لكنهما لم يتبادلا المنازل" كانت العبارة الساخرة تضحك على كل مجهودات الرئيس الروسي فلدمير بوتين في إثبات أن روسيا باتت بلداً ديمقراطياً.. تقاعد بوتين ولم يترشح لدورة رئاسية ثالثة في عام ٢٠٠٨.. طلب من صديقه الوفي دميتري ميدفيديف أن ينتظره في مكتب رئيس الدولة لمدة أربع سنوات.. حينما أصبح الرجل القصير رئيساً استعان ببوتين في منصب رئيس الوزراء.. ذات التحية ردها الرئيس بوتين في العام ٢٠١٢ وأعاد تعيين ميدفيديف رئيساً للوزارة.. تم كل ذلك رغم أن الدستور الروسي لم ينص على تحديد ولاية الرئيس بدورتين.. لكن الرئيس بوتين وظله نسيا تبادل المنازل رغم تغيير المواقع. أمس تحدث بعد صمت طويل الأستاذ جمال محمود رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم.. أكد محمود بأن لا مجال لعودة الحرس القديم.. فيما أمس الأول كان الدكتور نافع علي نافع يصرح للزميلة (الرأي العام) أن الرئيس عازم على التنحي.. إلا أن نافع استدرك أن الرأي النهائي بيد مؤسسات الحزب.. عدد من المراقبين من بينهم شخصي الضعيف عد تصريحات نافع بأنها جاءت لتذكير الرئيس بتعهدات سابقة قطعها لزملائه في القيادة قبل إرسالهم إلى التقاعد المبكر.. وفي ذات الوقت لقطع الطريق أمام أية عودة استثنائية للبشير في انتخابات ٢٠٢٠. لا شك أن هنالك حراك عنيف داخل الحزب الحاكم حول مستقبل تداول السلطة سلماً داخل المؤتمر الوطني.. هنالك مجموعات تتحرك عبر واجهات مختلفة لإثبات أن لا بديل للرئيس البشير إلا الرئيس البشير.. كانت الأصوات خافتة في البدء ثم بدأت ترتفع وتأخذ شكل الانتظام.. خطاب هتافي من رجال الإدارة الأهلية في دارفور يطالب بعدم مغادرة البشير.. ثم إعلان مدفوع القيمة معنون بأعيان كسلا يحمل ذات الالتماس.. لكن البارحة دخل الحلبة نقيب الصحفيين شخصياً.. الرزيقي لف واستدار ليثبت أن قرار خلافة البشير ليس أمراً يخص الوطني .. وأن القوات المسلحة لها صوت في هذه المعركة السياسية.. خلاصة قول النقيب الرزيقي أنه ليس هنالك أفضل من البشير لترتيب مرحلة ما بعد ٢٠٢٠م. في تقديري يخطيء الحزب الحاكم حينما يغلق أبواب التنافس حول القيادة بمنطق الإصلاح.. منع الحرس القديم كلمة حق أريد بها باطل.. وذلك لأن الحرس القديم يجب أن يشمل الرئيس البشير ونائبه الأول في الدولة ونائبه في الحزب.. هؤلاء استمروا في الواجهة السياسية لسنوات طويلة .. إذا كان الإصلاح لا يستطيع منع هؤلاء من مواصلة المشوار فمن الأجدى والأقسط ترك الأبواب مفتوحة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. بصراحة.. نحن الآن تحت بصر العالم.. بلدنا تجلس لامتحان ملاحق في السلوك السياسي.. أي محاولة لتجاوز روح الدستور أو نصوصه في تحديد الفترة الرئاسية تصنف دولتنا باعتبارها دولة شمولية.. كل الشموليين تمكنوا من الإقامة الدائمة بتدابير دستورية.. لكن تلك التدابير جعلت من الدستور مجرد قطعة قماش لتلميع واقع بائس.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة