على مصر أن تتحسَّس جيبها.. بقلم عبدالباقي الظافر

على مصر أن تتحسَّس جيبها.. بقلم عبدالباقي الظافر


08-28-2017, 02:10 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=7&msg=1503925809&rn=0


Post: #1
Title: على مصر أن تتحسَّس جيبها.. بقلم عبدالباقي الظافر
Author: عبدالباقي الظافر
Date: 08-28-2017, 02:10 PM

01:10 PM August, 28 2017

سودانيز اون لاين
عبدالباقي الظافر-الخرطوم-السودان
مكتبتى
رابط مختصر


يبدو الموقف أقرب إلى الدراما.. سائق البص المصري ينظر إلى ساعة يده ثم ببعض الفهلوة يخاطب مواطن سوداني "بص حضرتك عشر دقايق والبص الجديد ح يصلك عندك".. بذات المنوال أفرغت أربع بصات حمولتها عند أسوان رغم أن المحطة النهائية في التذكرة تتحدث عن سوق العتبة في القاهرة.. بعد ثلاث ليالٍ على المحنة والنوم على قارعة الطريق يصل الخبر قنصلية السودان في أسوان.. القنصل ابن الناس يوفر أربع بصات بديلة.. ثم بعد ذلك تحتج بعثتنا الدبلوماسية في القاهرة بلغة ناعمة لوزير التعاون الدولي في مصر.
من ناحية ثانية يروى الزميل جمال عنقرة على لسان رئيس الجالية السودانية بمصر عن مئات القصص الحزينة.. مواطنون سودانيون دخلوا المحابس المصرية بعد أن ظلوا لسنوات يظنون (اننا اخوات).. لم يهتم هؤلاء لخطوط الطول والعرض الجديدة التي رسمتها السلطة القابضة في مصر.. باتت إقامة السوداني في مصر دون إذن الحكومة جريمة تفضي بصاحبها إلى جوف السجون.. من قبل لم يكن دخول السودانيين لمصر يحتاج سوى بطاقة.. حينما تأزمت الاوضاع باتت التأشيرة في المطار.. لكن الآن الوصول إلى مصر يحتاج إلى إجراءات من بينها الواسطة القوية.
قبل عامين سرد لي محامٍ شاب دراما سوداء عن رحلته إلى الشقيقة مصر رفقة والدته.. نزل المحامي الأسمر صاحب اللحية الأنيقة يبحث عن روشتة علاج في شارع رئيس.. ودون مقدمات وقفت بجانبه سيارة مرسيدس سوداء مظللة الأرداف.. بعد قليل يجد الأستاذ نفسه محاطاً بالأسئلة الصعبة ذات الصبغة السياسية.. ثم تفتيش المحفظة.. من ظن أنهم من الأمن السياسي كانوا مجرد لصوص استثمروا مناخ الارتياب الرسمي في السودانيين.. جماعة المرسيدس لم يتركوا دولاراً واحداً في محفظة المحامي الذي لن يزور مصر مجدداً.
يزور الخرطوم هذه الأيام وفد طبي تونسي عالي المستوى.. هذا الوفد يبحث عن جذب السياحة الطبية السودانية.. الزيارة جاءت بمبادرة من سفيرنا الهمام في تونس العبيد مروح.. الآن السودان يرفد دولاً بعيدة بملايين الدولارات تحت بند البحث عن عافية الأبدان.. دول بعيدة كالهند وروسيا صارت قبلة علاجية للسودانيين.. التوانسة يستثمرون في الفراغ المصري، ويقدمون خدمة معززة بالضمانات، ومحمية بالخبرة الطبية الطويلة ذات النكهة الفرنسية.. في هذا المناخ ستوفر الخطوط التونسية رحلة مباشرة للخرطوم.. بعد العلاج يتمتع الناس بالنظر الى مفاتن تونس ومعالمها السياحية.
في تقديري إن على مصر أن تراجع حساباتها في ملف السودان.. مصر الآن تصرف من رصيدها الشعبي في قلوب السودانيين بإهمال متعمد.. يتم التعامل بغلظة مع أهل حلايب.. الدبلوماسية المصرية تسير على خط معاكس لأختها السودانية.. حتى الذين يحبون مصر من أهل السودان فقدوا كل أسلحتهم بسبب هذه السياسة الحمقاء قصيرة النظر.
بصراحة..لا أتوقع أن تُصوّب مصر سياستها نحو الشعب السوداني قريباً..هنالك مراكز قوى جديدة ومتسلطة في حكومة السيسي تنظر للسودان بمعزل عن التاريخ والجغرافيا.. هذه المراكز تستخدم الجرافات في تخريب المسار الضارب في عمق التاريخ.

assayha