أنا سوداني بقلم د . الصادق محمد سلمان

أنا سوداني بقلم د . الصادق محمد سلمان


10-30-2017, 09:25 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1509395130&rn=0


Post: #1
Title: أنا سوداني بقلم د . الصادق محمد سلمان
Author: د.الصادق محمد سلمان
Date: 10-30-2017, 09:25 PM

09:25 PM October, 30 2017

سودانيز اون لاين
د.الصادق محمد سلمان-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

بسم الله الرحمن الرحيم


تدور أحاديث كثيرة في مواقع التواصل الإجتماعي عن الهوية ، وهو مؤشر للوعي بقضية الهوية ، لكن يلاحظ إن تناول البعض إتسم بالتعصب والبعد عن الموضوعية الذي لا نراه يخدم النقاش في هذه القضية الشائكة ، فقد عدنا إلي الوراء لبداية خمسينيات القرن الماضي عندما شهدت الساحة الأدبية جدلا بين فريقين من الشعراء حينها ، فريق مؤيد لعروبة السودانين ، وفريق مؤيد لزونجة السودانين ، ولا نقول لإفريقية السودانين لأن هناك عربا ينتمون لأفريقيا ، وعرفت تلك التجاذبات في الأدبيات الثقافية خاصة الأدب بمدرسة الغابة والصحراء ، الغابة ترمز إلي أفريقيا ، والصحراء ترمز للعروبة رغم أن الأول معيار جغرافي والثاني إثني . وتمدد ذلك الجدل ليشمل الساحة الثقافية والسياسية ثم الأكاديمية . فعندما حصلت البلاد على إستقلالها من الإستعمار البريطاني الذي كان يحكم البلاد ، برز هذان الإتجاهان بقوة ، المؤيدون لإفريقية السودان طالبوا بالإنضمام لمنظمة الكومنولث التي تضم البلاد الأفريقية التي نالت إستقلالها حديثا من بريطانيا ، والمؤيدون للعروبة طالبوا بالإنضمام إلي الجامعة العربية ، وكسب تيار العروبة الجولة وإنضم السودان للجامعة العربية رغم إعتراض أحدى الدول .
ظل صراع الهوية محتدما لدي عدد كبير من السودانين المثقفين والسياسين والأكاديميين وأصبح لكل تيار من التيارين مؤيدوه وأنصاره ، الذين يقفون مع الإنتماء الأفريقي أو العربي ، ثم ظهر إتجاه ثالث تبناه الأكاديميون يقول أن السودانيين خليط من المكون الأفريقي المحلي والمكون العربي الوافد ومكونات أخرى أقل ، من خلال الدراسات والبحوث التي قام بها بعضهم في الثقافة ، وفي التاريخ أو الأنثروبولوجيا والفولكلور والأدب والشعر ، ودعموا ما ذهبوا إليه بالأمثلة الحية على وجود هذا التمازج والإختلاط منذ أمد بعيد ، فالمكونات المحلية لم يكن إختلاطها فقط مع العرب ، أنما مع شعوب أخرى على ساحل المتوسط والجزء الغربي من آسيا ، من خلال العلاقات سواء كانت حربية أو تجارية أو ثقافية أو دينية . وقد وجد هذا الإتجاه قبولا من قسم كبير من السودانيين .
