم يخرج... إلى أن كادت روحي تخرج.. *وكلما دلفت إلى المسجد وجدته بجوار الضريح... يتضرع.. *واليدان مبسوطتان نحو السماء (كل البسط).... والبصر شاخص إليها.. *فكذلك كان يدعو الله عقب كل صلاة... في سرِّه.. *ولكن أن يكون الدعاء بجوار ضريح فذلك ما لم أفهمه... ولا أهضمه... ولا أقبله.. *أو بالأصح لا يقبله الدين... ورب الدين... ورب الحسين.. *ولم يستطع إقناعي بفلسفته الصوفية... وعجزت أنا عن إقناعه بفلسفتي العقلانية.. *وهذه العقلانية عندي تنبع من عقلانية الدين الخاتم.. *فلأنه آخر الأديان جعل الله معجزاته في التفكر... والتدبر... والتبصر... والتأمل.. *لا في العصا... ولا الناقة... ولا إحياء الموتى.. *وإن كانت هذه وجهة نظري أعرضها فإن له وجهة نظر يعرضها بأفضل مني.. *ذلكم هو صديقي الحبيب الحاج وراق... الموصوف بالعلمانية.. *وحين طال بي الانتظار جلست في مقهى لأجعل من مراقبة الناس مصدر تسليتي.. *أو ربما كنت أنا مصدر تسلية بعضهم... ومنهم ذلكم (المجذوب).. *فقد كان يحمل مسبحة بيمناه... ومبخرة بيسراه..... ويحملني أنا بنظراته.. *ويحين يصيح (حيييي) أحس بجسدي يرتفع... ثم يهبط.. *وشعرت بأن ثمة رابطاً غريباً بينه وبين صديقي الذي بجانب الضريح.. *فكأنما كان يعنيني شخصياً بهمهمات المتصوفة الغيبية تلك.. *ومنها (وحدووووه)...و(لا دائم إلا هو)... و(مدد يا سيدنا الحسين، مدد).. *وفي محاولة يائسة مني حاولت صرفه بـ(لحلوح)... فأباه.. *أبى أن يستلمه... وأبى كذلك أن يدعني وشأني... أتلذذ بكوب السحلب.. *وظل على حاله تلك إلى أن مرت أمامنا سائحة أجنبية.. *وكانت (لابسة من غير هدوم) تقريباً... وتتأرجح على صدرها العاري كاميرا.. *والتقطت لي بها صورة عجلى... وكانت على عجل.. *أو بالأحرى: التقطت (لنا)... ولا أدري أأنا الذي لفت نظرها أم الدرويش؟.. *أما ما لفت نظره هو فالسائحة نفسها... وتبعها على (عجل).. *وطفق يدور حولها... ويُدير مبخرته حول رأسها... ويصرخ (حيييي).. *ولكنها لم تتضايق مثلي... بل بدت سعيدةً تضحك بجنون.. *وبعد دهر من الزمان خرج وراق... وعلامات الرضا (الغيبي) على محياه.. *ولم يُعر علامات ضيقي من الدرويش على محياي أنا التفاتاً.. *وكأنما هنالك علامات تفاهم (سرية) بينهما... لا تفهمها العقول ذات التفكير (الظاهري).. *وما أن حللنا بمكان إقامتنا حتى سمعنا خبر الانفجار.. *انفجار قنبلة يدوية ربما.... بأحد الأزقة التجارية في محيط الحسين.. *وانتهزها وراق فرصةً ليقول (أرأيت بركات الحسين؟).. *فرددت عليه حجته وقلت (بل كاد تأخرك عنده أن يجعلنا من ضحايا الانفجار).. *ولا أدري ماذا دعا وقتها في سره... ولكني أدعو الآن في سري.. *ولا تسألوني : بماذا... وعن ماذا... وعلى ماذا أدعو.. *فأنا (حرٌّ في سري !!!)
assayha
|
|