هارون وبسمة بقلم خلود دفع الله الحسن

هارون وبسمة بقلم خلود دفع الله الحسن


09-14-2017, 08:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1505419850&rn=3


Post: #1
Title: هارون وبسمة بقلم خلود دفع الله الحسن
Author: خلود دفع الله الحسن
Date: 09-14-2017, 08:10 PM
Parent: #0

08:10 PM September, 14 2017

سودانيز اون لاين
خلود دفع الله الحسن-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر



ــــ أحببتك أيها الأبنوسي في دارفور, وفي جبال النوبة, وجبال الأنقسنا,
أحببتك لأنك مني.
لأنك تمشي على ذات التراب, وتستنشق ذات الهواء الذي أستنشق

لأنك ارتويت من ذات النهر الذي يسقيني.
لأن الشمس تمنحنا الدفء معًا.
لأنك أخي.
سأحيا من أجلك, وأعلم أنك ستفعل مثلما أفعل
سأروي الحكاية كما هي لتسمعها الآفاق.

الأمة القتيلة:

يطلبون العزاء حين يرحل أحدهم, ولا يطلبونه حين يموتون جميعًا.
يصنعون جراحًا لم يصنعها القدر.
يشعلون حروبًا بلا أعداء.
يقفون على أرصفة الشوارع متفاخرين بأصلٍ مكذوب.
ينسجون في كل يوم أرديةً من الغضب ثم يكسون بها إخوانهم, ويستأثرون بأردية الحرير.
يكتبون لنا في كل مرة حكاياتٍ من الألم, وعلينا أن نقرأها:

هارون وبسمة:

حكاية هارون وبسمة, حكايةٌ تتكرر في بلادنا مرةً كل عام, أو كل شهر, أو كل
يوم.

بسمة فتاة حسناء ذات قوامٍ متوسط, وشعرٍ ناعم, ولونٍ قمحي, ووجهٍ مشرق جميل
القسمات, تحمل قلبًا مفتوحًا وروحًا بريئة.

هارون شابٌ طويل القامة, يبدو قويًا مفتول العضلات, أبنوسي اللون والسحنة.
يحمل قلبًا كبيرًا تغمره الآمال.
جمعت بينهما قاعات الجامعة وباحاتها وساعات العمل الطوعي الذي تشاركا
فيه مع عشرات الزملاء.
تبادلا دفاتر المحاضرات أحيانًا, ومنشورات الدعوة للأنشطة الاجتماعية.
بسمة رأت هارون في أصعب المواقف شجاعًا لا يتراجع عن كلمة حق, وهو يتعرض
لملاحقة الجهات التي ترفض أو تعيق عمله الطوعي الذي كان دائمًا ما يتصّدره.
كما كانت كثيرًا ما تستعين به في شرح إحدى المواد التي قد تستعصي عليها
فقد كان معروفًا بين زملاء الدفعة بذكائه وتفّوقه الأكاديمي.

