Post: #1
Title: بلا عودة!! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 10-05-2017, 02:09 PM
01:09 PM October, 05 2017 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر كان (يُدير) شقاوتنا بحِنكة إداري مقتدر.. *شقاوة الصِغر.. ونحن نقضي معه إحدى إجازات مدارسنا السنوية.. *ومن ضروب فنونه الإدارية إغراءنا بسمك البلديَّة.. *فكافتيريا بلديَّة عطبرة كانت مشهورة ــ وقتذاك ــ بأشهى أنواع السمك الفِرَايْد.. *ومن أجله كنا نضحِّي بالشقاوة.. والحوامة.. والسينما.. *ولعله ورِث هذه الحنكة الإدارية من والده قبل دراسته لها بجامعة الخرطوم.. *وقبل صقلها بالموهبة.. والمعرفة.. والتجريب.. *فقد كان والده ــ سلمان نصر ــ (شيخ) منطقة الخندَّق.. وشيخ شيوخها الأكابر.. *وعلى خُطاه سار ابنه عبد الرحمن حتى غدا (نجماً) إداريَّاً.. *فهو أحد نجوم العهد المايوي ــ والبلاد ــ في مجال السلكين؛ الإداري والدبلوماسي.. *سواء محافظاً للبحر الأحمر وجنوب دارفور.. أم سفيراً بالقاهرة.. *كما كان مشرفاً إداريَّاً لمنطقة أبيي في مهمة (تخطيطية).. *وقبل ذلك ــ وبعده ــ كان عضواً باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي.. *ورغم كل نجاحاته ــ حيثما وضِع ــ لم يكن مُحِبَّاً للأضواء.. *ما كان يتكلم كثيراً.. ولا يظهر كثيراً.. ولا يتعامل مع الإعلام كثيراً.. *ولكنه (يعمل) كثيراً.. وفي صمتٍ يحفه التواضع.. *وكان مثل غيره من رموز ذلكم العهد؛ عفيف القلب.. واليد.. واللسان.. *وهذه شهادة حق نقولها في حقه ــ وحقهم ــ رغم كرهنا لمايو.. *أو بالأصح؛ رغم موقفنا المبدئي الكاره لكل نظام لم يأتِ عبر صناديق الاقتراع.. *فما من أحد منهم حامت حوله شبهات (الثراء الحرام).. *وكل مال يُوضَع بين أيديهم لمهمةٍ ما يُصرف فيها ــ وعليها ــ إلى آخر مليم.. *أو يُعاد ما تبقَّى منه إلى خزائن الدولة.. بالمليم.. *والمال الذي وضِع تحت تصرفه لمهمة أبيي لم يزغ منه جنيه (جاي وللا جاي).. *وبلغ من شِدَّة (ضبطه) أن انتزع من نميري إعجاباً.. وشهادة.. *آخر مرة عاودته فيها ــ وهو على سرير المرض ــ كان كعادته صامتاً.. وأكثر.. *و(أكثر) هذه إلى حد أن قِيل لي إنه لا يتكلَّم (خالص).. *فكان ردي ــ الذي أعقبته بتحدٍّ ــ إنه صمت المُتأمِّل.. لا صمت المُتألِّم.. *وتمثل التحدي في سؤال بالنوبية: (أترطن) أنت؟.. *فأجاب من فوره بنوبية تتكسر كأمواج على ضفاف المرض (نعم أرطن بالأنداندي).. *ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة تجاوبت معها ضحكات الحاضرين.. *ولكن؛ الضاحكون أولئك ترتسم على وجوههم إمارات الحزن الآن.. *فقد غيَّب الموت أحد أفذاذ (فن) الإدارة في السودان.. *ولحظة خروج النعش تصيح أرملته (نبوية) صيحة توقَّفت عندها ــ ومعها ــ كثيراً.. *توقَّفت وقفة المُتأمِّل ــ مع الصمت ــ كما كان يفعل زوجها.. *صاحت ابنة خالي العمدة حسن محمود (يعني خلاص خروج بلا عودة؟!). *فالذي خرج بلا عودة كثير.. كثير!!
assayha
|
|