ألف حمار في الردوم..!! بقلم عبدالباقي الظافر

ألف حمار في الردوم..!! بقلم عبدالباقي الظافر


09-29-2017, 04:16 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1506698162&rn=1


Post: #1
Title: ألف حمار في الردوم..!! بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 09-29-2017, 04:16 PM
Parent: #0

03:16 PM September, 29 2017

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


قبل سنوات قليلة انقسم الناس في كولمبيا بعد قرار الإفراج عن البوب.. البعض يعتقد أن جون جايرو الشهير بالبوب والذي قتل ثلاثمائة من الأنفس يستحق أن يبقى في السجن على الأقل حتى يكمل عقوبة الثلاثين عاماً.. لكن آخرين كانوا يَرَوْن أن اثنين وعشرين سنة كافية لإجراء حزمة مراجعات تكفي لفتح صفحة جديدة.. هنالك مجموعة كانت تنظر إلى شهادة البوب بحق ألبرت سنتافيمو وزير العدل الأسبق الذي حدثته نفسه بالمنافسة على انتخابات الرئاسة في ١٩٩٠.. لكن البوب أعاد القضية إلى الأضواء حينما أقر أن الوزير استعان بمافيا المخدرات للتخلص من أبرز خصومه في تلك المنافسة.
انشغل السودانيون قبل أيام بخبر تجريدة الشرطة التي استهدفت دك مزارع المخدرات في منطقة الردوم بجنوب دارفور.. وحسب تقارير صحفية أن الشرطة بعثت إلى هناك بألفي جندي وخمس طائرات وألف من الحمير تسبقها اثنان وأربعون من الكلاب البوليسية المدربة.. الحملة أتت أكلها وتمكنت من اعتقال ثلاثة من القناصة وإصابة رابع .. فيما فر بعض المزارعين إلى الغابات الكثيفة المتاخمة لجنوب السودان.
لعل مصدر الاهتمام الذي ولّد السخرية كان في استعانة الشرطة بألف من الحمير في وجود طائرات بدون طيار في ذات الحملة.. لكن الحقيقة أن الشرطة كانت مضطرة لاستخدام الوسائل البدائية هذه بسبب طبيعة المنطقة.. الردوم يا سادة محمية طبيعية تقع في ولاية جنوب دارفور في الحدود المتاخمة لجنوب السودان وإفريقيا الوسطى.. خمسة أشهر كاملة تعيش في عزلة إجبارية بسبب عدم وجود طرق معبدة.. في أشهر العزلة يُزرع ويُحصد ويُباع القنب الهندي المعروف في الأوساط الشعبية بـ(البنقو).
لكن تلك بعض من الحقيقة.. هذه المنطقة، ونتيجة لهذه الظروف الانعزالية باتت قصة من التاريخ.. قرى عديدة يسكنها من أصيبوا بعمى الأنهار.. الحشرات الضارة تسبب الأذى الجسيم للإنسان والحيوان الأليف.. لهذا ينتشر مرض الجذام.. السؤال عن المدارس ودور العبادة محرج للغاية.. استغل تجار المخدرات هذه الظروف وأنشأوا أسواقاً ضخمة يتم فيها استغلال السكان المحليين ومزارعهم.. تحت الإهمال والعزلة ازدهرت زراعة المخدرات.
بالطبع الحكومة كانت تعلم هذه الظروف اللاإنسانية التي تعيش فيها منطقة الردوم.. عطفاً على ذلك الوضع المأساوي تم إنشاء مفوضية تنمية الردوم خلال عهد المهندس الحاج عطا المنان في ولاية جنوب دارفور.. قبل أن تثمر المفوضية وتؤتي أكلها تم حلها.. لو تم ربط هذه المنطقة بطرق معبدة تعيد وصلها بباقي الوطن لانهارت هذه التجارة ولما احتجنا لألف حمار.. انتشار الضوء كفيل بطرد (الوطاويط) التي تفضل الأجواء المظلمة.
بصراحة.. لو كنتُ في مكان الحكومة لجعلتُ الردوم واحدة من محطات الرئيس في زيارته الأخيرة لدارفور.. لكن رجال الحكومة يُخطِئون العنوان الصحيح في كثير من الأحوال.. زيارة رئاسية يُعلن من خلالها مشروع مارشال سوداني لتنمية هذه البقعة .. الردوم لا ينقصها الكثير لتكون محمية سياحية تجذب أفئدة السياح من كل فج عميق.. فيها غابات خضراء وأمطار كثيفة وحيوانات برية وإنسان طيب مضياف.. رغم ذلك جعلناها مكاناً للسخرية وشيل الحال.


assayha