الواقع الماثل وكثير من الحقائق تشير إلي إن السودانيون الموجودون اليوم هم هجين من العناصر المحلية على إختلاف تكوينها الإثني وموقعها الجغرافي مع مكونات أخرى أبرزها المكون العربي ، ويتضح ذلك من عدد من الشواهد ، فمعظم السودانيين من أصحاب البشرة السوداء الذي يتدرج من السمرة الخفيفة ( أصفر ) وهو الوصف الي يصفون به ذوي البشرة الفاتحة ، إلي السواد المطلق ، ( اللون ) هذا ( مكون زنجي ) واللغة العربية يتحدث بها معظم السكان ، مع إحتفاظ المجموعات بلغتها ( اللغة ) (مكون عربي ) وأن المجموعات التي تقول بأن أصلها عربي خالص يمتلك بعضهم ملامح جسدية أفريقية – شكل الأنف والشعر واللون - ( مكون زنجي ) وأن معظم الذين يقولون باصلهم الأفريقي( الزنجي ) تختلف ملامح وجوههم وتقاطيعهم الجسدية عن الزنوج سواء في طول الجسم أو تقاطيع الوجه – الأنف الأفطس والشفاة الغليظة ( مكون وافد عربي أو غيره ) فالمزيج الذي تكون نتيجة لهذا الإختلاط لا يشبه في كثير من تفاصيله لا المكون العربي ولا المكون الزنجي ، شيء جديد مختلف . هذا من الناحية الفيزيقية ( الجسدية ) لكن ما يميز هذا الشعب عن غيره هو السلوك ، الإجتماعي ، فسلوكنا الذي نمارسه لا يشبه سلوك الأفارقة أو العرب في كثير من تفاصيله ، هل يوجد ما يسمى بالواجب ( الكشف ) في مناسبات الأفراح والمأتم عند إي شعب آخر ؟ دعك من الأفارقة والعرب ، هل العلاقات الإجتماعية الموجودة لدي السودانيين وعندما أقول السودانين أقصد كل من يعيشون في الحدود المعروفة للسودان منذ دولة المهدية هل موجودة عند غيرهم ؟ إفطارات الشارع في رمضان – زيارة المرضى وما يوضع تحت المخدة – مرافقة الجيران والمعارف والأقارب للمريض في الحالات الطارئة – واجبات أعضاء الأسرة الممتدة التي تحتم إستضافة أعضاء الأسرة وجيرانهم ( كمان ) لأيام ممتدة إذا حلوا بالمدينة ، و المساهمة في تحمل علاجهم أو تعليم بعضهم ، دفع تذكرة البص للمعارف حتى ولو كانوا عشرة أشخاص ، دفع قيمة الطعام في المطعم للمعارف دون علمهم ، إستقبال ابناء الأقارب الذين يدرسون في المدارس والجامعات أحيانا يصل العدد إلي ثلاثة أو أربعة ، تقديم المساعدة للذي تعرفه والذي لا تعرفه ، الحميمية التي نقابل بها بعضنا بالخارج حتى وإن كنا لا نعرف بعض ، عادات المأتم ، عادات الزواج العزة الكرامة ، ......ألخ إضافة إلي قيم أخرى عامة تشاركنا في بعضها شعوب أخرى .
هذه السلوكيات التي ننفرد بها والتي ننسبها لسودانيتنا هي التي تجعلنا نفتخر بسودانيتنا وعلى هذا الأساس علينا تأخبر الإنتماءات الأخرى سواء كانت عروبية أو إفريقية ، صحيح ان هذه السلوكيات عرضة للتغير بفعل عوامل عديدة كما يحدث الآن ، مما يفرض سؤال هل نعتمد على معايير لتحديد هوينتا على عوامل متغيرة ؟ إن المقصود من جعل عنصر السلوكيات شارة لهويتنا هو أنه يعكس ملامح الشخصية السودانية التي نجدها في كل سوداني أيا كان ، وتفاديا للآراء المتطرفة التي نراها في مواقع التواصل مثل القول ( نحن أفارقة ولا صلة لنا بالعرب أو نحن عرب ولا لنا صلة بالأفارقة ) يقول مدثر عبد الرحيم ، حتى بداية القرن العشرين فإن السودانيون يعرّفون أنفسهم بالقبيلة أو العشيرة ، أوالمنطقة ( الجهوية ) والطرق الصوفية والأخوة الدينية ، وعندما يتعلق الأمر بإنتماء أوسع فإنهم مسلمون أو عرب ولكنهم لم يفكروا في أنفسهم كسودانيين .
فهل نتبنى مفهوم جامع للهوية القومية بتلك المكونات ونترك المكونات الأخرى في إطارها المحلي لتقوم بوظائفها في هذا النطاق .