Post: #1
Title: الجاسوسة !! بقلم صلاح الدين عووضة
Author: صلاح الدين عووضة
Date: 08-30-2017, 02:16 PM
01:16 PM August, 30 2017 سودانيز اون لاين صلاح الدين عووضة-الخرطوم-السودان مكتبتى رابط مختصر *خرجت أطباق الثريد عقب صلاة العشاء كالعادة.. *ولكن كالعادة من غير لحم...منذ أن أُخذت البلاد بالبأساء والضراء.. *ولا أحد يسأل: وأين لحم هذا المرق ؟...فهو هناك بالداخل.. *داخل بيت الحاكم الذي لم يترك (عادة) أكله حتى في تلكم الظروف.. *أو في أحلك الظرف، حين يُؤخذ الناس بالسنين ونقص الثمرات.. *وأما الذين أُخرج لهم الثريد فهم أفراد الحراسة الخاصة.. *ويُطلق على كل واحد منهم لقب (ملازم)...لأنه يلزم دار الحاكم ولا يفارقها.. *وأحد الملازمين هؤلاء كان ذا عينين زرقاوين...وبشرة بيضاء.. *فقد أذله الحاكم بهذه الوظيفة رغم علو مكانته العسكرية- والسياسية- في السابقة.. *بيد أنه استثناه من المبيت أمام الباب كبقية الملازمين.. *وخصص له - مشكوراً- داراً...وأثاثاً...وخدماً...و(رفيقة) اختارها له غصبا.. *وكانت أرملة مصرية...سماها الناس (فاطمة البيضاء).. *أهداها له بعد أن قضى منها وطرا...وكلفها بمهمة التجسس عليه.. *كان يوجس منه خيفة....ويشك دوماً في ولائه له.. *وفي تلك الليلة لم يأذن له بالانصراف في مثل ذلكم الوقت...كالعادة.. *أي عقب الفراغ من صلاة العشاء...وطعام العشاء.. *فقد طال زمن اجتماعه بالداخل...وزمن يقظة الملازمين بالخارج.. *وكان اجتماع الداخل يناقش قضية الساعة...رسمياً.. *وتسامر الخارج يناقش القضية ذاتها...شعبياً.. *وقضى الأول بفرض المزيد من الرسوم...والضرائب...والإتاوات...على الناس.. *واكتفى الثاني بتحميل الناس أسباب الأزمة...جراء (أفعالهم).. *ولم يدهش الملازم لكلام زملائه الملازمين.. *فجلهم - تقريباً- ينتسبون إلى الحاكم ؛ قبلياً...وسياسياً...و(مالياً).. *وقبيل منتصف الليل انفض الاجتماع...وخرج المجتمعون.. *وأُذن للملازم بالانصراف...فقام مسرعاً نحو داره وهو يقاوم النعاس.. *داره التي أضحت اليوم جزءاً من دار الحزب العتيق.. *وكان السكون يخيم على المدينة إلا من أنين الجوع.....هنا وهناك.. *حتى الكلاب كانت تئن من الجوع...عوضاً عن النباح.. *وقرب المكان الذي بات اليوم ملعباً رياضياً عريقاً شاهد منظراً غريباً.. *شاهد- على ضوء القمر- كتلة دهماء تضطرب.. *فلما اقترب منها رأى نسوة ينحنين فوق (شيء)...وشعورهن منسدلة على وجوههن.. *ولم يكن ذاك الشيء سوى جحش مسكين يحتضر من الجوع.. *والنسوة ينهشن لحمه - بوحشية - من شدة الجوع.. *وعندما دلف إلى منزله - مكتئباً - لم يجد فاطمة (البيضاء)...رغم تأخر الوقت.. *وبعد ساعة دخلت وهي تتحجج بزيارة أمها التي طردها.. *قالت إنها ذهبت إليها بطعام...وانتظرت حتى تهدأ حركة (الرجال) في الشارع.. *وصدقها؛ لولا إنه افتقد وريقة سرية...أتاه بها زائر سري.. *وكانت الجاسوسة سبباً في تعجيله بهروبه السري قبل تعاظم مخاوف الحاكم.. *ولكن بعد أن استغلها هي نفسها كعميل مزدوج !!!
assayha
|
|