لم تكن تسمع عنه من زملائه سوى قصص المواقف الرجولية, فهذا يحكي عن وقوفه
معه أيام إصابته بالملاريا في الداخلية, وهذا يتحدث عن مروره بأزمة مالية كادت تحرمه من الجلوس للامتحان لولا تدخل هارون الذي أسرع ببيع هاتفه الذي أهداه إياه أحد الأقارب ليدفع بالمبلغ لزميله, وهذه تحكي عن يوم المظاهرة المشهود, حين اقتحم رجال الأمن الحرم الجامعي, فوقف هارون وعدد من الشبان لمساعدة الطالبات على الهروب بأمان.
ورويدًا رويدًا بدأت علاقة الزمالة تتصاعد لتتحول إلى ما هو أكبر.
كانت بسمة بابتسامتها الساحرة ولطفها وسلوكها المهذب تستميل الكثير من طلاب الدفعة, وهارون كان من بينهم, لكنه لم يجرؤ حتى على التفكير مع نفسه مليًا في هذا الأمر فهو يعلم أن بسمة لن تكون يومًا حلمًا مشروعًا له ليس لشيء سوى سحنته الإفريقية.
أما هي فلم تستطع إخفاء إعجابها به دون غيره من الزملاء فقد كان تمييزُها إياه واضحًا؛ حيث كانت تسأل عنه حال غيابه وتبدي قلقها حال علمها بإصابته بمرض, وتهتم بتجهيز المواد له حال تأّخُر عودته إلى الجامعة بعد إحدى العُطَل.
تمضي الأعوام وتتخرج الدفعة, ويبقى التواصل مستمرًا بين الشابين المتحابين في حياء.
حصل هارون على وظيفة مرموقة بشهادته من كلية الهندسة في دولة مجاورة, فسافر إلى هناك, وبقيت في نفسه ابتسامة بسمة, ومشاعرها المرهفة.
أما هي فبقيت حبيسة البيت وفي كل يوم يفاجئها والداها بتقّدم أحد اشُّبان من أبناء العائلة, أو من أبناء الجيران, لكن أحدًا منهم لم يكن يحظى بشيء من المشاعر في نفسها.
كانت سرعان ما يقف أمامها طيف هارون, فتسأله عن حاله ويسألها, تطلب منه النجدة بأن يأخذها ويسافر بها بعيدًا, لكنها تنتبه فلا تجد حولها سوى والدها الذي يتوّعدها بتزويجها عنوةً من ابن ذلك المسؤول اللذي قّدم له
عرضًا مغريًا, أو تجد نفسها محاطةً بسيل من الواجبات المنزلية المملة.تدخل في دوامةٍ من الكآبة والدموع والشعور بالضياع, فتهرع إلى أحد الدفاتر الجامعية, كان قد وضع هارون بأنامله بعض الرسوم الهندسية عليه محاولاً شرحها لبسمة إباان الامتحانات الأخيرة.
لا شيء يعدل تلك اللحظات التي تلامس فيها تلك الرسوم الهارونية عينا بسمة, وكأنها تنظر إلى لوحة اللموناليزا أو إحدى آيات الرسم التي خّلدها دافينشي.
هارون صار قادرًا على تحّمل الأعباء المالية لأسرته, فهو اليوم يمدها بحاجتها من المال دون عناء.
أما والدته فلم يعُد يؤرقها شيء سوى أمنيتها بأن تكتحل عينها برؤية عروسه التي عجزت عن اختيارها حتى الآن, فكلما أشارت إليه بإحدى بنات العائلة أو القرية صمت هارون ولاحت له صورة بسمة وتهادى إلى مسمعه صوتها تناديه بنبرتها الحنونة: هارون.
حينها لا يجيب أمه الحالمة إلا بأن يقول: لالا, الموضوع دا هسه خليه يا أمي.

ذات خريف, عاد هارون إلى السودان لرؤية االأسرة وقضاء عطلةٍ قصيرة, لم يتمكن من ضبط أشواقه فطلب من بسمة عبر الهاتف أن يلتقيهها في مكانٍ تستطيع الذهاب إليه دون عناء, فلم تجد بسمة مكانًا أيسر من متجرٍ كبير في الحي يرتاده الكثيرون لشراء مستلزمات الغذاء والأواني المنزلية.
طلبت من والدتها أن تقوم هي بالذهاب إلى المتجر وشراء مستلزمات المنزل بحجة شعورها بالملل الشديد ورغبتها في الخروج من المنزل, وعلى وقع الإلحاح وافقت الأم شريطة أن تذهب بسمة نهارًا.

خرجت وهي لا تكاد تقوى على إخفاء ما انتابها من فرح, والضحكات تتفلت من شفتيها بين الفينة والأخرى, استقّلت رقشا من أمام المنزل حتى وصلت إلى المتجر, وبدأت بشراء المواد التموينية التي قامت بتسجيلها على ورقة خشية النسيان.
كلما قامت بشراء سلعة وضعتها على حاملة البضائع الصغيرة المتنقلة, والتفتت تبحث عن هارون, وفجأةً لاح الشاب الأبنوسي من بعيد وسط زحامٍ من الزبائن.
وقبل أن تتحرك باتجاهه أشار إليها وطلب منها التوّقف واقترب بأدب, تبادلا السلام والسؤال والأشواق,و عند حاملة البضائع التي تحمل مشتريات بسمة, وقفا يتذاكرا أيام الجامعة, بحلوها ومرها وشقاوة الزملاء, والمشاكسات التي كثيرًا ما كانت تبعث الغيظ في نفوس رجال الأمن.

