نحن نعتذر يا جَدِّي.. بقلم عبدالباقي الظافر

نحن نعتذر يا جَدِّي.. بقلم عبدالباقي الظافر


08-29-2017, 02:40 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1504014012&rn=0


Post: #1
Title: نحن نعتذر يا جَدِّي.. بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 08-29-2017, 02:40 PM

01:40 PM August, 29 2017

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



كأنما كانت السماء تشاركنا الأحزان؛ ونحن نقف على أنقاض قُبَّة جَدِّي العارف بالله الشيخ إسماعيل الولي بحاضرة كردفان.. رذاذ من المطر يتساقط على الأرض الرملية.. كهل يخرج من المسجد، ثم ينتحب بكاءً حاراً.. الشيخ الفاتح بن الشيخ البرعي يتحرك من مسيده بالزريبة ليقف على تفاصيل مشروع إعادة بناء قُبَّة الشيخ إسماعيل الولي التي انهارت بعد أن ظلَّت شامخة مائة وخمس عشرة من السنوات.
التاريخ ليس فقط في التاريخ الضارب لهذه القُبَّة.. قبل أكثر من مئتي سنة اتخذ الشيخ عبدالله أحد أعيان قبيلة البديرية قرار الهجرة من مسقط رأسه بقرية منصوركتي عند منحنى النيل إلى بادية كردفان في الغرب الأدنى.. لم يكن قراراً سهلاً.. لكن حَمَلة الرسائل ينظرون إلى ما وراء الحُجُب.. في عمق الأُبيِّض؛ وفي العام ١٧٩٢م ولد السيد إسماعيل صاحب القُبَّة.. الصبي يحفظ القرآن عند الثامنة.. ثم يتواصل جهده ليؤلف نحو ستاً وسبعين كتاباً في مختلف المعارف الفقهية والفكرية.
قبل أيام؛ كانت هنالك أخبار تفيد أن بيت الخليفة بأم درمان يحتضر بسبب الأمطار والاهمال.. جزء من تاريخنا سيكون في خبر كان إن لم تتحرك الجهات المختصة وغيرها بالسرعة اللازمة. قبل سنوات أدخلت الحكومة يدها في القصر الجمهوري، وأعادت تحديثه بصورة لم تهتم بأثرية المبنى الذي يمثل جزءاً من تاريخنا.. ضاع الباب الخشبي التاريخي، وعلى انقاضه أُقيمت مصاعد كهربائية.. حتى القصر الصيني الجديد ما كان له أن يُقام في ذات المكان الذي من المفترض أن يتحول الى متحف، يعكس بعضاً من تاريخنا.. كل زائر أوروبي سيكون مهتماً برؤية المكان الذي انتهت فيه أسطورة الجنرال غردون، حامي الأمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس.
واحدة من مشكلات بلدنا؛ أنها تتعامل مع التاريخ باعتباره مسؤولية الأحفاد.. الآن السياحة باتت تُصنع صناعة.. كل بلد تبحث في التاريخ عمَّا يجعلها تتباهى وتتفاخر.. في السودان ما تزال قُبَّة الإمام المهدي بعضاً من الشأن الخاص بالأسرة الصغيرة.. بيت الأزهري لا يمكن الوصول إليه إلا بإذن من قاطنيه.. حتى نادي الخريجين بأم درمان بعد تقسيم الميراث، بات بعضاً من أصول حزب سياسي صغير.
في تقديري؛ مطلوب من الدولة عبر تشريع عادل أن تضع يدها على كل الموروث التاريخي للسودانيين.. الإنصاف يقتضي أن يكون التاريخ متاحاً لكل المواطنين.. لكن هذا لا يعني ظلم الوراث، بل اغراءهم بالتعويض المجزي، الذي يشمل القيمة التاريخية للمبنى.. سيكون مبهراً أن يتحول منزل الأزهري إلى متحف يجمع كل مغتنيات الزعيم.. حتى منزل جعفر نميري بود نوباوي سيكتسب مكانة تاريخية بعد سنوات. لهذا يجب ألا يترك البيت ليتفرق دمه بين الورثة.
بصراحة؛ مطلوب مبادرة من الوالي أحمد هارون والي شمال كردفان أن يصنع من قُبَّة الشيخ إسماعيل الولي الجديدة معلماً سياحياً بكردفان.. البداية تؤسس على أن هذا التاريخ هو ملك لجميع السودانيين.




assayha