وفجءةً وبدون تفكير انطلق السؤال من هارون باتجاهها هل تقبليني زوجًا يا بسمة؟

ــ دقيقة من الصمت والارتجاف, ثم نظرة تكاد تحمل أسفارًا من الإجابات: نعم, كيف لا أقبل, لقد كنتَ معي طوال تلك السنوات, لم يفارقني طيفك, لا اأرى سعادتي إلا معك.
لكنها واقعًا لم تزد على أن طلبت منه زيارة والدها في المنزل والتقّدم بشكلٍ رسمي.

ودعته بعدها وحملت مشترياتها وعادت وهي تسأل نفسها, هل كان جوابي صحيحًا,
هل كان علي أن أطلب منه زيارة والدي وأنا أعلم أنه لن يقبل هارون بمجرد النظرة الأولى دون أن يعرف شيئًا عن خُلُقه الرفيع.

هو يعلم أن من الصعب أن تقبل أسرة بسمة بتزويجها إياه, ويعلم أيضًا أن أسرته لن تكون سعيدة بخروج شاب كهارون من العائلة والقرية ليتزوج بإحدى بنات الخرطوم, فقبيلته أيضًا ترى أنها أفضل القبائل, وأن أبناءها ثروة ثمينة لا يجوز إهدارها.
سيلٌ من الأفكار والتصورات والأوجاع لم تفارق أحدهما خلال تلك الليلة, لكن القرار الصعب كان ذلك الذي اتخذه هارون بالوقوف أمام والد بسمة وتقديم نفسه كشاب محترم ومتعلم لا يقل قدرًا أو هيبةً عن بقية الشّبان.
الأيام تمر سريعًا وتوشك العطلة أن تنقضي ولم تحِن ساعة الصفر لدى هارون بعد.
لا بد من المواجهة إذًا, ولتكن المواجهة اليوم في تمام السابعة مساءًا.
يتأهب هارون بكامل أناقته ويتسلح بشجاعته المعهودة, ويخرج من المنزل مرتديًا قميصه الأبيض الجديد الذي رفض أن يرتديه إلا ليومٍ كهذا.
يعرف هارون طريقه إلى بيت أسرة بسمة, فقد سبق وأن سجل لها زيارةً في أيام الدراسة في جمعٍ من الزملاء والزميلات حين تعّرضت لحادث مروري أصيبت على إثره ببعض الرضوض الطفيفة.
هذا الشارع بالتحديد عُرف بمبانيه الفخمة, فمعظم سكانه من المسؤولين الحكوميين المتنفذين ورجال الأعمال الميسورين, أو العائدين من الغربة, الذين تمكنوا من تشييد منازل بتلك الفخامة.
لا يهُم, فبعد سنوات ربما أستطيع تشييد منزلٍ كهذه الواقفة هنا.
لكنه تردد قليلاً بعد وصوله إلى الشارع فكل البيوت يشبه بعضها بعضًا.
اتصل حينها ببسمة, فوصفت له البيت بالتحديد, ثم انهمكت في شرح مادة الرياضيات لأخيها الأصغر مصطفى, كحيلةٍ لتبدو بعيدةً عن صورة ما يجري.
كان المنزل مهيئًا لاستقبال أي ضيف, فمارتا عاملة النظافة الإثيوبية تعمل ليل نهار ليبدو المنزل في أبهى صورة.
يرن جرس الباب, فيخفق قلب بسمة لكنها تلتزم الهدوء كما لم تكن من قبل.
تذهب مارتا لفتح الباب وإدخال الضيف, ثم تعود وهي تنادي: بابا بابا. لتتأكد بسمة من أن القادم هو هارون لا غير.
كعادته الأب مضوي يستقبل كل من يدخل داره بطيب نفس.
تسمعه بسمة يستقبل ويرّحب, ثم يتضاءل الصوت ليبدو وقد وصل إلى صالون الضيافة.
تأتي مارتا وهي تحمل في صينية التقديم كأسًا من البيبسي وتتجه به نحو الصالون, وحال عودتها تسألها بسمة همسًا: بابا معاه منو.
تجيب مارتا: راجل طويل.
تتأكد بسمة أكثر, لتختلط في نفسها مشاعر التوتر والقلق بشعور الراحة والطمأنينة بوجود هارون في منزلهم ولو مؤقتًا على الأقل.

هارون وقد انتابه الخجل لأول مرة وبصوت متقطع: الحقيقة يا عمو أنا اسمي هارون محمد شريف, وأنا كنت زميل لبنتكم بسمة في الجامعة.
ــ مضوي في صرامة: أهلاً وسهلاً يا ابني.
ــ هارون: والله بصراحة يا عمو أنا طالب القرب منكم بعد ما عرفت بسمة في الجامعة بخلقها الرفيع وأدبها, وأنا شغال مهندس في كمبالة, ووضعي مرتاح الحمد لله.
ــ مضوي بابتسامة ماكرة: انت يا ابني عرضتَ عليها الكلام دا؟
ــ هارون متلعثمًا: الحقيقة يا عمو يعني, أنا, أنا, يعني لّوحت ليها لكن ما عرضته عليها مباشرةً.
ــ مضوي: على كل حال الراي رايها, وهي صاحبة القرار, أنا حاشاورها وأديك خبر.
مضوي: لكن يا ابني انت ما قلت لي, انت قبيلتك شنو؟
ــ هارون وكأنه ينازع أنفاسه الأخيرة: الحقيقة نحنا من قبيلة المساليت.
مضوي: ههههههههه تشرفنا يا ابني, نحنا جعليين طبعًا.
ــ هارون: تشرفنا يا عمو.
ــ مضوي: خلاص يا ابني نحنا زي ما قلت ليك, نشاور البت ونديك خبر.
ــ هارون ينهض من الكرسي ويستعد للخروج: تمام, حانتظر ردكم يا عمو, ان شاء الله ربنا يقّرب الخيرـ.
ــ مضوي: إن شاء الله.
يذهب هارون بعيدًا وينغلق الباب وتسمع بسمة نداءًا حارًا باسمها من الصالون.
تهرول وإذا به الأب مضوي وقد استشاط غضبًا, سيل من الإساءات لهارون وسحنته وموج من الأسئلة لبسمة: انتي كنتي عارفاه دايرك؟ ليه ما حسمتيه من زمان,؟ لو شافه زول طالع من بيتنا يقول علينا شنو,؟
انتي غبية, أيوة غبية, كيف تفكري في حاجة زي دي,؟
بسمة بجرءة لم يعهدها الأب مضوي من قبل: يا بابا هارون زول كويس, وعلى خُلُق, وحتى وضعه المادي كويس, وهو ما خلق نفسه عشان ترفضه بسبب لونه.
ــ يا بابا البتعملوه دا حرام. ــ يا بابا ربنا قال: إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
يا بابا نحنا مسلمين وربنا قال: إنا خلقناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا.
مضوي وقد تسلل الهدوء إلى نفسه: يا بنتي أنا عارف الكلام دا كله, أنا عارف إنه ممكن يكون زول كويس, وإنه مافي زول اختار لونه, بس نحنا وسط مجتمع حايقولوا علينا شنو.
نحنا لازم نلتزم بتقاليد مجتمعنا حتى لو كنا عارفين إنها ما صاح.
حينها تصطدم بسمة بعقلية الأب الطبيب الذي كانت تراه قدوةً حسنة, وكثيرًا ما كان يحدثها عن الحقوق والحريات, وعن فكره التقدمي.
أخيرًا: حانقول ليه انتي ما موافقة, لأنه قلنا ليه إنه الراي رايك.
وتاني ما ترتكبي خطأ زي دا وخليك عارفة أنا ما بديكِ ليزول ما ود عرب.

لم تكره بسمة في تلك اللحظة شيئًا ككرهها للفظة ود عرب التي تتردد كثيرًا في وسط أسرتها لدى الحديث عن أي شخص يتم اختياره للتعامل معه حتى على صعيد التعاملات البسيطة, وكأن غير العرب ليسو من البشر.

ودون وعي, تسرع بسمة نحو دفترها ذي الرسوم الهارونية لتكتب:
لا يلوح في الخاطر شيء سوى الوجع.
كل شيءٍ في مجتمعنا قابلٌ للوأد حتى العواطف والمشاعر, وكرامة الإنسان, إلا تلك التقاليد البائسة.
يعّضون عليها كما يعّض الكلب العقور على فريسته, لتتحول أجيالٌ من البشر إلى فريسةٍ لثوابت لا مصدر لها سوى الجهل.

ماذا يكون لو أنهم منحوه فرصةً واحدة ليثبت أنه أشرفهم حسبًا, وأحسنهم خُلُقًا, وأجدرهم بالفخر.
سيخبرونك كذبًا أنني لا أرغب بك فلا تصدقهم,
هم لا يعلمون أنهم حين يغّيبونك يطفئونني كما يطفئون سُرُج الليل.
يحرقون زهرةً أمضوا شبابهم في سقايتها,
يزهقون روحين لا تكتمل حياة إحداهما دون الأخرى.
أعلم أنه ستتسابق عليك نساء القبيلة يا هارون, فهنيئًا لهن بفارسي وعشقي.
هنيئًا لهن بحلمي الذي لن أنال.
سأوّدعني قبل أن أودعك.
انغلقت تلك الصفحة من دفتر الرسوم الهارونية لتنفتح صفحة الرسوم التي بللتها الدموع وما هي إلا برهة حتى طُرق على بسمة باب حجرتها التي لم تعُد تراها أكثر من قبر,
تلتفت لترى الأب مضوي وهو يربت على كتفها, ويعدها بأن يقيم لها عُرسًا أسطوريًا على ابن صديقه هشام.
ذلك الهشام الذي رأته بسمة في إحدى مناسبات الحي وهو يتمايل في مشيته غرورًا, ومنذ تلك اللحظة لم تحترمه يومًا.
هذا هو القدر القادم, الذي لا يجوز رفضه أو مناقشته, فهذا هو خيار الأب الذي يبحث عن صورةٍ اجتماعية مشّرِفة.
أما الرد الذي انتظره هارون من الأب فكان اتصالاً هاتفيًا لدعوته لحضور زواج زميلته بسمة من هشام, ذي البشرة البيضاء, الذي يدعي والده أنه ينحدر من أصولٍ تركية.

جلس هارون يتجرع مرارة ذلك الاتصال, وهو يقّلب أوراق السفر, وهو يتصبب عرقًا غادره الوعي, فأمسك بإحدى أوراقه الثبوتية وكتب على طرفها:
ليست سوى أيام ويسير الركب نحو كمبالا, المدينة التي لا تفّرق بين سكانها الأعراق.
أما الأحلام فعليها أن لا تغادر الواقع وإن كان قاسيًا.
وفجأةً تنّبه لخطورة ما فعل, ومن شدة قسوة الجرح لم يُلقِ الكثير من الاهتمام لما فعل.
ولدى وصوله إلى كمبالا تعّجب ضابط الجوازات من الكلام المكتوب باللغة العربية غير المفهوم الذي كُتب عليه, فسأله عن ذلك, فلم يكُن من هارون إلا أن قرأ له العبارة كما هي وترجمها له بالإنجليزية.
سأله الضابط عن سبب كتابته لذلك فروى له القصة.
وصار جواز هارون قصةً تُروى بين الضباط في كمبالا, ومنهم ليصبح حديثًا متداوَلاً في أروقة مطارات العالم.
لم تكن تلك العبارة وصمةً على جواز هارون, لكنها صارت وصمة عار في جبين مجتمعٍ يُنكر أصله ويتعالى بعضه على بعض بغير وجه حق.


خلود دفع الله الحسن.


Post: #2
Title: Re: هارون وبسمة بقلم خلود دفع الله الحسن
Author: Salih Yousef Abugour
Date: 09-14-2017, 09:01 PM
Parent: #1

خلود دفع الله الحسن it remined me a discussion I had a couple of days ago with an English family friend of us about Sudan during the British colonial times and what happening right now. we talked about the crises of identity and social dilemas in Sudan. it was quiet shocking for them when i was speaking about ethnic and cultural conflict in Sudan. so, with your story, you just confirmed what i was telling them. its very brave and humane that you dare to raise such senstive matter. God bless you and hope things will change to better overthere. Salaam, I have just finished reading your story as i read sudaneseonline some time looking for any news, good or bad about Sudan

Post: #3
Title: Re: هارون وبسمة بقلم خلود دفع الله الحسن
Author: خلود
Date: 09-15-2017, 01:21 PM
Parent: #2

hello brother Salih Yousef Abugour.

thank you very much for your comment,
I think that you can help in translating the story to english and republish it in the internet.
it is one of the efforts on the road of treatment the issue,that when we want to treat some problem, we have to admit its existence.

best wishes for you.